مساندة القضيتين الفلسطينية والصحراوية مبدأ غير قابل للمساومة أكد المشاركون في الملتقى الدولي “مساهمة الجزائر في تصفية الاستعمار بإفريقيا”، أمس، على الدور الرئيسي الذي لعبته الجزائر خلال ثورة التحرير أو بعد الاستقلال، في مساندة حركات التحرر في أفريقيا خصوصا والعالم عموما، على غرار القضيتين الفلسطينية والصحراوية. وقالوا في الملتقى الذي حضره بحضور وزيري الخارجية والمجاهدين لعمامرة وزيتوني بفندق الأوراسي إن هذا الدور الريادي امتد إلى التنمية المستدامة ومحاربة الفقر والأمية في القارة السمراء. التفاصيل تنقلها “الشعب” في الملتقى الذي يختتم اليوم. قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة إن الجزائر كانت القلب النابض في ملحمة تحرير القارة الأفريقية. واعتبر الملتقى مناسبة لإحياء مواقف الأخوة والتضامن الإفريقيين “في وقت نحن في أمس الحاجة إلى توطيد هذه الروابط كركيزة لتحقيق تعاون وتكامل اقتصادي حقيقي يستجيب لتطلعات شعوبنا لمستقبل زاهر”. وأضاف لعمامرة بأن المناضلين الأحرار وجدوا في الجزائر الملجأ الآمن، أمثال نيلسون مانديلا وموغابي ونيتو وأميلكار كابرال وغيرهم، الذي أطلق على الجزائر اسم “مكة الثوار”.. “الجميع يقاسمني القناعة بأن عظمة الثورة الجزائرية وعدالة القضايا التي ساندتها جعلت منها مصدر إلهام لكل الشعوب التواقة للحرية”، يقول وزير الخارجية، مذكّرا بمساهمة الجزائر في تكوين مسؤولين فجروا الثورة الفلسطينية على غرار المرحوم أبو جهاد، إلى جانب أبطال تلقوا تكوينهم العسكري بالجزائر مثل القائدين الصحراويين الولي مصطفى ومحمد عبد العزيز. وذكّر لعمامرة بمظاهرات 11 ديسمبر ودورها في تكريس مبدأ تقرير المصير بالأمم المتحدة من خلال اللائحة 1514، كما ذكر بجهود رئيس الجمهورية في مختلف القضايا مثل مناهضة الأبارتيد ومساندة القضية الصحراوية والقضية الفلسطينية. ولما كان التاسع والعشرين نوفمبر يصادف يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، جدد لعمامرة دعم الجزائر إلى أن يسترجع هذا الشعب كامل حقوقه وعلى رأسها الحق في إقامة دولة فلسطينية. ولم تتوقف مساعي الجزائر عند هذا الحد، بل تعدتها إلى دعم التنمية المستدامة ومحاربة المرض والفقر والأمية في إفريقيا، وهو ما كرسته مبادرة نيباد، إلى جانب مبادرة رئيس الجمهورية بتخفيف العبء على الدول الأفريقية بإلغاء مديونيتها، كما تحدث عن إمكانيات التعاون والاندماج بناء على تاريخ مشترك وانطلاقا من قيم التحرر والتضامن. وفي هذا السياق، أشار لعمامرة إلى تنظيم تظاهرة اقتصادية إفريقية من 3 إلى 5 ديسمبر الداخل، بحضور مئات المتعاملين الاقتصاديين من الجزائر والدول الإفريقية، وذلك لاستعراض إمكانيات التعاون وبحث فرص الشراكة. من جهته، اعتبر وزير المجاهدين الطيب زيتوني أن الملتقى يأتي في إطار مواصلة للاحتفالات المخلدة للذكرى 62 لثورة نوفمبر التي عبدت طريق الحرية لكل الشعوب الإفريقية التي يشهد التاريخ أنها لم تستلم للبطش والتقتيل الذي سلط عليها. كما أكد الوزير على ضرورة استكمال تصفية الاستعمار لا سيما في الصحراء الغربية آخر مستعمرة في إفريقيا، مشددا على أن الجزائر تعمل على تكريس الأمن والسلم في القارة والدفاع عن انشغالاتها، والقضاء على أسباب النزاعات بالحوار. وحملت الجلسة الأولى من الملتقى عنوان “الثورة الجزائرية وإفريقيا: إضاءات من التاريخ والذاكرة”، قدم فيها أ.د عامر رخيلة محاضرة عن “البعد الإفريقي في مواثيق الثورة الجزائرية وأدبياتها”، قال فيها إن علاقات الجزائر بالشعوب الإفريقية عريقة، وتعرض الجزائر لاستعمار استيطاني جمد هذه العلاقات لم يحل دون إدراك الحركة الوطنية لهذا البعد الإفريقي، وعلى سبيل المثال، جاء في وثيقة الصومام القضاء بصفة نهائية على النظام الاستعماري البغيض الذي يحول دون الرقي والسلم. أما المحاضرة الثانية فحملت عنوان “الثورة الجزائرية وتأثيرها على الوعي الإفريقي”، قدّمها البروفيسور هارون الرشيد عزيز وهو باحث وكاتب من بريتوريا بجنوب إفريقيا، تطرق فيها إلى البسيكولوجيا السوسيوسياسية عند فرانز فانون، وقارن ما جاء به فانون مع الأنثروبولوجي الكوبي فرناندو أورتيز حول مراحل الإمبريالية الاستعمارية. وقال إن ما يجعل فانون فريدا من نوعه، هو إضافته للعملية البسيكولوجية في دراسة العملية التاريخية، كما اكتشف أن القمع هو سبب إضافي للاضطرابات النفسية في الجزائر وهو صالح لكل القارة الإفريقية. وأعطى المحاضر لمحة عن الدول التي استفادت مباشرة من الثورة الجزائرية في مسيرتها التحررية. وتوالت الشهادات فيما بعد، قدمها عبد الحكيم جمال عبد الناصر، نجل الرئيس المصري الراحل، وعقيلة الدكتور أغوستينو نيتو المقاتل من أجل حرية أنغولا وأول رئيس لها، التي أكدت على دعم الراحل فيدال كاسترو وعلى أن الجزائر كانت من البلدان الأولى التي ساعدت البلدان المكافحة لاستقلالها. ومن أنغولا أيضا حضر باولو لارا الذي قدم شهادة عن نضال والده ولقائه برضا مالك وفرانز فانون. وعلى هامش الملتقى، صرح السفير الصحراوي بوشاراية حمودي سيدينا بأن المغرب بات يعاني عزلة ملموسة إفريقيا ودوليا، والسبب عدم قبوله بالشرعية الدولية، وما خطوته الأخيرة في القمة الإفريقية العربية إلا دليل على ذلك.