في حلقة جديدة من حلقات البحث عن الحقيقة في فضيحة الخليفة، وردت للسلطات القضائية، بتاريخ 22 أفريل 2006، الإنابة المتعلقة بالاتصال بجميع البنوك العمومية لمعرفة نسبة الفوائد التي كانت تمنحها هذه البنوك قبل وبعد إنشاء بنك الخليفة، وكذا تحديد الجهة التي أمرتهم بتخفيض نسبة الفوائد التي كانوا يمنحونها للمودعين. لماذا لم يُعاقب بنك الجزائر الخليفة على خروقاتها؟ وأثبتت التحريات القضائية في ملف الخليفة، أن مسيري وإطارات بنك الخليفة، لجأوا الى استعمال طرق احتيالية وإحداث الأمل لدى الغير، من أجل سلب أموالهم، وذلك بمنح هذا البنك لفوائد كانت تترواح ما بين 14 و18 بالمائة على الإيداعات، في الوقت الذي كانت فيه البنوك العمومية تمنح فوائد تتراوح ما بين 4.5 و10 بالمائة، مثلما جاء في نتائج الإنابة القضائية المؤرخة في 8 أفريل 2006، وما يؤكد ان البنك غير قادر على دفع هذه الفوائد، هو أنه كان يأخذ نسبة فائدة على القروض أقل بكثير من نسبة الفوائد الممنوحة للإيداعات، مثلما تضمنته تقارير بنك الجزائر. وتوصلت التحقيقات الى ان مسيري بنك الخليفة قد ارتكبوا عدة تجاوزات وخروقات قانونية في عهد المحافظ السابق لبنك الجزائر، عبد الوهاب كرمان، ومع ذلك لم يتعرضوا لأية عقوبات تأديبية، حسب ما تضمنه تقرير اللجنة المصرفية لبنك الجزائر، المؤرخ في 26 ماي 2003، والذي شمل ملخص الرقابات والتفتيشات التي خضع لها بنك الخليفة خلال الفترة الممتدة من شهر جانفي الى فيفري 2000، وكذا الفترة الممتدة من 1 جوان 2000 الى 13 جويلية 2000. وبتاريخ 16 جانفي 2001، لاحظ المفتشون قيام مسيري بنك الخليفة بالتنازل عن الأسهم وتغيير المسيرين بدون رخصة مسبقة من بنك الجزائر، حسبما تقتضيه أحكام المادة 139 من قانون النقد والقرض والمادة 12 من النظام المحدد لشروط البنوك والمؤسسات المالية، بالإضافة الى التأخر في التصريحات المتعلقة بالقروض الممنوحة لمسيري البنك والتأخر أيضا، في إعداد الميزانيات والتقارير الأولية لمحافظي الحسابات، وبناء على نتائج لجنة التفتيش التي عاينت وضعية وكالات الخليفة بنك، قام المتصرف الإداري (ج.م) بتكليف (ل.ب) بصفته مدير الشؤون القانونية ببنك الخليفة، لرفع شكوى أمام مصالح الفرقة الاقتصادية والمالية لأمن ولاية الجزائر ضد (ع.ج) و(س.ح)، حسب التكليف المؤرخ في 25 ماي 2003، الا ان المعني لم يقم برفع هذه الشكوى. لكساسي غير متأكد حول رأسمال الخليفة! وفي 25 ديسمبر 2004، استمع القضاء الى محمد لكساسي، محافظ بنك الجزائر، فصرح أنه عين في هذا المنصب خلفا لعبد الوهاب كرمان، في شهر جوان 2001، وقال بخصوص قضية بنك الخليفة انه قد تم التنازل عن الأسهم وتغيير المسيرين دون الحصول على رخصة من بنك الجزائر، مشيرا الى أنه غير متأكد إن كان بنك الخليفة قد قام بتحرير رأسماله أم لا، وان التفتيشات التي