عرفت سلطة ضبط السمعي البصري، أمس، بعثها من جديد على ضوء تنصيب رئيسها ومجموع أعضائها بهدف أداء دورها كمنظم للمجال السمعي البصري الجزائري ووضع حدّ “للفوضى” السائدة في هذا القطاع. تعتبر سلطة ضبط السمعي البصري هيئة أقرّها القانون المتعلق بالنشاط السمعي البصري المصادق عليه من طرف البرلمان سنة 2014 قصد ضبط هذا المجال في الجزائر وتعزيز مهمة الخدمة العمومية. غير أنه ولحد الآن، حققت هذه السلطة، التي سبق وأن عين على رأسها ميلود شرفي قبل تعيينه سيناتورا في الثلث الرئاسي، حصيلة “متباينة”، بحسب مهنيي القطاع. فقد كانت سلطة ضبط السمعي البصري هيئة “شكلية” غير قادرة على اتخاذ قرارات صارمة، بحيث تكتفي بتوجيه “تحذيرات بسيطة” لا تتبعها أي نتيجة ملموسة. كما أن شغور المناصب في سلطة ضبط السمعي البصري دام إلى حدّ دفَع بالوزير الأول عبد المالك سلال إلى التصريح، شهر ماي المنصرم، بأن الحكومة كلفت وزير الاتصال بتطهير مجال السمعي- البصري “في أقرب الآجال”، في انتظار تعيين أعضائها خلال الأسابيع القادمة. وبعد تنصيبهم في وظائفهم سيعكف الأعضاء 9 على تنفيذ مهام هذه المؤسسة، لاسيما السهر على حرية ممارسة النشاط السمعي البصري وفق الشروط التي يحددها التشريع والتنظيم المعمول بهما وعلى حياد الأشخاص المعنويين التي تستغل خدمات الاتصال السمعي البصري التابعة للقطاع العام وعلى ضمان الموضوعية والشفافية بموجب القانون. يعين الأعضاء 9 لسلطة ضبط السمعي البصري بمرسوم رئاسي بحيث يعين رئيس الجمهورية خمسة أعضاء، بينهم الرئيس وعضوان اثنان غير برلمانيين يقترحهما رئيس مجلس الأمة وعضوان اثنان آخران غير برلمانيين يقترحهما رئيس المجلس الشعبي الوطني. وفي مجال الرقابة، يجب على هذه السلطة أيضا السهر على مطابقة أي برنامج سمعي- بصري، أيّا كانت دعامة بثه، للقوانين والتنظيمات السارية وضمان احترام الحد أدنى للحصص المخصصة للإنتاج السمعي البصري الوطني والتعبير باللغات الوطنية. كما يتعين عليها أن تراقب “بكل الوسائل الملائمة”، موضوع ومضمون وكيفيات برمجة الحصص الإشهارية. وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، قد أكد في رسالة بمناسبة إحياء اليوم العالمي لحرية الصحافة المصادف ل3 من شهر ماي من كل سنة، أن هذا القطاع سيزداد قوة بانطلاق سلطة الضبط السمعي - البصري وتنصيب مجلس أخلاقيات المهنة وأدابها. وقال رئيس الجمهورية، “ولا شك أن هذا القطاع سيزداد قوة بانطلاق سلطة الضبط السمعي البصري لتصبح أحد الروافد التي تدعم النشاط الإعلامي وفق الشروط والقواعد المهنية المطابقة للقانون”. في هذا الصدد، أكد الوزير الأول عبد المالك سلال، مؤخرا، أن إرادة الحكومة في تطوير هذا القطاع “صادقة وكاملة وذلك في محيط نظيف في ظل احترام القانون وأخلاقيات المهنة”. وتأسف سلال لما وصفه ب “تلوث” الجهود التي بذلها أغلبية الفاعلين من أجل تلفزيون جزائري متعدد ومتنوع ومبدع من طرف “قلة لا يحركها إلا الجشع”. وبهدف وضع حد ل “اللاإستقرار” و«الفوضى” اللتين تميزان القطاع، أكد سلال أنه “تم وضع آلية للمتعاملين الراغبين في تقديم خدمات سمعية بصرية على أساس دفتر شروط “يحدد بوضوح الحقوق والواجبات”. وأوضح في هذا الإطار، أن “كل القنوات التي ستلتزم ببنود هذا الدفتر ستعتمد كقنوات جزائرية تستفيد من الدعم والتشجيع الذي ينص عليه القانون”، مشيرا إلى أن “تلك التي ستخالفه ستمنع من النشاط في الجزائر”. وأكد سلال أن “الأمر لا يتعلق بالتراجع عن فتح المجال السمعي البصري وإنما بتنظيم نشاط، على غرار ما يتم في كل دول العالم، وهو المسعى الذي يرمي إلى الحفاظ على الأخلاق بالبلد”. كما تأسف الوزير الأول، كون “بعض القنوات تمارس الإشهار الكاذب وانتهاك الحياة الخاصة والمساس بالشرف والتضليل وما هو أخطر من ضرب توازن المجتمع الجزائري، باستعمال الكراهية والجهوية والفتنة”.