تعتبر عاصمة الأوراس باتنة، من بين أكثر الولايات الجزائرية التي تشهد يوميا العشرات من حوادث المرور الأليمة، بسبب السرعة المفرطة للسائقين وعدم احترام إشارات المرور، حسب ما أكده لنا قائد المجموعة الولائية للدرك الوطني بباتنة، المقدم صداق عبد القادر. هذا ما دفع بأغلب بلديات الولاية باتنة، إلى التفكير في حلول للتقليل من الحوادث خاصة تلك التي تقع بالقرب من المؤسسات التربوية والمرافق العمومية الأخرى لتكون الممهلات الحل الوحيد لذلك، حيث تعتبر 90 بالمائة منها مخالفة لكل الشروط القانونية والتقنية الخاصة بوضعها على مستوى الطرق، حسب أغلب المواطنين الذين تحدثنا إليهم بهذا الخصوص، لدرجة أننا أصبحنا نستفيق بين الحين والآخر على وود مهلات «جبلية» بطرقنا الوطنية والولائية وحتى البلدية ودون سابق إنذار. أصبح مطلب إنجاز أو «بناء»، «ممهلات» وهو التعبير الأصح مرادفا لأغلب الحركات الاحتجاجية بولاية باتنة، حيث لا يكاد المار على طرقات ولاية باتنة خاصة المتواجدة بوسط البلديات دون أن يشاهد العشرات من الممهلات غير القانونية والمطابقة للمقاييس المطلوبة والمواصفات التقنية المعمول بها وهو ما يؤدي إلى استغراق مدة أطول للوصول إلى الوجهة المقصودة، بالإضافة إلى تسببها في اهتراء المركبات بسرعة، خاصة وأن فترة الصيف تعرف حركة كبيرة على مستوى حركة النقل. يشتكي أغلب أميار ولاية باتنة، من الضغوط الكبيرة التي يمارسها عليهم السكان من خلال الاحتجاجات وغلق الطرق للمطالبة بوضع الممهلات في كل الأحياء السكنية بحجج كثيرة منها إجبار السائقين على خفض السرعة، غير أن كثرتها وتسببها في مشاكل تقنية لسياراتهم سرعان ما دفعت نفس المواطنين المحتجين إلى المطالبة بنزعها، حيث أصبح تنظيم «ظاهرة» الممهلات بالولاية ضرورة حتمية، خاصة بعد الانتشار الكبير لها، والأخطار الحقيقية الناجمة عن إنجازها بشكل عشوائي، حيث تلجأ البلديات بصفتها المعنية قانونا بإنجازها إلى وضع ممهلات تحت ضغط الشارع وعقب كل حركة احتجاجية للمواطنين، خاصة بعد تسجيل حوادث مرورية، وهو ما وقفت عليه «الشعب» في جولتها الاستطلاعية، حيث اكتشفنا حقيقة «مرة» تتمثل في إنجاز ممهلات بطرق تتنافى والمعايير التقنية المطلوبة في المجال، خاصة وأن أغلبها أنجز بمادة الإسمنت وبأشكال وأحجام متفاوتة زادت من فوضى النقل وألحقت أضرارا كبيرة بالسيارات حسب بعض السائقين الذين تحدثنا إليهم في بعض محطات النقل بباتنة، والذين أكّدوا لنا أن كل البلديات بولاية باتنة تتوفر على مصالح تقنية مهمتها تتمثل في التكفل بمثل هذه المشاكل، وكان من المفروض أن تعمل بالتنسيق مع فروع ومصالح الأشغال العمومية لمساعدتها على وضع الممهلات بطرق قانونية وبمواصفات تضع حدا لسياسة «الترقيع» التي تتسبب في حوادث المرور. وجد عديد سكان باتنة، خاصة القاطنين بالبلديات النائية أو الذين تمرّ بعض الطرق الولائية والوطنية على سكناتهم من الحركات الاحتجاجية وشلّ حركة النقل