تعرض لها بنك الخليفة كانت بناء على الوثائق والتصريحات التي يقوم بها هذا البنك، وأنه رغم عدم قيام بنك الخليفة بإيداع تمارين سنوات 1999 و2000 في وقتها، لم يتخذ ضد البنك أي عقوبة تأديبية، باستثناء مراسلة للرئيس المدير العام لبنك الخليفة، مؤرخة في 14 فيفري 2001، أين تعهد محافظي الحسابات بإيداع الميزانيات، وقال لكساسي إنه بعد اكتشاف الخروقات التي تورط فيها بنك الخليفة، تم إعداد تقرير وتجميد التجارة الخارجية للبنك، ولم يجب محافظ بنك الجزائر، حول تساؤلات العدالة المرتبطة بتأهيل الأعوان المكلفين بملف الخليفة، وعدم أدائهم اليمين القانونية، حسب ما يقتضيه الأمر رقم 96-22. واستمرارا للتحقيقات القضائية حول فضيحة القرن، استمعت العدالة بتاريخ 22 نوفمبر 2005، الى الشاهد (م.ب.ع)، بصفته عضوا باللجنة المصرفية، فصرح أن هذه الأخيرة التابعة لبنك الجزائر، تتكون من 5 أعضاء، منهم عضوان منتدبان من المحكمة العليا، وعضوان آخران منتدبان من المؤسسات المالية، الى جانب الرئيس الممثل في محافظ البنك. وقال إن اللجنة المصرفية من 1998 الى غاية 2003، كانت مكونة من قاضيين هما (م) و(ب.ه.ر)، وكذا الأعضاء (ن.ع) و(د.ح) بالإضافة الى عبد الوهاب كرمان، الى غاية بداية 2001، قبل أن يستخلفه محمد لكساسي على رأس بنك الجزائر، بينما (ب.ه.ر) استخلفه في نوفمبر 2002 (ح.ص.ج)، وهو قاض بالمحكمة العليا، وان (د.ح) توفي في 23 جانفي 2001 ولم يستخلفه أي عضو الى غاية ديسمبر 2002، أين تم تعيين (ب.ز.ا). وقال عضو اللجنة المصرفية، إن هذه الأخيرة تجتمع بأعضائها الأربعة في غياب الرئيس، وذلك لمناقشة ودراسة بعض الوثائق المتعلقة بالبنوك، وان تلك الوثائق ترد الى اللجنة سواء من المفتشية العامة لبنك الجزائر أو من محافظي ومدققي الحسابات للبنوك، أو من طرف محافظ بنك الجزائر تحت إشراف الأمانة العامة، أو من البنوك المعنية مباشرة. وقال نفس الشاهد، إن جميع القرارات تتخذ باجتماع اللجنة المصرفية تحت رئاسة محافظ بنك الجزائر أو نائبه كرئيس، كما أن اللجنة المصرفية تجتمع بصفة عادية مرة كل شهر على الأقل تحت رئاسة محافظ بنك الجزائر او نائبه، وان الاجتماعات العادية للجنة المصرفية تكون خاصة لدراسة تقارير المراقبة الميدانية الواردة اليها من المفتشية العامة لبنك الجزائر وتتخذ فيها قرارات بالمداولة. وتكون هذه الحالات، حسب ما تضمنته شهادات (م.ب.ع)، من خلال دراسة التصريحات الشهرية التي تقوم بها البنوك، وهو ما يعرف بنموذج (r10)، الى جانب حالات نسبة المخاطر. وقال نفس الشاهد إن التصريحات التي ترسل من طرف البنوك قد تكون متأخرة أو ان الأرقام المصرح بها في الشهر اللاحق تتناقض مع الأرقام المصرح بها في الشهر السابق، فتقوم اللجنة المصرفية بطلب استفسارات سواء كان بنك عمومي أو خاص عن سبب التأخير أو عن سبب تناقض الأرقام، وأشار