كان الحواس رماش، رئيس نادي أهلي برج بوعريريج، صريحا معنا إلى أبعد الحدود وحدثنا بتلقائيته المعهودة، فبيّن بأنه يرأس ناديا بسيطا من حيث الإمكانات لكنه كبيرا في الطموحات والطاقات الكامنة وهنا يكمن التحدي الذي رفعه من أجل إدخال الفرحة على »الجراد الأصفر« وتشريف الكرة الجزائرية على الصعيد العربي، حيث استطاع أبناء البيبان أن يثبتوا للجميع بأنهم يملكون فريقا من طينة الكبار. استطعنا تدارك ما فات وعلى المتتبعين أن يقيّموا بعيدا عن لغة الغرور، التي عودنا عليها بعض رؤساء النوادي، يقول رماش إن فريقه يعرف تحسنا ملحوظا وبالنظر إلى الأرقام هناك تقدم في النتائج، ورغم ذلك هناك عمل كبير ينتظر المسيرين والطاقم الفني واللاعبين والمشوار لازال طويلا. وفي كل الأحوال التقييم يبقى للمتتبعين الذين بإمكانهم أن يصنفوا الأهلي دون خلفية أو عاطفة. أما عن الصعوبات التي واجهت الأهلي في بداية الموسم وطيلة مرحلة الذهاب، فيعتبرها رماش فترة فراغ مرّ بها الفريق ويفضل عدم الخوض في خلفياتها ولا يمكن الرجوع إلى الوراء، والمهم أنه تم تجاوزها إلى حد كبير وقد تم ذلك بتركيز الاهتمام على اللاعبين الذين وفّرت لهم إدارة النادي كل الظروف الملائمة لتفجير طاقاتهم والخروج بالفريق من منطقة الخطر وهو الأمر الذي بدأ يعطي ثماره مع مرور الوقت. كل اهتمامنا منصب على البطولة وإذا كان فريق الأهلي يصارع على ثلاث جبهات هي البطولة وكأس الجمهورية ودوري أبطال العرب، فإن رماش يقول بأن الاهتمام الأكبر مركز على البطولة لتحقيق مرتبة مقبولة. وبالرغم من الاستفاقة الأخيرة والابتعاد عن منطقة الخطر، إلا أن الأمر لازال عالقا ولم يفصل فيه بعد، لأن البطولة لازالت طويلة والرؤية لم تتضح بعد، باعتبار أن كوكبة المقدمة متقاربة في النتائج والحصيلة، ونفس الشيء بالنسبة لفرق المؤخرة، وبالتالي فإن كل نقطة لها قيمتها في البطولة وهو الأمر الذي يسعى إليه الأهلي، حيث يحاول جمع أكبر عدد من النقاط دون السماح في نقاط اللقاءات التي تجرى بملعب 20 أوت. وأما كأس الجمهورية يقول محدث الشروق اليومي بأنها لم تكن مدرجة ضمن أهداف الفريق ورغم ذلك المشوار حاليا في صالح الأهلي وقد تمكن من التأهل على حساب فريق محترم اسمه وداد تلمسان، مما فتح الشهية للبرايجية لخوض هذه المنافسة بنفسية متحررة. ويقول رماش إن الكأس ليست من اهتمامات الأهلي وكل النتائج التي ستحقق ستكون من قبيل النافلة. وأما فيما يخص دوري أبطال العرب يقول الحواس بان فريقه حقق الهدف المنشود والمتمثل في التأهل إلى الدور الثاني وقد تم قطع هذه التذكرة بنجاح وبالتالي فإن الأهلي قد حقق المطلوب منه وكل النتائج التي ستأتي فيما بعد ستكون إيجابية وستكون من الفوائد التي سيجنيها الفريق. ويقول رماش، صراحة لا يمكنني الحديث عن الظفر باللقب العربي في ظل الإمكانات المتاحة للنادي والتي لا يمكن مقارنتها بممتلكات الفرق العربية ويكفي الأهلي أن يحسن وضعه في البطولة الوطنية. البرج يملك طاقات لا بأس بها ومثل جميع الفرق، خاض الأهلي تجربة الاعتماد على اللاعبين المستقدمين، وفي رأي رماش لا فرق بين