تحت سفح جبل حمام سيدي الحاج ببلدية جمورة، 45 كلم شمال بسكرة، شيّد مصنع الإسمنت «سيلاس»، وفق شراكة استراتيجية بين لافارج هولسيم والمجمع الصناعي سواكري، غايتها تزويد السوق الوطنية بمنتوج نوعي وسعر تنافسي يعول عليه في كسر مضاربة متفشية في مختلف القطاعات ترهن النمو وتعيق وتيرة التطور والبناء. إرادة قوية وجدناها لدى مسؤولي المصنع الملتزمين بالذهاب إلى الأبعد في معركة النوعية والتحدي الاقتصادي تجاوبا والسياسة الوطنية في تنويع مصادر الدخل بالرهان على بدائل المحروقات التي يعد مصنع الإسمنت» سيلاس» تجربة مرجعية في هذا المجال. إنها وضعية رصدتها «الشعب» يوم الخميس، في زيارة موجهة للشركاء والإعلاميين لإطلاعهم على وتيرة تقدم أشغال المشروع التاريخي الذي يدخل الخدمة شهر جويلية الداخل. قال عبد النور سواكري، رئيس المجمع الصناعي، الذي يمتلك 51 من المائة من أسهم «سيلاس» ل «الشعب»، إن مصنع الإسمنت الذي تطلب استثمار 35 مليار دينار، وينتج 2.7 مليون طن من المادة الأساسية في البناء، ويوفر 640 منصب عمل دائم، هو أكبر إنجاز، لأنه يحمل الأمل في حل مشكل التزود بالإسمنت بصفة نهائية بالجزائر ويزيل كابوس المضاربة والتلاعب بالأسعار والنوعية التي أرهقت المواطن وجعلته يستاءل بلا توقف ماذا بعد؟ هل الانفراج قريب؟ وأضاف عبد النور، أن المصنع مفخرة الجزائر بسبب المواصفات التي اعتمدها والتكنولوجيا المتطورة التي يوظفها ونسبة الاندماج الكبيرة التي يوظفها، بالارتكاز على الكفاءات المحلية، خريجة الجامعة، التي استفادت من تكوين بالخارج مدة سنتين قبل أن تتولى مهام التسيير والتنظيم. مصنع «سيلاس»، الذي يساهم في تقليص واردات الإسمنت ب50 من المائة ومزود بآخر التكنولوجيا ضد التلوث وتجهيزات لتطهير الماء وإعادة استغلاله، يستفيد من خط السكك الحديدية التي تدخل الخدمة العام 2017، الممتد من بسكرة إلى عنابة لتزويد الجهة الشرقية بالإسمنت قبل توسعها جنوبا إلى ولايتي إليزي وتمنراست. «هدفنا تزويد الزبون والمواطن بالإسمنت مباشرة دون تركه أسر الانتظار في الطوابير الممللة وطرق الأبواب وتلقي الكلام الحارق: عُدْ غدا». هكذا قال نسيم رحماني، المدير التجاري، عارضا استراتيجية المصنع وتجاوبه الدائم مع كل طلب ملح ومتغير لا يتوقف. محمد بلمهدي، رئيس مجلس المديرين، دعم هذا الطرح قائلا، إن أكبر رهان المصنع وتحدياته اعتماده على موارد بشرية كفأة تتلقى التكوين المتواصل وتخضع لتربصات كلما استدعت الحاجة والضرورة، وتوظيفه لتكنولوجيا مقتصدة للغاز والكهرباء ب20 من المائة و35 من المائة وتجسيده لنظام وقاية وأمان وصحة إلى أبعد الحدود. وقال بلمهدي، إن المصنع التي شرع في إنتاج 55 مليون طن بناء على رخص استثنائية من والي بسكرة، استجابة لطلب السوق، أبرم عقود توظيف مع مركز التكوين المهني والوكالة الوطنية للتشغيل لامتصاص البطالة التي تراجعت نسبها ببسكرة نتيجة الحركية الاقتصادية الكبيرة. من جهته أثنى مدير المشروع ديدي ميشال، على مصنع «سيلاس» الذي بلغت وتيرة تقدم الأشغال به، التي تتولاها الشركة الصينية «سيتوما»، نسبة 94 من المائة، قائلا «إنه إنجاز تاريخي تم في ظرف 18 شهرا، ساهمت في تمويله مجموعة مصرفية من 8 بنوك، تتقدمهم الفرنسية «الشركة العامة». حماية البيئة أولوية قصوى مداخلات وتصريحات توقفنا عندها بعين المكان، تبرز أهمية مصنع «سيلاس» الذي جاء للمساهمة في الحركية الاقتصادية ببسكرة «ألدورادو» الفلاحة والسياحة. لهذا أخذ معمل الإسمنت في الحسبان الجانب البيئي ووضعه في صلب الاهتمام، من خلال وضع مصفاة عملاقة تحدّ من التلوث وحرق كل النفايات في أفران عملاقة تتخذ كطاقة هائلة بدل الكهرباء والغاز، وإحاطة «سيلاس» ببساتين النخيل لإعطاء المكان اخضرارا ومنظرا جميلا. وهي تجربة اعتمدت في المسيلة، حيث زرعت أشجار الزيتون حول المصنع، أضفت على المحيط منظرا بهيجا يسر من يراه ويبعد عنه الصورة البئيسة التي ألفناها في أكثر من معمل إسمنت بالجزائر العميقة.