لم يعلم "ب.ع" صاحب الأربعين سنة أنه سيعود من تونس خائبا على إثر نجاحه في "الطمبولا" بعدما رسم خطوط الأمل في السعي إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وطلّق أيام التعاسة والفقر التي عاشها، ولا كان يعلم أن وقع الخيبة عليه سيلحقه بعالم المجانين ليفقد بذلك الحُلم والحِلم معا.. لم تسعه الفرحة وهو يتلقى خبر نجاحه قبل بضعة أشهر في الطمبولا لهذا العام، فراح يسبح في آمال الثراء والعيش الرغيد في أمريكا. كان "ب.ع" أباً لثلاثة أبناء، يعمل سائقا لحافلة نقل صغيرة بإحدى بلديات ولاية بومرداس، فسمع كثيرا عن قصة "الطمبولا" التي لم يعرف عنها شيئا سوى أنها مفتاح السعادة لمن كتبت له التعاسة في بلده، ولم يعرف أنه لن ينال من هذا المفتاح سوى بوابة لعالم التعاسة والجنون. اتصل "ب.ع" بأحد أصحاب مقاهي الأنترنيت على أمل التسجيل في "الطمبولا"، فكلف هذا الأخير بذلك، باعتباره أميا لا يعرف حتى كيف يسجل نفسه، فقام صاحب مقهى الأنترنيت بذلك، ولم يشك للحظة أن إسم هذا الزبون سيكون من الأسماء المحظوظة، ولكن حظه لم يكن ليدوم طويلا. وبعد فترة عرف "ب.ع" بنجاحه في المسابقة، ولم تسعه الفرحة لذلك فباع حافلته القديمة، وبدأ بتحضير نفسه للذهاب إلى تونس أين يجري المسابقة الشفهية لتحديد مصيره، دون أن يعلم أن هذه المسابقة ستبخر كل أماله، وتجعل من كل ما بناه أصفارا على الشمال.. بعد أيام سافر "ب.ع" إلى تونس على أمل التأشير له، مودعا أهله وأولاده على أن يسافر من هناك مباشرة إلى أمريكا، غير أن موعد المسابقة كان يؤجل في كل مرة مما دفعه إلى صرف المبالغ التي جمعها، غير آبه مادامت وجهته أمريكا. تحدد موعد المسابقة وتوجه "ب.ع" إلى المركز، غير أن اللجنة استهانت به من أول وهلة، فاعتبرته غير مؤهل للنجاح، فلم يحتمل "ب.ع" وراح يصرخ في وجه أعضائها، ولم يعلم ولا علمت اللجنة أن تلك الصرخات بددت كل ما تبقّى له من ثوابت العقل، عاد "ب.ع" إلى وطنه على غير الوضع الذي خرج منه، حيث عاد فاقدا الأمل، خاوي اليدين، فاقدا لصوابه، وهو اليوم يمشي في الشوارع ظانّا أنها شوارع أمريكا، فما استطاعت اللجنة التي منعته من السفر أن تمنع ذهنه من السفر إلى عالم الجنون. ش.إ