دعا عبد القادر معروف رئيس المجلس الشعبي الولائي لوهران إلى الإكثار من لقاءات الذاكرة والندوات التاريخية بالتحديد بهدف تكثيف الحوار بين جيل الأمس القريب وجيل اليوم. كما أكد معروف على هامش منتدى الذاكرة الذي نظمته أمس جريدة الجمهورية تخليدا للمجاهد سويح الهواري، أول والي لوهران بعد الاستقلال على أهميّة أن تتحول مثل هذه التظاهرات إلى المؤسسات التربوية والجامعية وغيرها من الفضاءات الشبانية “ حتى لا تكون حكرا على فئة محددة وتعطي النتائج المرجوة”. تهدف هذه الندوة التي عرفت مشاركة قوية لشخصيات تاريخية وأسماء سياسية بارزة إلى تخليد ذكرى الراحل سويح الهواري والتعريف بخصاله النضالية والقيادية والإنسانية وإبراز الأثر الذي خلّفه في نفوس الأجيال الجزائرية عبر استحضار تجربته ومواقفه البطولية التي عرف بها بين أهله والمجاهدين والسياسيين وحتى بين جمعيات ومنظمات المجتمع المدني داخل وخارج الوطن. افتتح الملتقى بفيلم وثائقي يروي على لسان أفراد من أسرته ورجال عايشوه من عالم الفن والسياسة والتاريخ بعض خصال ومناقب المجاهد الراحل سويح الهواري، وكيف استطاع أن يتمسك بمبادئه وقيمه النبيلة من أجل المصلحة العامة للبلاد والعباد، فيما ترتكز الرسالة الأساسية على الاهتمام البالغ الذي توليه هذه الشخصية للشباب ونهضتهم ومساعيه الحميدة لإبراز دورهم مع تغليب كفة الأصالة والقوة فيها بعيدا عن التقليد الأعمى والتعصب. تحدث الشريط المصوّر سنة 1991 عن الفن الوهراني الأصيل ممثلا برواده وصانعيه ومواده الثقافية الراسخة بالذاكرة، ولعل من أبرزهم المرحوم أحمد وهبي وعبد القادر علولة وحيمور والزوبير ولطرش وفرحات، قبل أن يسجّل شهادات حيّة لمناضلين بمختلف انتماءاتهم السياسية وإيديولوجياتهم الذين أجمعوا على الدور البارز الذي لعبته الشخصية محور المنتدى في إظهار الصورة الحقيقية للجزائر طيلة مراحل نضالها وكفاحها، رغم الصعاب والعراقيل. كما تطرق الدكتور المحاضر بن قادة الصادق إلى الشجاعة والمواقف البطولية التي تحلى بها سويح الهواري في حياته سواء تعلقت بنضاله أو بمسؤولياته كأول والي بعد الاستقلال بوهران، ناهيك عن الكرم والجود وغيرها من الصفات الإنسانية، إضافة إلى قدرته العالية على “الحوصلة “وهي واحدة من أهمّ مكامن القوة فيه وسر نجاحه في كسب الرأي العام، ولا سيما بين الشباب الجزائري”. وأكّد بن قادة بالمناسبة على الدور البارز الذي لعبته الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني في الأمس القريب ومساعيهم للحفاظ على التاريخ والذاكرة الجماعية وإبرازها لجيل الشباب رغم حساسية تلك الفترة منوها في هذا السياق بالجمعية الجغرافية بوهران كونها كانت تجتهد في تنظيم الندوات التاريخية واللقاءات التي تجمع خيرة أبناء الجزائر، من بينها اليوم الدراسي حول حياة ومناقب سويح الهواري والذي تم عرض شطر منه خلال الفيلم المشار إليه سابقا. بدوره اعتبر المجاهد ورفيق دربه محمد دوبلة أن الرجل محور الندوة ينطلق في نضاله وسياسته من عقيدته القومية الإنسانية الديمقراطية، حيث ناضل من أجل الحرية والاستقلال في عصر العبودية والاستعمار ومن أجل السلام والأمن بعد الإنعتاق، لكن كان ما ميز حياته حبه للوطن ودفاعه المستميت على الجزائر والمغرب العربي والعروبة والإسلام. يقول دوبلة أنّه قضى معظم حياته في خدمة قضايا الوطن حتى آخر أنفاسه، وكان محيطا بكل النواحي الحياتية والخدمية والدينية والثقافية والسياسية والإصلاحية ومختلف المجالات الأخرى، مؤكّدا أن ذلك ينم عن حنكته وخبرته الكبيرة في ميكانيزمات اتخاذ القرارات وفي الخطاب والتسيير بالإضافة إلى تنمية الشخصية الإبداعية والفكرية والأخلاقية لديه من خلال القراءة والإنخراط في الجمعيات الخيرية بصفته مواطنا عاديا. وما جعله يرفع القبعة احتراما له أن الفقيد كان متواضعا وثقته كبيرة بالشباب، ما جعله يؤسس أول هيئة تنفيذية بوهران بعد الاستقلال، التي تعب في تكوينها وتشكيلها لعدة أسباب أهمها أن أغلب الشخصيات حينها كانوا مفرنسين لا يتقنون العربية، ناهيك عن الوضعية العامة التي كانت تعيشها ثاني أكبر مدن الجزائر حينها، وهو ما جعله يضيف نفس المتحدث يتخذ العديد من الإجراءات لعل من أبرزها التشجيع على التكوين المتواصل لإطارات الولاية.