استرجاع 54 طنا من النفايات أسبوعيا رهانات لخلق الثروة ومناصب شغل دائمة بدأت المشاريع الخاصة باسترجاع النفايات وإعادة تثمينها، تحقق ثمارها من خلال النشاطات التي أنشئت في إطار الاقتصاد الأخضر، واستطاعت عدة مؤسسات في ظرف وجيز أن تساهم في تخليص المحيط من النفايات وفي نفس الوقت إنشاء مناصب الشغل. تعد مؤسسة استرجاع المطاط «مابلاك»، عينة ونموذجا يقتدى به في تثمين هذا النوع من النفايات المضرة بالبيئة. تتواجد مؤسسة استرجاع المطاط «مابلاك» في بلدية عبان رمضان التابعة لولاية بومرداس، وهي مؤسسة جزائرية تعمل في إطار شراكة جزائرية - صينية، وقد تم اختيارها للزيارة الميدانية للصحافيين الذين استفادوا من تكوين في المجال البيئي يومي 12 و13 أفريل المنصرم، من قبل المعهد الوطني للتكوينات البيئية الذي يوجد تحت وصاية وزارة البيئة، كنموذج نظرا لما حققته في مجال استرجاع العجلات المطاطية التي تشكل نوعا من النفايات الخطيرة على البيئة، نظرا لمكوناتها، وفي ذات الوقت تمثل مادة أولية لصناعة العديد من الأشياء، منها إعادة صناعة العجلات وصناعة قاعدة الأحذية. مكنت هذه الزيارة الميدانية للمؤسسة والتي تندرج في إطار تقوية قدرات الصحافيين في المجال البيئي، منهم مندوبة جريدة «الشعب»، وتبعا للورشة التكوينية الخاصة بالتسيير المدمج للنفايات، مكنت من الوقوف على ما حققته من قيمة مضافة من خلال استثمارها في الاقتصاد الأخضر، وهو من بين الرهانات التي يعول عليها في خلق الثروة وإنشاء مناصب الشغل الدائمة، في ظل الظرف الاقتصادي الذي تمر به البلاد بعد تراجع مداخيلها من النفط نتيجة تدهور أسعاره. لدى وصولنا إلى عين المكان، حيث كانت الساعة تشير إلى 11 صباحا، وجدنا العمال منهمكين في العمل، حيث استقبلنا بوتمري عبد القادر مسؤول الصيانة والتجهيزات، عوض مسير المؤسسة الذي كان قد سافر إلى الصين. قدم لنا بوتمري معلومات حول المراحل التي تمر بها عملية استرجاع المطاط من عجلات المركبات المختلفة الأحجام، والتي يتم شراؤها من أشخاص يقومون بجمعها من أماكن مختلف حيث يجدونها مرمية، مساهمين في ذلك في تخليص المحيط من عبء هذه العجلات التي تلقى بصفة عشوائي ومن التلوث الذي ينجم عنها خاصة عندما تعرض للحرارة أو للحرق، ويبيعونها لهذه المؤسسة بأسعار زهيدة، لا تتجاوز 100 دج، وذلك حسب حجم العجلة - بحسب ما قيل لنا. يتم رص هذه العجلات في ركن من أركان من المصنع، المتواجد بالمنطقة الصناعية ببلدية عبان رمضان، إلى جانب مؤسسات تنشط في صناعات أخرى. في أول مرحلة من عملية الاسترجاع، يقوم بقطع العجلات واستخراج الحديد منها وهو بكميات معتبرة (هذه المادة أساسية في تماسك العجلة ويعطيها قوة تحمل الحمولة الثقيلة)، بحسب ما شرح لنا المتحدث، يمكن إعادة استعماله في صناعات أخرى. تصدير المادة الناتجة عن تثمين العجلات المطاطية إلى الصين في المرحلة الثانية يتم تفتيت العجلات بآلة خاصة ثم سحقها بأخرى حتى تصبح بحجم حبة الرمل تقريبا، ثم تفرغ في فرن ذي درجة عالية جدا بعدما تخلط بمادة الزفت والزيت، حيث يمزج الكل لتعطي عجينة في شكل مربعات يصل وزن الواحدة منها إلى 10 كلغ، وأشار بوتمري أن الفرن يعمل 3 أيام في الأسبوع، يتم خلالها إنتاج من 700 مربعة مبلطة ما يمثل حوالي 54 طنا من المطاط أسبوعيا. فيما يتعلق بالمواد الناتجة عن تثمين العجلات المطاطية، ذكر بوتمري أن هذه المؤسسة تصدر المربعات المبلطة الناتجة عن عملية مزج المطاط بمواد مضافة أخرى إلى الصين، ولعل ذلك من أسباب وجود صاحب المؤسسة بالصين عند زيارتنا للمكان. كما تباع للمؤسسات التي تصنع الأحذية باستعمالها كقاعدة للحذاء، كما تستعمل المادة المثمنة في تبليط الملاعب منها ملعب 5 جويلية بالعاصمة، وملعب بعنابة، وأرضية روضات الأطفال، بعد طلائها بألوان مختلفة وفق ما يتطلبه هذا الفضاء لراحة البراءة ولحمايتها من الضرر الذي قد ينجم عن سقوطها على الأرض أثناء اللعب. للعلم، فإن هذه المؤسسة التي انطلقت في العمل منذ سنوات قليلة، تشغل 30 عاملا كلهم شباب، بأجرة تتراوح ما بين 15 ألفا إلى 20 ألف دج شهريا، في عمل يتطلب توفير الحماية الصحية من الروائح المنبعثة من المطاط، والتي لم نستطع تحملها خلال الوقت القصير الذي أمضيناه في المصنع، فما بالك بمن يقضي النهار كله في هذه الظروف.