تنتظر الأسرة الإعلامية بشغف كبير تعديل قانون إعلام 0790 الذي مر على إصداره 19 سنة كاملة وتعرض خلال مختلف مراحله إلى العديد من الهزات والاختلالات أثرت على السير الحسن لممارسة مهنة الإعلام ،وقد تعالت الكثير من الأصوات الداعية لمراجعة القانون الذي سمح للصحافة الخاصة أو المستقلة بالظهور،ويظهر أن الظرف الحالي هو أحسن مرحلة لإصدار القانون الجديد. كشف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة أداء اليمين الدستورية أو في الكلمة التي بعث بها للأسرة الإعلامية بأنه يعول كثيرا على الصحافة لمحاربة الانحرافات والفساد وقال الرئيس"ستحظى حرية الصحافة التي هي جزء من أساسي من مشروعنا الديمقراطي بالاحترام التام بحيث تبقى الدولة حريصة على تسهيل ممارسة وتطور المهنة أكثر فأكثر وعلى كافة الأصعدة " وتعكس تصريحات القاضي الأول في البلاد عن رغبة السلطة في تعديل مختلف القوانين والتشريعات التي تحكم الأسرة الإعلامية في الجزائر وخاصة على مستوى قانون إعلام 0790 الذي جمدت فيه العديد من المواد كما تم إلغاء مواد أخرى. فالساحة الإعلامية التي كان يسيرها المجلس الأعلى للإعلام المتكون من مهنيين وممثلين عن الإدارة تم حله في أكتوبر 1993 دون خلافته بمجلس أو هيئة أخرى تسد الفراغ الرهيب الذي تركه المجلس حيث كان سلطة ضبط حقيقية. ومن المواد التي لم تجد الطريق إلى التطبيق المادة 57 التي تتضمن فتح المجال السمعي البصري أمام الخواص حيث تعرف هذه المادة جدل كبير حول تطبيقها فالفريق الأول الذي انضم إليه حمراوي حبيب شوقي يؤكد أهمية فتح المجال أمام الخواص لتطوير السمعي ونشر وإسماع مواقف الجزائر تجاه مختلف القضايا العالمية في حين يرى البعض الآخر التريث أكثر على غرار الوزير الأول السيد احمد اويحيي حيث اعتبر قضية فتح المجال السمعي البصري قضية شائكة لأن استغلال هذا النوع من وسائل الإعلام من قبل الدول الامبريالية لإحداث الفتن يفرض علينا التريث وتمهيد اّلأرضية قبل الدخول فيها. وبرز فريق آخر تحدث عن ضرورة وضع دفتر شروط لفتح المجال السمعي البصري لتفادي تجربة الخليفة التي أحدثت فوضى وتشويش كبيرين في بلادنا حيث يتذكر الجميع ما حدث في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية 2004 حيث تعدت التجاوزات كل التوقعات وأظهرت خطورة السمعي البصري على سيادة الدول وما حدث في فنزويلا قبل سنوات إلا دليل على حساسية مكانة الإعلام حيث استغلت الولاياتالمتحدةالأمريكية بعض القنوات السمعية البصرية للتأثير على الرأي العام الفنزويلي للانقلاب على الرئيس الفنزويلي ايقو شافيز لكنها باءت بالفشل. تشريعات الإشهار وسبر الآراء ستنظم المهنة أكثر. وبالإضافة إلى فتح المجال السمعي البصري يبقى إصدار قانونا للإشهار وآخر للسمعي البصري حتمية لدعم مهنة الصحافة فالإشهار الذي يعتبر عصب الصحافة وشريانها الحيوي لضمان بقائها والذي بلغ 600 مليار سنتيم في السوق الوطنية تبقى تحكمه الكثير من التناقضات فبين العمومي والخاص ومختلف الوكالات الخاصة التي تنشط فيه توجد العديد من النقاط الغامضة والتي تحتاج للضبط والتنظيم. في حين يبقى سبر الآراء في الجزائر بدون تشريعات وهو ما فوت علينا العديد من الاستثمارات والخدمات التي من شانها أن تنشط المجالات السياسية والثقافية وحتى الاقتصادية والاجتماعية من خلال عمليات سبر الآراء التي تعتبر كذلك نافذة للعالم الخارجي لمعرفة ميولات وتوجهات الرأي العام الوطني. وفي ظل غياب عمليات سبر آراء وطنية تحتكر مختلف مراكز سبر الآراء العالمية الساحة وتقوم بإجراء دراسات وتقارير تخصنا وتلقى تلك العمليات صدى كبير في مختلف وسائل الإعلام العالمية وتستغلها للضغط والمساومة وتسويد أوضاع الدول وتحسين صورتها وهو ما يحتم علينا التحرك لتدارك النقائص. وتحتاج الساحة الإعلامية الوطنية إلى تفعيل مجلس أخلاقيات المهنة الذي أنشا في سنة 2000 من أجل تنقية الساحة الإعلامية من مختلف سلوكات القذف والسب والشتم وفرض سلطة معنوية مهنية ترتقي بالعمل الإعلامي وتجعله في خدمة المصلحة العليا للوطن والتخلص من الدعاة لنشر علاقة صراع بين السلطة التنفيذية والسلطة الرابعة وهو ما أدى متابعات قضائية كثيرة استغلتها بعض الدوائر الأجنبية لتسويد واقع الحريات في بلادنا.