يشرع وفد عن المفوضية الأوروبية بقيادة توماس دوبلا مدير الشرق الأوسط وجنوب المتوسط في المديرية العامة للعلاقات الخارجية بزيارة عمل للجزائر تدوم يومين هدفها البحث في كيفية إعطاء دفع للشراكة الثنائية التي دخلت عامها الرابع في التجسيد دون تحقيق النتائج المرجوة. ويجري وفد المفوضية الأوروبية خلال زيارته للجزائر يومي 02 و03 فيفري الداخل حوار سياسي حول وضعية التعاون الثنائي وتقييمه على ضوء تجسيد اتفاق الشراكة الموقع على أحرفه الأولى بفلانسيا الاسبانية عام 2002 والمصادق عليه ببروكسل ثلاث سنوات بعدها. ويجري حديث عن تطبيق خارطة طريق اتفاقية الشراكة التي ترى الجزائر أنها ابعد بكثير من الوعود والطموح والأهداف المرتسمة. ولم تغير كثيرا من واقع الأشياء وجوهرها سواء على مستوى حرية تنقل الأشخاص والبضائع وكذا تحويل التكنولوجيا والاستثمار. واعترف السفير الاسباني بالجزائر غابريال بوسكيتس الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مؤخرا بهذه الحقيقة. وقال أن بلاده تعطى الأولوية من اجل تحريك التعاون مع الجزائر وتوسيعه مذكرا بزيارات الوفود والمواعيد المترقبة خلال العام الجاري لهذا الغرض. وتحدث السفير في ندوة نقاش بالمجاهد عن رزنامة اجتماعات لجنة الشراكة واللجان القطاعية الفرعية لتحضير مجلس الشراكة المقرر في جوان القادم. وهناك ملفات أخرى محل الاهتمام مدرجة في زيارة وفد المفوضية الأوروبية للجزائر التي تطالب الشريك الأوروبي بمزيد من الجهد في تحريك مضامين التعاون وإخراجه من بعده التجاري التقليدي والكف عن النظر إلى البلاد كفضاء للبيع والشراء في ظل أزمة عالمية تضرب في العمق اقتصاديات الأمم بلا استثناء. وتحتم على الاتحاد الأوروبي البحث في كيفية ضخ منتجاته وخدماته إلى البلدان الأخرى تجنبا للكساد وتراجع المداخيل والعدول عن المشاريع في أكثر من بقعة. ولم تنظر الجزائر بعين الرضا لهذه السياسة التي ينتهجا الاتحاد الأوروبي رافضا أن تبقى مجرد سوق لصناعاته مشددة على رؤية أخرى تحدث التوازن في المعاملة. وانتقد وزير الخارجية مراد مدلسي أكثر من مرة نتائج اتفاق الشراكة بعد أزيد من أربع سنوات من التوقيع عليها. وقال في نظرة تقييمية للأشياء '': ليس هناك تطورا كبيرا يستحق الذكر بالنسبة للواردات من الاتحاد الأوروبي التي استقرت في ذات المستوى المتأرجح بين 50 و 55 في المائة من الواردات الجزائرية .'' ولم يطور الاتحاد الأوروبي حضوره الاستثماري بالشكل الكافي الوافي رغم التشريعات الجزائرية المشجعة . ولم يوظف الرساميل في مجالات الزراعة والصناعة ومواد البناء والخدمات التي تمنح الأولوية في مشاريع الاستثمار وبرامج التنمية بالجزائر التي تبحث بشق الأنفس عن بلوغ الاكتفاء الذاتي في هذه القطاعات ولا تبقى عرضة للاستيراد المكلف المال الوفير من الخزينة والمهدد بعودة الاستدانة الخارجية وتبعاتها الخطيرة على السيادة والقرار والمستقبل. وبلغة الأرقام فان الميزان التجاري زاد بكثير لصالح الاتحاد الأوروبي منذ تجسيد الشراكة مع الجزائر. إذ مقابل دولار واحد تجنيه الجزائر من التصدير نحو أوروبا تستورد في المقابل من أوروبا 20 دولارا. لكن هذا الاختلال يفرض على الجهة الجزائرية مضاعفة الجهد للاستفادة من مزايا الشراكة مع الاتحاد الأوروبي واستغلال الإعفاءات الجبائية والجمركية لرفع حصة التصدير خارج المحروقات التي لم تتجاوز 2,1 مليار دولار العام الماضي. وهذا ما يفرض تدابير استعجالية لتأهيل المنتوج الوطني وتسليحه بالمواصفات والنوعية التأشيرة العبور الحتمي إلى الفضاء الأوروبي في زمن سقوط الحواجز والحدود عدا حدود العلامات الكبرى المسجلة.