كشفت تصريحات محمد لكساسي محافظ بنك الجزائر، أمام محكمة الجنايات بالبليدة أن قرار تعليق التجارة الخارجية لبنك الخليفة في 27 نوفمبر 2002، لم يدار كما أريد له، بدليل استمرار عمليات التهريب المنظم للعملة الصعبة، بعد تاريخ التجميد. وفسّر لكساسي المسألة باقتصار القرار على منع بيع العملة الصعبة لبنك الخليفة على مستوى البنك المركزي، الأمر الذي أدى بمسؤولي البنك المفلس إلى استعمال الأموال المودعة لدى الخليفة بالعملة الوطنية، في شراء مبالغ معتبرة من العملة الأجنبية بطريقة غير نظامية، تتجاوز صلاحيات بنك الجزائر، إلى مصالح الجمارك على مستوى الموانئ والمطارات. وموقف نائب عبد الوهاب كرمان، المحافظ السابق لبنك الجزائر، عاجزا عن الإجابة على سؤال رئيسة الجلسة السيدة ابراهيمي، المتعلق بعدم تطبيق بنك الجزائر للقانون ومعاقبة بنك الخليفة في عهد نيابته للمحافظ، وكذا عندما أصبح محافظا وهما الفترتان التي شهدتا تسجيل خروقات قانونية صريحة، بحيث تنصل من المسؤولية في عهد كرمان، فيما لم يتأخر في التأكيد على أنه قام بما أملاه عليه القانون كمحافظ بداية من جوان 2001، مشيرا في هذا الخصوص، إلى التقرير الذي أعد في أكتوبر 2001، والذي تمّ إرساله من قبل نائبه تواتي علي إلى الأمانة العامة لوزارة المالية في عهد وزير المالية الأسبق مراد مدلسي، غير أن القاضية حاصرته بسؤال يتعلق بخلفية عدم تطبيقه لقانون القرض والنقد 90 10، الذي يخوّله كمحافظ رفع دعوى جزائية، لاسيما وأن المسألة تتعلق بخروقات خطيرة تخالف حركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وهنا رمى لكساسي الكرة في مرمى وزارة المالية، مؤكدا بأن عدم تحركه راجع لعدم تلقيه ردّا من مصالح مراد مدلسي، على الرغم من مرور 8 أشهر من تسلمها التقرير المذكور. وأمام هذا الإلتباس، اضطرت رئيسة المحكمة لاستدعاء أمين عام وزارة المالية في عهد مدلسي، الذي وجه إليه تقرير بنك الجزائر، الشاهد لكحل عبد الكريم، حيث أكد تسلمه التقرير قبل أن يحوّله رأسا إلى السكرتيرة الخاصة للوزير مدلسي، مستدلا بدفتر البريد الوارد، والرسالة التي أرفقها مع التقرير "اللغز" الذي لم يظهر له أثر منذ تسليمه لمكتب الوزير، وكان ذلك في 18 ديسمبر 2001، الأمر الذي دفع برئيسة الجلسة إلى استخراج وثيقة من ملف القضية هي عبارة عن تذكير (رابال) موجه من بنك الجزائر بتاريخ 13 جانفي 2002. غير أن رئيسة المحكمة لمست شيئا غير عادي فيما يتعلق بحيثيات إرسال هذا التقرير من قبل نائب المحافظ محمد لكساسي، السيد علي تواتي، إلى أمين عام وزارة المالية، عبد الكريم لكحل، وهو السؤال الذي وجهته الرئيسة للشاهد تواتي، لكن هذا الأخير لم يقدم إجابة مقنعة، مكتفيا بالقول "كنت أعتقد أنني في مستوي الأمين العام لوزارة المالية، ولو أرسل التقرير من قبل المحافظ شخصيا، لكانت وجهته وزير المالية"، في الوقت الذي واجه بالسكوت سؤالا آخر يتعلق بالأسباب التي كانت وراء عدم قيام المحافظ بمراسلة وزارة المالية شخصيا، قبل أن يستدرك الأمر متعللا بالفراغ القانوني الذي يطبع العلاقة بين وزارة المالية وبنك الجزائر. ولتجاوز هذا الجدل، تدخل النائب العام، موضحا بأن التقرير الذي أرسل إلى وزارة المالية عبر أمانتها العامة، تسلمه الوزير مراد مدلسي، وقد تأكد هذا كما قال من خلال التحقيق الأولي على مستوى محكمة الشراڤة، مشيرا إلى أن التقرير اختفى بعد ذهاب مراد مدلسي ومجيء محمد ترباش خليفة له. وسبق ل "الشروق اليومي" أن تناولت قضية "التقرير اللغز" الذي اختفى على طاولة مراد مدلسي، بحيث أكد الأخير أنه لم يرفع دعوى قضائية ضد بنك الخليفة، بحجة اعتقاده بأن هذا التقرير كان للإعلام، ولم يكن من أجل اتخاذ إجراءات عقابية، غير أن قضية هذا التقرير أخذت أبعادا أخرى بعد مجيء محمد ترباش، الذي لم يعثر على التقرير، كما جاء، في تصريحه أمام قاضي التحقيق لمحكمة الشراڤة، بحيث أشار إلى أنه لم يسمع به إلا بعد مراسلته من قبل مدير ديوان رئيس الحكومة الأسبق إبراهيم بوزبوجان، المتعلقة بالتقصي حول مصير تقرير بنك الجزائر، الأمر الذي اضطر ترباش إلى طلب نسخة أخرى، تردد بأنها لم تكن مثل الأولى، وهي المسألة التي يمكن أن يثريها صبيحة اليوم الخميس أمام هيئة محكمة الجنايات، الوزير الأسبق للمالية محمد ترباش المدعو كشاهد. البليدة: محمد مسلم: [email protected]