على مستوى تلك الطرق باتنة، الحل الوحيد للفت الانتباه والتعبير عن استيائهم من المشاكل التي يتعرضون لها دون تدخل الجهات الوصية، لوضع حدّ لتجاوزات عشرات السائقين الذين تسببوا في عديد الحوادث المرورية القاتلة والتي راح ضحيتها أبناؤهم سواء المتمدرسين أو الذين كانوا بجوار سكناتهم يلعبون، ولكن السرعة المفرطة وغياب الممهلات أزهق أرواحهم، خاصة تلك الطرق المتواجدة بالقرب من سكناتهم والتي تشهد كثافة مرورية، أو المجاورة للمؤسسات التعليمية، حيث وبعد تماطل السلطات المحلية، أخذ بعض السكان على عاتقهم المبادرة بحماية حياة أبنائهم، من خلال وضع ممهلات غير شرعية وبطريقة عشوائية وهو ما يفسر حالة الفوضى التي تشهدها طرق باتنة، فكل من يمر يلاحظ تلك الهضاب الواسعة والجبال العالية من ‘'الدودانات»، ورغم اعتراف السكان بعدم قانونية وصلاحية هذه الممهلات، إلا أنهم أكدوا لنا أن اللجوء إليها كان آخر الحلول حفاظا على أبنائهم من تهور السائقين. أكد لنا أحد المختصين أن الشروط التقنية اللازمة لإنجاز ممهلات هي أن يتجاوز ارتفاعها ال10سنتيمتر ويمتد نفس العلو إلى عرض لا يتجاور مترا واحدا، كما تلعب المواد المستعملة في إنجازها دورا هاما لفاعليتها في الميدان، فالمطاط والمواد البلاستيكية الصلبة ضرورية لصناعة ممهلات بلاستيكية من النوع الرفيع تجنبا للمشاكل المترتبة عن الممهلات الكلاسيكية التي أثبتت فشلها في عديد المرات. أكدت مصادر رسمية لجريدة «الشعب» من مديرية الأشغال العمومية أن مسألة وضع الممهلات وعدمها من الصلاحيات الحصرية للوالي، حيث تتكفّل لجنة تقنية تشكّل على مستوى كل ولاية ويرأسها الوالي أو أحد ممثليه بالإضافة إلى ممثلين عن مديريات كل من النقل، الأشغال العمومية والسكن، إلى جانب ممثل عن الأمن الوطني، الدرك ورئيس البلدية، بدراسة وضع الممهلات وإقرارها، كما تقرّر نفس اللجنة إزالة الممهل إذا أصبح سبب وجوده غير مجدي، أو لتحسين حركة النقل، وهذا ما يتنافى مع الموجود في الواقع. بلدية باتنة تشكل الاستثناء حرص رئيس بلدية باتنة عبد الكريم ماروك منذ انتخابه على رأس البلدية على تحقيق مجموعة من الأولويات بالمشاركة والتنسيق مع لجان الأحياء وممثلي المجتمع المدني، على غرار إعادة الاعتبار لطرق بلدية باتنة، من خلال رصد أغلفة مالية معتبرة لتهيئتها وتوسيعها وانجاز ممهلات عصرية وقانونية تتماشي وكثافة الحركة المرورية بطرق مدينة باتنة. وقد أكد لنا عبد الكريم ماروك أن سلامة وحياة التلاميذ في المدارس أمر غير قابل للنقاش الأمر الذي يحتم وضع الممهلات بالقرب من المدارس والمرافق العمومية التي تشهد كثافة وإقبال كبير للمواطنين، والممهلات بباتنة تنجز باستشارة لجان الأحياء وبعد موافقتهم في إطار تجسيد تعليمات وزارة الداخلية المتعلقة بالديمقراطية التشاركية. كما تخصص البلديات مبالغ مالية معتبرة لتهيئة الطرق، وأكد محدثنا على أهمية التوعية والتحسيس بضرورة احترام حقّ الراجلين.