يضرب الشعب التونسي الشقيق اليوم موعدا مع التاريخ، في أكبر وأرقى عملية سياسية يمارس فيها حقه الدستوري بكل حرية وشفافية لإختيار الرجل الذي سيقود البلاد خلال السنوات ال 5 القادمة من ضمن أربعة مرشحين للرئاسيات، يتقدمهم الرئيس زين العابدين بن علي الذي ينافسه في السباق إلى قصر قرطاج كل من: السادة محمد أبو شيحة أمين حزب الوحدة الشعبية، أحمد الإينوبلي مرشح حزب الإتحاد الديمقراطي، أحمد إبراهيم مرشح حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا)، فيما سحب القيادي بالحزب التقدمي أحمد نجيب الشابي ترشحه. وإلى جانب الرئاسيات التي يراقبها المرصد الوطني للإنتخابات تجري الإنتخابات التشريعية لإختيار أعضاء مجلس النواب على مستوى 26 دائرة إنتخابية عبر التراب التونسي كله، علما أن الجالية التونسية في المهجر لا يحق لأفرادها الإدلاء بأصواتهم في التشريعيات. واستعدادا لهذا الحدث تفيد الأصداء الواردة من تونس أن سلطات هذا البلد سخرت كل الإمكانيات المادية والبشرية، ووفرت المناخ المناسب لإجراء الإنتخابات في أفضل الظروف الممكنة ضمانا لنجاحها بما ينسجم مع صورة تونس في الخارج، و التي تضاف إلى سلسلة النجاحات المحققة في عهد التحول منذ السابع نوفمبر,1987 والتي يعتز بها أبناؤها وبناتها. وتقام هذه الإنتخابات وسط أنباء عن حدوث انشقاقات وانقسامات في صفوف بعض الأطراف التي تنسب نفسها إلى المعارضة وتحالفات ضد الطبيعة وضد الحزب الحاكم: التجمع الدستوري الديمقراطي بهدف إضعافه. ويتقدم كل مترشح للإنتخابات الرئاسية ببرنامجه، غير أن برنامج زين العابدين بن علي يعتبر الأهم، كونه يستجيب لتطلعات الشعب ومقتضيات المرحلة القادمة، شعاره »معا نرفع التحديات«، كما أن هذا البرنامج الطموح و الواعد الذي يتضمن 24 محورا يؤسس لمجتمع تونسي حديث، مكوناته عماد مرحلة جديدة لتواصل تونس مسيرة الإصلاح والبناء، و إكمال ما تم إنجازه خلال العشريتين الماضيتين. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يكن لأحزاب المعارضة الحق في ترشيح من يمثلها ودخول سباق الرئاسيات، قبل عام 1999 إلا أن الدستور الصادر في 30 جوان من ذات السنة فتح باب الترشح للرئاسيات للتعددية الحزبية والمعارضة، وفي ذلك تكريس لمبدأ الديمقراطية، و قد تعزز حضور المعارضة في الإنتخابات التشريعية الثالثة في ذات العام بحصة 34 مقعدا، قبل أن ترتفع إلى 37 مقعدا في انتخابات 24 أكتوبر .2004 500 ألف شاب ينتخبون لأول مرة يمارس لأول مرة نحو 500 ألف شاب ممّن تصل أعمارهم 18 عاما يوم الإنتخاب حقهم الدستوري، بعد أن تمّ في أفريل الماضي التخفيض في سن الإقتراع (كان 20 سنة)وقبله التخفيض في سن الترشح لمجلس النواب (23 سنة، بدلا من 25 سنة)، علما بأن الترشح لعضوية المجلس المذكور بات حقا من حقوق كل مواطن لأمّ تونسية بعد التعديل الذي أدخل على الدستور في 27 أكتوبر .1997 و يتوقع أن تكون المشاركة في الإنتخابات الرئاسية مكثفة، ليبرهن الشعب التونسي من خلالها على مدى تعلقه برئيسه زين العادين بن علي، وذلك اعترافا وامتنانا منه لما قدّمه للبلاد وللمجتمع منذ الثورة البيضاء التي قادها، حيث حصدت تونس شهادات نجاحات إقتصادية وإجتماعية أهّلتها لاحتلال مراتب متقدمة في إفريقيا وخارجها. فقد صنف منتدى »دافوس« في تقريره السنوي: 2009 / 2010 تونس في المرتبة الأولى على مستوى القارة من حيث التنافسية الشاملة للإقتصاد، و 40 عالميا من جملة 133 بلدا شملها التصنيف، والمرتبة 16 عالميا على مستوى الثقة في القرارات السياسية، وال 18 في مجال تجنب المحاباة عند اتخاذ القرارات الحكومية، والمرتبة 55 عالميا في مجال استقرار الإقتصاد الكلي متقدمة ب 20 مرتبة مقارنة مع العام الماضي، وهو ما يؤكد صواب الخيارات التي تعتمدها تونس في مجالات عدة. غير أن هذه المكتسبات والإنجازات المحققة تبقى في حاجة أكيدة إلى تعزيزها بإجراءات وتدابير أخرى أكثر مرونة تقدم الإضافة في مجال الحريات الفردية، والعمل السياسي والنقابي.