وجهت مؤخرا المديرية العامة للأمن الوطني، تعليمة إلى مسؤولي وموظفي الشرطة بمختلف فروعها وتخصصاتها، تحذر فيها من تسريب أو "إفشاء" معلومات وأخبار أمنية مازالت قيد التحقيق. أكدت معلومات تحصلت عليها "الشروق" من مصادر متطابقة، أن المدير العام للأمن الوطني، العقيد علي تونسي، وقع تعليمة داخلية موجهة لضباط وأعوان الأمن الوطني، تحذر من تسريب أخبار أمنية، لم تنته التحقيقات بشأنها، وأبرزت نفس التعليمة الجديدة، تعرض مسرّبي هذا النوع من المعلومات إلى الصحافة الوطنية، مستقبلا، إلى إجراءات عقابية وتأديبية صارمة.وحسب ما توفر من معلومات، فإن الضباط والأعوان ومختلف مستخدمي الأمن الوطني، الذين يتورطون من الآن فصاعدا في تسريب أخبار متصلة بتحقيقات أمنية غير منتهية، وتوصيلها إلى الصحافة بطريقة غير رسمية، سيتعرضون الى عقوبات تصل إلى حد الفصل النهائي من الوظيفة وكذا المتابعة القضائية بتهمة إفشاء "أسرار مهنية" والتشويش على سرية التحقيق.وتأتي هذه التعليمة، على خلفية قضية الإنتحارية الإفتراضية "صبرينة" بولاية البويرة، التي إتضح بأنها بريئة من التهم الموجهة إليها، بعد تنظيم ندوة صحفية من طرف ضباط بأمن ولاية البويرة، أعلنوا فيه عن "إلقاء القبض على صبرينة التي كانت مرشحة لتنفيذ عملية إنتحارية ضد محافظة الشرطة بالأخضرية"، وهي المعلومات "الخاطئة" التي فندها مباشرة، بيان صدر عن المديرية العامة للأمن الوطني، حيث تأكد عقب تحقيقات معمقة، أن الوشاية الكاذبة من طرف أحد الموقوفين بدافع الإنتقام ولأسباب شخصية، كانت وراء توقيف الضحية وتوجيه إتهامات لها تبين أنه لا أساس لها من الصحة.تحذير مسؤولي ومستخدمي الأمن الوطني من إفشاء معلومات سرية مازالت قيد التحقيق، يأتي في وقت تقرر فيه، قبل أيام، معاقبة أحد الضباط المتسببين في قضية "إنتحارية الأخضرية"، وتندرج تعليمة المديرية العامة للأمن الوطني، في سياق حماية التحقيق الأمني من التشويش بما يؤمن "حقوق وكرامة" الموقوفين والمتهمين، إنطلاقا من أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.وتؤكد معلومات مطلعة، أن إخضاع المتورطين في تسريب أخبار أمنية قيد التحقيق، إلى إجراءات عقابية وتأديبية، لا يهدف إلى "التعتيم" على المعلومة الأمنية ومحاصرة مصادر الخبر وتضييق الخناق على حصول وسائل الإعلام عن معلومات تستخدم لفائدة الرأي العام، ولكن الأمر يتعلق بتنظيم و"تنقية" المعلومات بما لا يضرّ بحقوق الموقوفين والمتهمين الذين من الممكن أن يستفيدوا من البراءة بعد إنهاء التحقيقات.وقد كشفت قضية "إنتحارية الأخضرية" المزعومة، أن هناك خللا في تدوير وتوزيع المعلومة الأمنية بطريقة مدروسة ومنظمة وغير قابلة للطعن والتكذيب، والحال برأي مراقبين، أن المديرية العامة للأمن الوطني، تحمل مسؤوليتها في الوقت المحدد، وبرأت بتحقيقاتها ساحة المتهمة، وعاقبت بالمقابل "المتسبب" في الإعلان عن معلومات مغلوطة تم تقديمها للرأي العام.