قُدرت صادرات الجزائر خلال الشهور السبعة الأخيرة ب 695,24 مليار دولار، بدل 369,47 مليار لنفس الحقبة من العام الماضي، مسجلة انخفاضا محسوسا نسبته 87,47 في المائة. وعكس ذلك، عرفت الواردات ارتفاعا ملحوظا، بالغةً 246,23 مليار دولار، مقابل 516,22 مليار دولار سنة .2008 وقدرت نسبة الزيادة ب 24,3 في المائة حسب المركز الوطني للإحصاء والإعلام الآلي التابع للجمارك. وسجل الميزان التجاري في هذا المجال فائضا ب 449,1 مليار دولار، مقابل 516,24 مليار دولار لذات الفترة السابقة. ويفسر تراجع الصادرات التي تحتل فيها المحروقات السيطرة شبه المطلقة، بانخفاض أسعار البترول إلى مستوى أدنى، مقارنة بالمرحلة السابقة التي عرفت انتعاشا كبيرا بفعل تزايد الطلب العالمي على الطاقة، والنزاعات الساخنة في أكثر من منطقة منتجة لهذه المادة الحيوية يتصدرها الشرق الأوسط. ومن خلال القراءة المتأنية للأرقام، تطرأ جملة من الملاحظات تعطي صورة حقيقية عن حركة التجارة الخارجية في الجزائر، الثابت فيها والمتغير، نسردها على الشكل الآتي: أولا- بقاء المحروقات تتحكم في كل شيء، وتفرض نفسها بقوة على الصادرات الجزائرية، بنسبة 06,97 في المائة، مسجلة مبلغا إجماليا 97,23 مليار دولار. ثانيا- استمرار الصادرات خارج المحروقات في حالة الهشاشة و الندرة، رغم التحفيزات الممنوحة وآليات المرافقة والتشجيع. وقدرت ب 725 مليون دولار بنسبة هزيلة للغاية لا تتعدى 94,2 في المائة. وتحتل المواد نصف المصنعة أزيد من نصف التصدير خارج المحروقات مقدرة ب 461 مليون دولار. ثالثا- بقاء المواد الغذائية المصدرة في أدنى المراتب، مسجلة 75 مليون دولار، رغم ما قيل عن الوفرة الإنتاجية في القطاع الفلاحي الذي يمتص المبالغ الهائلة، و يراهن عليه في الخروج من الندرة إلى الفائض، ليس فقط لتلبية الحاجيات الوطنية، بل التصدير إلى أبعد الأفق، مستغلا نهاية الإكراهات الجبائية والجمركية، بتطبيق اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والانضمام إلى المناطق الحرة الأخرى العربية على سبيل المثال. ويبقى الأمل معلقا على التدابير الجديدة في السياسة الفلاحية وتجديد الريف. رابعا- تراجع فاتورة واردات المواد الغذائية الأساسية خلال شهر جويلية، مسجلة 297 مليار دولار، بعدما كانت في مستوى 649 مليون دولار. وسبب هذا الوفرة الداخلية التي سدت العجز الملحوظ، و إن كانت لم تبلغ الطموح والغاية المنتظرة : تأمين الأمن الغذائي للجزائر، والخروج الأبدي من الاتكالية على الخارج في التزود بالمواد الغذائية الأساسية. كما يفسر هذا التراجع بالتدابير التي اتخذت من أجل ترشيد النفقات، والتقليل قدر الممكن من الاستيراد الذي اقتربت فاتورته إجمالا من 40 مليار دولار. ويلاحظ في هذا الشأن، أن الانخفاض في فاتورة واردات المواد الغذائية، مست أساسيات الأشياء من حليب ومشتقاته، وحبوب ودقيق وطحين وسكر؛ وعلى سبيل المثال قدرت فاتورة الحليب ومشتقاته خلال جويلية الماضي 50 مليار دولار، بدل 130 مليون دولار لنفس الحقبة من السنة المنصرمة. وكلها مؤشرات إيجابية جديرة بالمتابعة والمرافقة، من أجل الإقلاع الاقتصادي، وتوديع حالات الندرة والكساد التي طبعت المؤسسات الجزائرية لسنوات طويلة وخرجت بعضها منها بشق الأنفس.