ملعب كرة القدم، كان دوما المكان الذي غالبا يهيمن عليه عنصر الرجال، لكن عدد مشجعات لعبة كرة القدم تضاعف منذ التسعينيات، حتى أصبح اليوم في ألمانيا ربع رواد الملاعب الخضراء لمتابعة هذه اللعبة، من الجنس اللطيف. "إنّ حب كرة القدم هاجمني كما يهاجم المرض الجسم، إذ أصبحت مصابة بهذا المرض". بهذه الكلمات فسرت بيرغيت حمى كرة القدم التي اعترتها منذ بضع سنوات، حين اصطحبها زوجها معه لحضور مواجهة في الملعب. منذ ذلك الحين، وهي لا تتغيب عن المباريات التي يلعبها فريقها المفضل على أرضه. تماما كما هو الحال في هذه المواجهة أمام نادي ميونيخ 1860. حماس منقطع النظير إلتف أفراد الأسرة حول بيرغيت، غالبيتهم من النسوة اللاتي تجمعن في مكانهن المفضل مدرجات الملعب، إذ تصل بيرغيت وثلة من الأصدقاء إلى الملعب قبل ساعتين من صافرة البداية ليحجزوا زاويتهم المفضلة تلك. لاشيء هنا يكدر صفو بيرغيت وأصدقائها، فالأجواء حميمة بفضل البيرة والنبيذ الدافئ. تبدأ تلك الأجواء ذروة جمالها؛ عندما يسجل فريقهم هدفا في مرمى الفريق المنافس، فيرتمي الجميع في أحضان بعضهم أو بعضهن ويعلو الهتاف. النساء يعكرّن الجو بالقرب من المدرج الذي تشغله بيرغيت ومجموعتها، تقف مجموعة من الرجال بمزاج طيب وقد راح أفراد تلك المجموعة بالتعقيب بصوت مرتفع على اللاعبين وأدائهم. يبدو أنّ الرجال تعمدوا أن يأتوا إلى الملعب دون صحبة الجنس اللطيف، "فالنساء يعكرّن الجو"، كما يقول أحدهم. ويبدو أنّ هذا النوع من الرجال تعرفه المؤلفة نيكول زيملر حق المعرفة، فقد اشتركت في إصدار كتاب "الجنس وكرة القدم". وهي تقول: "شاهدت عدة مرات أنّ الرجال يشعرون وكأن النساء يراقبونهم، وهم يظنون أن ذلك يؤثر على تصرفهم، فلا يتصرفون بحرية كما يجب، كما أنّ عليهم مراعاة ما يتفوه ون به". إلى أين تتجه أنظار المشجعات؟ من ناحية أخرى تضيف زيملر، فإن بعض الرجال لا يتوقع أن تكون النساء ملمات بقواعد اللعبة. في هذا الصدد تقول زيملر، يمكن للمرء أن يعرف بوضوح أنّ النساء في الملعب لا يعرفن قوانين اللعب، قد يكون ذلك صحيحا فالمشجعات يأتين إلى الملعب في الواقع لرؤية سيقان اللاعبين ويتحدثن عن تصميم قمصانهم، بدلا من الحديث عن مجريات اللعب لكن هذه النظرة التقليدية للمرأة بدأت تتغير. إضافة إلى ذلك، ترى زيملر أنّ البعض يعتبر -دون وجه حق- أنّ متابعة النساء لكرة القدم يندرج تحت تحويل تلك اللعبة إلى سلعة، إذ لم تهتم النساء بكرة القدم قبل بطولة كأس العالم 2006، لكن كان عدد المشجعات قبل ذلك الحدث الكروي في ازدياد دائم. الجنس اللطيف يقتحم مدرجات ملاعب كرة القدم أدى سطوع نجم منتخبنا الوطني في الفترة الأخيرة؛ إلى جذب مختلف شرائح المجتمع الجزائري لمتابعة كل ما هو جديد بالنسبة للمنتخب، ولم يعد الولع بمباريات كرة القدم حكرا فقط على الرجال وإنها امتد حماس هذه الرياضة لتشمل أيضا الجنس اللطيف. وقد ساهم نجاح المنتخب الجزائري في التأهل لنهائيات كأس العالم لعام 2010، في اجتذاب عدد كبير من النساء لمتابعة هذه الرياضة التي أثبتت عدة دراسات أجريت حديثا عن زيادة اهتمام المرأة بها عن ذي قبل. وقد لفت الانتباه في مباراة التأهل لكأس العالم، زيادة عدد الفتيات والنساء اللواتي احتللن مقاعد المتفرجين، كما سجل حضور المرأة الجزائرية على مقاعد المدرجات في الملاعب التي استضافت البطولة. نساء تاستهويهن كرة القدم لقد تفاوت مستوى اهتمام المرأة بكرة القدم، فهناك من يتابعن مباريات منتخبنا الوطني بانتظام مثل "نور الهدى"، وهي الفتاة الوحيدة في عائلتها بالإضافة إلى شقيقين آخرين والتي قالت بأن استحواذ أخويها الكبيرين على جهاز التلفاز واهتمامها بمشاهدة قنوات الرياضة والحصص الرياضية جعلها هي الأخرى تتأثر بذلك، ومن هنا انطلق ولعها تدريجيا بهذه الرياضة وأصبحت تعرف الكثير عن الأندية والمباريات. وأضافت نور الهدى بأنها تحب المواجهات الرسمية للفريق الوطني، بالإضافة إلى أنها تشجع نادي ريال مدريد الإسباني. وأردفت قائلة: "إنّ حماسي اتجاه الكرة أخذ بُعدا آخرا، فمجرد كون الكرة عند أحد لاعبينا يحرك مشاعري أنا أتأثر كثيرا لغاية المرض إذا هزم فريقنا في أحد المباريات". وأخريات يستهويهن اللاعبين في سياق متصل، إستهوت الكرة الكثير من الفتيات اللواتي حرصن على تشجيع المنتخب الوطني، نجد منهن من استهوهن اللاعبين شكلا أو أخلاقا أو أداء. فاقتناء الفتيات لصور بعض اللاعبين المفضلين لديهن سواء صور عادية أو في الهواتف النقالة أو تسارع بعضهن لتحميل صور اللاعبين من شبكة الانترنت، لَدليل على أنّ لاعبين معينين ساهموا في أن تكون اللقاءات متتبعة من قِبل الفتيات. ظاهرة الاهتمام بكرة القدم موجودة وسط النساء رغم تفاوتها من امرأة إلى أخرى، فهناك من النساء من تتابع كل المباريات بطريقة منتظمة، وهناك من تتابع المواجهات النهائية في المقام الأول كالسيدة وفاء، فهي بذاتها حريصة على متابعة المقابلات الفاصلة التي يلعبها منتخبنا الوطني، كما أشادت بالمهارات المختلفة للاعبين وما النتائج التي حققوها إلى الآن رغم بعض العثرات، ولكنها تنزعج من الأجواء المتوترة التي تصاحب هذه اللقاءات والعصبية المبالغ فيها التي تسود أرجاء بيتها أثناء متابعة زوجها، حيث أنها لا تتمكن من التكلم معه مطلقا أثناء بث المباراة. وعن نفسها، فإنها تحبذ مشاهدة المباريات مع مجموعة من النساء جو أكثر هدوءً.