أبرز السفير الإسباني بالجزائر غابريال بوسكيتس، أمس، أهمية العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والجزائر التي لا تشكل الطاقة مضمونها الاستراتيجي الوحيد وأن تحتل أولوية الملفات. وقال السفير الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الأوروبية لمدة ستة أشهر منذ جانفي الجاري، أن الجزائر شريك استراتيجي مهم ليس فقط بالنظر إلى أنها المزود الرئيسي لأوروبا بالطاقة وممون احتياجاتها ب 25 في المائة، لكن باحتلالها موقعا متميزا في السياسات الأمنية والهجرة غير الشرعية والتعاون المتوسطي، والمغاربي البوابة الكبرى إلى القارة الإفريقية. وذكر السفير مطولا في ندوة نقاش بمركز الصحافة المجاهد حول أولويات الرئاسة الاسبانية للاتحاد الأوروبي رهاناتها وتحدياتها، أن الجزائر برزت شريكا استراتيجيا من الوزن الثقيل لمميزاتها وموقعها في لعبة التوازنات ودورها في العلاقات الدولية، فهي مهمة للاتحاد الأوروبي، والعكس صحيح، ويترجم هذه الحالة اتفاق الشراكة الذي وقع على أحرفه الأولى بفلانسيا الاسبانية أثناء زيارة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، ووقع ببروكسل ليدخل حيز التنفيذ عام .2005 ويترجمها كذلك حجم المبادلات التجارية ومشاريع الشراكة والاستثمار المنجزة في إطار ثنائي أو متعدد على مستوى الاتحاد من أجل المتوسط الذي يعقد قمته الثانية في جوان القادم لتقييم ما جسد من برامج مسطرة وما لم ينجز واقتراح الحلول والبدائل، أو مستويات أخرى مكملة. فقد مثلت صادرات الاتحاد الأوروبي للجزائر 2,1 في المائة وتجاوزت وارداته هذه النسبة بقليل محتلة 8,1 في المائة، وتزداد أهمية الجزائر وقيمتها بالنظر إلى المشاريع الطاقوية الكبرى الممونة للاحتياجات الأوروبية منها الأنابيب الغازية من الجهة الشرقيةوالغربية التي بعضها يشتغل والآخر على وشك الانجاز والعمل، ويتعلق الأمر هنا بمشروعي ميدغاز وغالسي. ويعزز عملية ضخ الغاز بأوروبا الأنبوب الصحراوي الرابط أبوجا إسبانيا عبر ببني صاف. وهو يزيد من وزن الجزائر في الإستراتيجية الأوروبية ويضع لها ألف حساب. من هذه الزاوية، احتلت الجزائر الأولوية في تحرك السياسة الأوروبية الخارجية ونظرتها في كيفية الإبقاء على وضعها في الصدارة، وقال عنها السفير غابريال بوسكيتس أنها تحضى بالسند وتعزز في ظل الرئاسة الاسبانية للاتحاد الأوروبي. وأضاف السفير أن الاتحاد الأوروبي يرافق الجزائر في تحولاتها، ويشجعها من خلال الشراكة المتعددة الأوجه الطاقوية وتحويل التكنولوجيا والتجارة. ويقترح خارطة طريق تشمل بالإضافة إلى ملفات الإصلاح التجاري تمهيدا لانضمام الجزائر إلى منظمة التجارة العالمية، ومواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود والأوطان والهجرة غير الشرعية وحقوق الإنسان، وتكون لقاءات ثنائية من خلال اللجنة والمجلس الأوروبي للذهاب إلى الأبعد في الشراكة مع الجزائر. وعن التعاون الأمني بين الجزائروإسبانيا وحرية تنقل الأشخاص وتسليم المجرمين ومحاكمتهم، أكد السفير بوسكيتس، أن هذا المسألة مدرجة في الاتفاق الموقع من وزيري الخارجية عام ,2008 لكنه رفض الغوص في تفاصيل المضامين الأمنية بحجة أنها من صلاحية وزارتي الداخلية وهي أحق وأكثر تأهيلا وصلاحية في الحديث المدقق عن هذه الملفات. تسوية القضية الصحراوية بتطبيق مبدأ تقرير المصير وعن موضوع تنقل الأشخاص ومسألة التأشيرة أجاب السفير الاسباني أن الملف يعالج في إطار الاتفاق الموقع أثناء انعقاد اللجنة العليا المشركة في دورتها الرابعة بمدريد برئاسة مناصفة بين رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والوزير الأول ثباتيرو، وهناك تأكيد من الجانين على ضرورة الاهتمام بالرعايا الجزائريين المقيمين بإسبانيا وعددهم 55 ألف جزائري يعملون في جو مريح ويحتفظون بالحقوق أسوة بالمقيمين الأجانب وعددهم الإجمالي 5 ملايين مقيم. واتخذت إسبانيا إجراءات عملية من أجل تسوية وضعية المقيمين غير الشرعيين الذي يعملون ولا يملكون وثائق قانونية تسمح لهم بالاندماج في عالم الشغل بلا إكراهات ومتابعة وملاحقة وتهديدات بالطرد. وقال في هذا المقام أن مدريدوالجزائر متفقان كذلك على أساس إعطاء تسهيلات أكبر في منح التأشيرة لتنقل الأشخاص في إطار منظم سواء لزيارات سياحية أو عائلية أو للأعمال. وذكر السفير بالاتفاق الجزائري الاسباني حول ضرورة محاربة الهجرة غير الشرعية التي تحمل أخطارا على الأمن، ومواجهتها لا تكون من زاوية أمنية بحتة، لكن بمرافقتها بمشاريع تساعد على التنمية والاستقرار. وعن الموقف الاسباني من قضية الصحراء الغربية عاد السفير إلى البيان السياسي المشترك للجنة الجزائرية الاسبانية العليا في دورتها الرابعة بمدريد. وقال أن موقف إسبانيا واضح في هذا الشأن، ووجهة نظرها متطابقة من وجهة نظر الجزائر وتدور حول ضرورة تسوية القضية الصحراوية في إطار تفاوضي بين المغرب وجبهة البوليزاريو بالأمم المتحدة على أساس مبدأ الشرعية الضامنة لحق تقرير مصير الشعب الصحراوي.