تعترف السيدة سعاد بن جاب الله، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبحث العلمي، بوجود انقطاع في علاقة العرض والطلب في ما يتعلق بموضوع البحث العلمي في الجزائر، ومرد ذلك حسب الوزيرة إلى قصور العملية الاتصالية التي يفترض أن تربط المنتج بالمستهلك، لكنها لا تعتبر العائق الاتصالي وحده المسؤول عن ذلك الانقطاع، وإنما تنظر إليه على أنه الشجرة التي تخفي الغابة. إعتبرت الوزيرة سعاد بن جاب الله، التي كانت ضيفة أول أمس على الطبعة الجديدة لمنتدى القناة الثانية للإذاعة الوطنية، أن ميزانية 1 بالمائة التي تخصصها الدولة من الدخل الوطني الخام للبحث العلمي ما هي إلا وسيلة، وأن الوصول إلى نتائج إيجابية على هذا المستوى يحتاج إلى وضع سياسة واضحة ومنهجية مضبوطة وإلا انتهت العملية إلى الفشل. وأضافت بأن القانون يضع أمام الوزارة مهمة تعبئة 100 ألف باحث، وأن وزارتها لم تستهلك كل الميزانية القطاعية المخصصة لها، كما لم تتوصل إلى تعبئة سوى 14 ألف باحث من مجموع 16 ألف المطلوب تعبئتها كمرحلة أولى وأوضحت الوزيرة بن جاب الله أن بحوزة وزارتها 7000 مشروع بحث نفذ منها 300 مشروع سنة 2005 كان أهمها بحث في الأرطوفونيا وآخر حول الفراولة وهما الآن تحت تصرف المستهلكين. واعتبرت الوزيرة أن المشكلة في الجزائر تكمن أساسا في وجود بحوث وغياب من يستهلكها، ذلك أن المؤسسات الوطنية العامة أو الخاصة ما زالت تعتبر البحث العلمي ثانويا في نشاطها "من المفروض أن يكون البحث العلمي في قلب الرهان بالنسبة للمؤسسات، وأن تبذل الجهود من أجل أن يكون لكل مؤسسة فرعها الخاص لتطوير البحوث ، وأن تخصص ضمن ميزانياتها ميزانية مستقلة للبحث لجعل منتجاتها في مستوى المنافسة". وأضافت "الآن من يقوم بهذه العملية هو الدولة، فهي تمول مختلف مجالات البحث، ومع ذلك لا تجد من يستهلكها". من جهة أخرى، أكدت الوزيرة بأن هذه العلاقة "المرضية" بين منتج البحث ومستهلكه تعود إلى ترسبات الاقتصاد الموجه الذي لم يكن يعطي للمؤسسة روح المبادرة، إضافة إلى المرحلة الصعبة التي مرت بها الجزائر، والتي جعلتها تبحث عن استرجاع الأمن كأولوية استراتيجية قبل كل الأولويات. كما ركزت بن جاب الله على أن أجندة قطاعها تحتوي على ضرورة مراجعة دور مراكز البحث الموجودة بالجزائر وتفعيلها، معتبرة أن القانون الجديد للبحث العلمي الذي تعكف الوزارة على مناقشته حاليا، والذي سيدخل حيز التنفيذ مستقبلا، سيأخذ في حسبانه كل المعطيات والمتغيرات. بن جاب الله التي عرضت واقع قطاعها على مدى ساعتين كاملتين، خلصت إلى أن وزارة البحث العلمي تحاول من خلال التنسيق لمعرفة احتياجات مختلف القطاعات الوزارية وإشباعها، كما تحاول تحسين وضعية الباحثين الذين أكدت الوزيرة بأن واقعهم لن يتحسن مادامت وضعية البحث العلمي أساسا بحاجة إلى تحسين، وأنها تعمل أيضا من أجل إشراك الباحثين الجزائريين الموجودين بالخارج في تنمية واقع البحث العلمي من خلال دعوتهم لحضور الملتقيات التي تنظم في الجزائر كأقل ما يمكن تقديمه لهؤلاء. ميلود بن عمار