نسيم لكحل: [email protected] الآن تبين بما لا يدع مجالا للشك، أن الوجود الأمريكي بالمنطقة العربية لا يرتبط بأهداف آنية يراد تحقيقها في هذا البلد أو ذاك، أو بامتيازات معنوية ومادية يراد الحصول عليها هنا أو هناك، بل هم يعترفون وبالفصيح الصريح أن وجودهم هناك قد يكون دائما وزير الدفاع الأمريكي الجديد روبرت غيتس يزور العراق ومن هناك لا يجد حرجا في القول بأن الهدف من وراء مساعي بلاده لتعزيز وجودها العسكري بمنطقة الخليج العربي هو توجيه رسالة لمن يهمه الأمر بأن الوجود الأمريكي في المنطقة طويل الأمد وقد يكون دائما، وجاء هذا التصريح في شكل تهديد ووعيد لكل من تسول له نفسه أن يعمل عكس هذا الكلام، سواء من الشعوب أو الحكام. الولاياتالمتحدةالأمريكية بمثل هذه التصريحات، تكون قد شرعت في كشف كل خيوط اللعبة، وانتقلت بسرعة البرق من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، ففي الوقت الذي ازدادت فيه الأوهام في المنطقة العربية بشأن ما حسب بأنه مأزق أمريكي في المستنقع العراقي، يخرج عليهم روبرت غيتس بهذا الكلام الخطير الذي يبدد هذه الأوهام التي تأكد أنها مجرد أضغاث أحلام. الإدارة الأمريكية الآن كشفت ما لديها وقالت بأن وجودها بالمنطقة سيكون دائما، بقي فقط أن نطرح السؤال تلو السؤال حول طبيعة هذا البقاء الأبدي، وأشكاله والوسائل التي ستستخدم لتحقيق هذا الطموح الجامح، وهل يعزم "الجبروت" الأمريكي بأن يبقى بالجيوش والسلاح والمال في المنطقة ليضمن تحقيق هذه الأمنية أو الأهداف الإستعمارية! ، أم يكفيه فقط أن يعتمد على "عملائه" بالمنطقة من الحكام وزعماء الطوائف وبعض المسؤولين ليحقق هذا الهدف بأقل التكاليف، مادام المطلوب والمأمول هو الإستفادة بأكبر قدر ممكن وغير ممكن من خيرات المنطقة ومن مقدراتها الطبيعية لا غير. الحقيقة التي يعلمها العام والخاص هي أن أمريكا فرضت وجودها بالمنطقة العربية منذ عدة عقود، ولنقل بكل ألم أن هذا الوجود يرجع إلى السنوات الأولى التي تحولت فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى أسد الغابة. والقوة العظمى، أو على الأقل منذ انهيار المعسكر الإشتراكي في نهاية الثمانينات ونهاية ما سمي وقتها بالثنائية القطبية. ومن هذا المنطلق فإن تصريح وزير الدفاع الأمريكي "روبرت غيتس" قد يحدث صدمة في نفوس بعض العرب الذين يرفضون هذا الإحتلال بأشكاله الجديدة، لكن في الواقع فإن تصريحات من هذا النوع ليست بالشيء الجديد أو المستجد عند الذين يعرفون بأن إسرائيل لم توجد عبثا ككيان في قلب المنطقة العربية، وأن احتلال العراق لم يكن بغرض تحريره من صدام أو "مزية" سياسية لفائدة بعض الحكام، ويعرفون كذلك أن الحرب الإستباقية ضد البرنامج النووي الإيراني لم تأت هكذا حبا في مشاكسات سياسية أو رغبة في "الشقشقة" الكلامية أو تضييع الوقت.. بل أن كل ذلك وغيره يؤكد أن الحلم الأمريكي ليس وليد اليوم أو قبل اليوم، والفرق بين أحلامهم وأحلامنا كالفرق بينهم وبيننا؟.. أحلامهم واجبات ومخططات، وأحلامنا أن نستجيب لهم.. عندما يكون هذا هو الحال، فلن تستغرب بعد اليوم عندما نسمع أخبار الخيانة والعمالة من نوع دولة عربية تدعي أنها "رب العرب" مثل مصر هي من ستتولى مهمة منع حركة حماس "العربية" من نقل الأموال عبر معبر رفح إلى الشعب الفلسطيني "العربي"؟...