شكل موضوع “أخلاقيات الإعلام: مظاهر الاختلال ووسائل الحماية” محور محاضرة الندوة التكوينية التي نشطها، أمس، الأستاذ الدكتور فضيل دليو عميد كلية الإعلام والاتصال بجامعة قسنطينة-3، حيث توقف عند أهم المحاور الكبرى التي تواجه الصحافي والوسيلة الإعلامية، على حد سواء، في تقديم إنتاج وفقا للمعايير المهنية، مؤكدا أن الاختلال لن يزول نهائيا مادام العالم يعيش حالة صراع. الحديث عن أخلاقيات الإعلام يشكل اليوم أحد أكبر الرهانات التي تواجه وسائل الاتصال الجماهيرية في نظر الخبراء والدارسين للإعلام، حيث لم يعد الصحافيون يتحكمون في تحريرهم للمضامين الموجهة للجمهور، سواء كان قارئا أو مستمعا أو مشاهدا، وهو ما ذكره الدكتور فضيل دليو. وبحسب الباحث دليو، الذي نشط ندوة نظمتها وزارة الاتصال، أشرف عليها وزير القطاع حميد ڤرين، بالمدرسة الوطنية العليا للصحافة، أمس، بالعاصمة، فإن وسائل الإعلام لم تعد تتحكم في المادة الإعلامية الموجهة للجمهور، متأسفا لطغيان عنصر الإثارة في أغلب التغطيات، لاسيما ما تعلق بالجريمة والعنف. وفي رده على أسئلة “الشعب”، حول كيفية تعاطي وسائل الإعلام مع أخبار العنف والجريمة ومدى التوفيق بين الخط الافتتاحي وإرضاء الجمهور في ظل ممارسات حارس البوابة بالقطاع العام، أكد دليو أن المؤسسات الإعلامية يجب أن تتحلى بالحس القومي وتخدم مصلحة بلادها، بدل الخوض في مسائل تغطية العنف بأسلوب التهويل والإثارة على حساب المتلقي. وذكر الدكتور دليو أن هناك تجاوزات خطرة تسجلها القنوات الفضائية الخاصة والصحافة لدى معالجتها أخبار العنف والجريمة، مشيرا إلى أن الحرية المطلقة غير موجودة في الإعلام ولكن الأساس هو طرح الرأي والرأي الآخر وهذا عنصر يكاد يكون غائبا تماما في فضائياتنا التي تعرف اختلالا واضحا في مضامينها. وبرأي الباحث، فإن الموضوعية هي تحقيق توافق بين الرأي والرأي الآخر وليس الحياد، مؤكدا أنه لا توجد موضوعية مطلقة في مجال الإعلام، معتبرا أن الاتصال الجماهيري في الجزائر يعرف مرحلة انتقالية تعرف بعض الاختلال، الذي يجب مواجهته بوسائل حماية من خلال تنصيب مجالس محلية لضبط وسائل الإعلام وتفادي التوظيف السياسي وفرض رقابة لتنظيم القطاع. ويظهر الاختلال في وسائل الإعلام التي تطرق إليها الدكتور دليو، في لغة البذاءة والعنف واستغلال سلبية الجمهور وكذا التضليل الإعلامي الذي تمارسه الوسائل الإعلامية. مضيفا، أن التوظيف السياسي ومسألة المؤامرة والفساد وانتهاك الحياة الخاصة للمواطنين وكذا التركيز على المرأة والطفل باعتبارهما هدفين إعلاميين، هي مظاهر متجلية للاختلال. ودعا الباحث إلى عدم تبني التصور الغربي بخصوص الإعلام أو إنشاء مجالس إعلامية، حيث أن التصور في بلادنا يختلف من وجهة الدين والعرق والعادات التي تتعارض مع بعض القوانين الغربية، مؤكدا أن الاختلالات لن تزول نهائيا، لأنها تدخل في إطار الصراع الحاصل الذي يترجم الواقع السياسي والاجتماعي.