الى انه بعد إصدار قرارات اللجنة المصرفية المتعلقة بهذه الحالات، تكلف الأمين العام للجنة المصرفية بمراسلة البنك المعني بهذه الحالات للإستفسار عن أسباب التأخير في التصريح او تناقض الارقام، وتتابع اللجنة المصرفية نتائج هذا الإستفسار وإن كان البنك المعني قد أصلح وضعيته أم لا. لعبة "الغمّايضة" بين لجان بنك الجزائر وبخصوص محل بنك الخليفة من إعراب ما تمّ ذكره، أكدت الشهادة أنه لم يسبق للجنة المصرفية أن اتخذت أي قرار بخصوص التأخر في التصريح الشهري أو التناقض في الأرقام، كون اللجنة لم يسبق لها أن أخطرت بأية وثيقة بخصوص هذا البنك، وكان أعضاء اللجنة المصرفية يعتقدون أن بنك الخليفة لم يكن لديه تناقض في الأرقام أو تأخير في التصريح منذ بداية نشاطه في جويلية 1998 الى غاية منتصف 2002، وذلك فيما يخص اللجنة المصرفية بأغلبية أعضائها تحت إشراف رئيسها محافظ بنك الجزائر، لأنه بتاريخ 31 ماي 2001، تم تعيين (د.ح) من طرف عبد الوهاب كرمان، وكلفه بإعداد تقرير في إطار فتح متابعة تأديبية ضد بنك الخليفة. وقال عضو اللجنة المصرفية، في تصريحاته للعدالة، إن بنك الخليفة كان لديه وضعية خاصة وكانت تتابعها المفتشية العامة فقط لبنك الجزائر، وان محافظ هذا الأخير، عبد الوهاب كرمان، كان قد أمر بإجراء تفتيش شامل على بنك الخليفة، وذلك قبل مغادرته منصبه كمحافظ، منذ سنة 2000، وهو الشيء الذي جعله يعين أحد أعضاء اللجنة المصرفية مكلف بمتابعة هذا الملف، من أجل فتح متابعة تأديبية قد تصل الى سحب الاعتماد، كما ان اللجنة المصرفية أُخطرت ببعض التقارير من محافظي ومدققي الحسابات لبنك الخليفة الخاصة بالمصادقة على الحسابات، ولم يخطروا من طرف المفتشية العامة وهذا قبل تعيين (د.ح)، مما جعلهم يقومون في تلك الفترة بتكليف الأمين العام بإحضار لهم جميع التقارير التي أعدتها المفتشية العامة لبنك الجزائر، بخصوص بنك الخليفة، رغم أن المفتشية العامة ببنك الجزائر ملزمة بإرسال هذه التقارير حول إجراءات التفتيش التي قامت بها حتى يتمكنوا من تبليغها لمجلس إدارة البنك ومحافظي الحسابات، بغية تسوية هذه الوضعية أو اتخاذ ضد البنك إجراءات تأديبية. وتقول نفس الشهادات المثيرة، إن اللجنة المصرفية تجتمع بصفة غير عادية باستدعاء من طرف رئيسها وتكون اجتماعاتها خاصة بالحالات الخطيرة أو تجاوزات ترتكبها البنوك، منها تعيين متصرف إداري أو إصدار أمر بالإيعاز مصحوب بمهلة محددة يطلب فيها من البنك القيام بإجراء معين. وبشأن بنك الخليفة، قال نفس الشاهد، إن اللجنة المصرفية عقدت اجتماعا لها بصفة غير عادية واتخذت قرارات تعيين متصرف إداري كمرحلة أولى ثم الأمر بالإيعاز ضد المتصرف الإداري لعدم وجود مجلس إدارة البنك آنذاك، وبعدها تم سحب الاعتماد وتعيين مصفي لبنك الخليفة، مشيرا الى ان هذا القرار تم في إطار إجراءات تأديبية استلزمت تقرير الاتهام من طرف اللجنة المصرفية ومنح مهلة لمسيري بنك الخليفة لتقديم أوجه دفاعهم، إلا أن مسيّري الخليفة لم يحضر منهم إلا (ق.