البرايجي وغير البرايجي إلا بالإمكانات والقدرات وبالتالي لا يهم اللاعب من يكون بقدر ما يهم ماذا سيقدم للفريق. ويستدرك رماش قوله، أنه لما تولى منصب الرئيس وجد لاعبا واحدا فقط من البرج والبقية كلهم من فرق أخرى، لكن مع مرور الوقت وصلنا إلى 70٪ من اللاعبين محليين ومن أبناء المدينة وهناك طاقات شابة بإمكانها حمل ألوان الأهلي وتمثيله أحسن تمثيل، كما بإمكانهم أن يوفروا على النادي مصاريف الإقامة وكل التكاليف التي يستفيد منها المستقدمون. أحسن الأفارقة موجودون في البرج وأكد رماش أنه نجح إلى حد بعيد في عملية الاستقدامات المتعلقة باللاعبين الأفارقة ويؤكد بأن البرج تملك أحسن العناصر الأجنبية، حيث تم استقدام لاعبين يملكون قدرات فنية عالية ودون أن يكلفوا النادي أموالا ضخمة، وبالتالي فإن صفقة الأفارقة كانت مربحة بالنسبة للأهلي وينتظر أن تعطي ثمارها أكثر في المستقبل، فمثلا الكاميرونيان موسو وبوكو يملكان قدرات لا بأس بها وبالاحتكاك أكثر وبالتعود على أجوائنا وملاعبنا بإمكانها أن يكونا من أحسن الأفارقة في الجزائر. الأهلي صنع أسماء العديد من اللاعبين وإذا كان الاستنجاد بلاعبين من فرق أخرى ضروريا، فإن الأهلي يقول رماش كان له الفضل في خلق أسماء للعديد من اللاعبين الذين لم يكن لهم صدى كبير من قبل، فبعد مشاركتهم مع أبناء البيبان أصبحوا من اللاعبين الكبار، كما هو الشأن بالنسبة لبوجليد الذي كان من قبل مع شبيبة القبائل واتحاد الشاوية، لكن لما جاء إلى البرج سطع نجمه وأصبح من أحسن اللاعبين وطنيا. ونفس الشيء بالنسبة لدربال الذي جاء من المشرية، وكذلك هواري القادم من غليزان. وأما فيما يخص لوصيف فهو من اللاعبين المطلوبين في الخليج وله مستقبل واعد مثله مثل ماني وكذلك دفاف الذي يستحق أن يكون لاعبا دوليا. سننشئ مدرسة للتكوين العام المقبل وفي سياق الحديث عن اللاعبين يقول رماش، إن الأهلي لا يملك في الوقت الحالي مدرسة تكوينية بأتم معنى الكلمة، لكن هذا المشروع سيتجسد بحول الله ابتداءً من الموسم المقبل، أين سيتم التركيز على الفئات الصغرى التي ستكون الخزان الممول لفريق الأكابر، مع العلم أن هذا الأمر كان مهملا في السابق لأن الفريق كان في كل مرة يمر بظروف صعبة خلال منافسة البطولة كانت تطغى على اهتمامات المسؤولين عن النادي. لكن مستقبلا ستحظى العناصر الشابة بعناية أكثر. بورصة اللاعبين ضربا من الجنون اعتبر رماش بورصة اللاعبين في بلادنا ضربا من الجنون ولا يمكن السكوت عنها لأنها ظاهرة لا ترتكز على أي منطق. وبالنسبة للأهلي فقد تعمد تجنب اللاعبين الكبار، باعتبار أن الإمكانات المالية لا تسمح من جهة ومن جهة أخرى سياسة النادي ترفض أي تلاعب بالأموال ولا يمكن أن يستحوذ عليها لاعب بمفرده. ولذلك فإن الأهلي استقدم لاعبين من فرق تلعب في القسم الأول والثاني وحتى في المستويات الدنيا واستطاعوا أن يقدموا جهودا في المستوى ويقفوا الند للند أمام الفرق الكبرى. وكما يلاحظ الجميع، الأهلي لا يملك مشاهير، لكن لديه فريقا متكاملا ويملك عناصر جلبت الانتباه وأصبحت مطلوبة من العديد من الفرق، كما استطاعت