ع) وكذا أخ رفيق عبد المومن خليفة، كما صرح عضو اللجنة المصرفية، أن الخروقات التي درستها هذه الأخيرة، تمثلت - حسب قرار التأنيب - في قيام مؤسّسي بنك الخليفة ببيع أسهم هذا البنك دون الحصول على الترخيص المسبق من طرف محافظ بنك الجزائر، وكذلك تغيّر الرئيس المدير العام بدون الترخيص، بالإضافة الى الخروقات المالية وعدم الاهتمام بالملاحظات الموجّهة لبنك الخليفة، خاصة فيما يتعلق بنسبة المخاطر وتوزيعها. تنويم اللجنة المصرفية لمدّة 9 أشهر وبتاريخ 29 نوفمبر 2005، استمع القضاء للشاهد (ن. ا) بصفته عضوا في اللجنة المصرفية منذ العام 1997، فصرّح أن اللجنة قامت بتكليف المفتشية العامة في مارس 2000، بمراقبة فروع بنك الخليفة، إلا أن المفتشية العامة قدمت لهم تقريرا مفاده أن بنك الخليفة لا يمتلك أيّ فرع وأن هذا التقرير قد تم تبليغه الى رئيس مجلس إدارة بنك الخليفة ومحافظي الحسابات للبنك، كما أن اللجنة المصرفية قامت في العام 2001 في جلستها العادية بدراسة مخالفات التشريع التي ارتكبها بنك الخليفة، وقال الشاهد إنه في 3 مارس 2002، تم انقضاء عهدة أعضاء اللجنة المصرفية، والتي لم يتم تجديدها إلا في 2 ديسمبر 2002، ليتم فيما بعد تعيين متصرف إداري وسحب الاعتماد من بنك الخليفة. مديرية المخاطر لم تتفطّن للقروض الموزعة! وفي 8 جانفي 2006، استمعت العدالة للشاهد (ب.ع)، بصفته مديرا مركزيا بمديرية المخاطر ببنك الجزائر، فصرح أنه يشتغل في هذا المنصب منذ العام 1997، وأن هذه المديرية تابعة للمديرية العامة للقرض، التي كان يشرف عليها المدير العام (ش.ح) من سنة 1994 الى 2003، أين استخلفه (ب.ك.ر.ي)، وأكد نفس الشاهد أن مديرية المخاطر تتكون من ثلاث مديريات فرعية تشتغل تحت إشرافه، وهي مديرية المخاطر، مديرية الشيكات بدون رصيد ومديرية مركزية الميزانيات. وفيما يتعلق بمديرية المخاطر، فإنها تتلقى تصريحات البنوك العمومية والخاصة فيما يخص القروض الممنوحة للزبائن، والتي تفوق مبلغ 200 مليون دينار، ويتم إيداع هذه التصريحات كل شهرين، حيث تقوم المديرية بجمع القروض الممنوحة لكل زبون، وبموجب هذه المعلومات يتم مراقبة المخاطر للبنك من حيث الضمانات التي يقدمها الزبون ويحرر تقريرا مرفقا بإحصائيات كل شهرين ويرسل الى المفتشية العامة لبنك الجزائر، وأنه في هذه الحالة قد لا يقوم البنك بالتصريح، أو قد يقوم بالتصريح المشكوك فيه أو يتأخر في التصريح. وفيما يخص بنك الخليفة، فإنه كان يقوم بالتصريح بصفة عادية وبدون تأخير، ورغم ذلك لم تتمكن هذه المديرية من التفطن للقروض التي كان يمنحها البنك للمسيرين والمؤسسين، لأنه لم يكن يصرح بها. ج. لعلامي: [email protected]