أن تفرض نفسها على المستوى العربي وتلعب دون أي عقدة وتستحق أن تكون ضمن قائمة اللاعبين الدوليين الذين لا يفرقون عنهم في أي شيء. أنا الرئيس الوحيد الذي لم يطرد أي مدرب وفي حديثه عن المدربين الذين أصبحوا كبش فداء كلما حلت النتائج السلبية، يقول رماش بكل افتخار إنه الرئيس الوحيد الذي لم يتبنّ هذه السياسة ولم يقم إطلاقا بطرد أي مدرب لأن هذه العقلية لا تخدم الفريق ولذلك لم يتم إبعاد أي مدرب، إلا إذا طلب الرحيل بنفسه، كما كان الشأن مع زكري الذي درب الفريق لمدة ثلاث سنوات ورحل بمحض إرادته. كما أن الأهلي مر هذا الموسم بفترات صعبة، لكن إدارة النادي لم تلق باللوم على المدرب، بل ظلت متمسكة ببسكري وتعتبره من خيرة المدربين. ويضيف رماش أن من شيمه أن يحافظ على المدرب ولا يخضعه لضغط الجمهور. الخزينة تنتظر المزيد رغم النتائج الايجابية التي حققها أبناء البيبان وتمثيلهم الناجح للجزائر في دوري أبطال العرب، إلا أن هذا الفريق لازال يعاني من الناحية المالية، حيث يقول رماش بأن طموحاتنا فاقت إمكاناتنا بكثير ومن حسن حظ الأهلي أن السند الكبير جاء من لدن السلطات الولائية والبلدية التي وقفت بجانب النادي، بالإضافة إلى الدعم الذي كان من المؤسسات الالكترونية مثل »كوندور« و»شيروكي« و»كريستور«، في حين أن دعم سوناطراك المقدر ب700 مليون سنتيم لم يدخل الخزينة بعد وفي كل الأحوال يقول رماش إن النادي بحاجة إلى دعم أكثر حتى يتسنى له تقديم نتائج أحسن. النوادي الجزائرية لازالت بعيدة عن عالم الاحتراف إذا كان بعض رؤساء النوادي يتحدثون، من باب الاستهلاك الإعلامي، عن تحويل النوادي الرياضية إلى شركات ذات أسهم، فإن رئيس الأهلي يقول بأن هذه الفكرة خاطئة وغير واقعية على الأقل في الوقت الحالي، لأنه لا يوجد أي نادي يمكنه الارتقاء إلى هذا المستوى. وعلى سبيل المثال يتساءل رماش، هل هناك فريق يملك ملعبا أو هيكلا هاما؟ إن مثل هذه القضايا لا يمكن الحديث عنها في غياب الهياكل ولا يمكن لأي نادي أن يتحدث عن هذا الأمر وهو لازال يعيش على عاتق الدولة ويقتات من الولاية والبلدية ولا يستطيع الاستغناء عنهما. فكيف نتحول يضيف رماش إلى شركة ونحن لازالنا ندفع حقوق التدريب في الملعب والمداخيل الضئيلة للمباريات لا ننال منها إلا 30٪ هل هذا معقول؟ ولذلك يقول الحواس إن الذين يتحدثون عن شركة ذات أسهم في الوقت الحالي هم في الحقيقة يحلمون ويقولون مجرد كلام وفي الواقع لازلنا بعيدين كل البعد عن عالم الاحتراف. سمعة الأهلي طيبة في كل الأوساط أشار محدث الشروق اليومي إلى الوضع المتعفن الذي تعرفه كرة القدم في بلادنا والتي أصبحت ترتكز على النتائج مهما كانت الوسائل والسبل، حيث يتبنى البعض سياسة البزنسة التي زادت في تدهور الوضع عندنا، خاصة بعدما أصبح الحكام يتحكمون في نتائج المقابلات ويحددون مصير الفرق، كما يلجأ بعض رؤساء النوادي إلى ترتيب النتائج وشراء الذمم وهو وضع مؤسف، في نظر رماش، الذي يقول بأن فريقه لم ولن يلجأ إلى مثل هذه التصرفات والحمد لله كل عناصر الأهلي معروفة بنزاهتها وسمعتها طيبة في الوسط الكروي. سمير مخربش