شبه المحامي علي مزيان في مرافعته لصالح الطرف المدني في قضية الخليفة رفيق عبد المومن خليفة ب "مصاص الأموال"، إسقاطا على شخصية الرعب الشهيرة "مصاص الدماء"، وقال إن بنك الخليفة تحول إلى "آلة مصاصة للأموال" في يد عبد المومن خليفة، تمكن خلالها من امتصاص أموال الشركات العمومية والمؤسسات الخاصة، إلى جانب أموال المواطنين، وأكد الأستاذ علي مزيان في مرافعتة التي وصفت ب "القيمة" أن هذه "الآلة المصاصة". مكنت عبد المومن خليفة من امتصاص 5600 مليار و700 مليون سنتيم من أموال الدولة، أي أموال القطاع العمومي و200 مليار و600 مليون سنتيم من أموال القطاع الخاص و1400 مليار و800 مليون سنتيم من الأموال التي كانت مودعة في حسابات جارية وتعود ملكيتها في الغالب للمواطنين البسطاء والموظفين الذين كانوا يدخرون أجورهم في بنك الخليفة، استولى عليها كلها عبد المومن خليفة، مضيفا أن حجم الأموال التي هربها رفيق عبد المومن خليفة إلى الخارج وصل خلال خمس سنوات من عمر البنك إلى 11 ألف و400 مليار سنتيم، (11400 مليار سنتيم)، وهو ما يعادل 1 مليار و500 مليون دولار تم تهريبها خلال الفترة الممتدة ما بين 1998 تاريخ نشأة البنك و2003 تاريخ سحب الاعتماد من البنك وانطلاق عملية تصفيته، وهذا يعني - حسبه - أن من ضاع له مبلغ 1000 دينار في بنك الخليفة سيعيد له المصفي 50 دينارا فقط، أي 5 بالمائة من أمواله، وذلك لأن المصفي مضطر إلى تقسيم الأموال المسترجعة بالعدل بين كل المودعين الضحايا، أي تعطى لهم جميعا 5 بالمائة من أموالهم، عملا بمبدأ "أفضل من لا شيء". وتساءل علي مزيان في هذا الصدد "أين هي كل هذه المبالغ من الثلاثة ملايير دولار التي يتحدث عنها عبد المومن خليفة ويقول ل "قناة الجزيرة" بأنه تركها في البنك قبل أن يفر إلى الخارج، وقال المحامي في هذا الصدد "حتى لو فرضنا أنه فعلا ترك ثلاثة ملايير دولار في البنك، فإنها لا تعادل سوى 210 مليار دينار. العالم كان ينظر للجزائريين على أنهم "قتلة" وبسبب عبد المومن خليفة أصبح ينظر إليهم على أنهم"قتلة ولصوص" كما أكد علي مزيان أن المصفي اكتشف أن عبد المومن خليفة خدع بنك الجزائر، لأنه كان يسلم له ملفات لعمليات استيراد وهمية تقدر قيمتها بالملايير، ويحدد قيمة السلع الوهمية بالأورو أو بالدولار، حسب العملة التي يريدها، وبناء على ذلك يقوم بنك الجزائر بتحويل ثمن السلع المستوردة من الخارج إلى البنوك المراسلة لبنك الخليفة أين يملك بنك الخليفة حسابات هناك، بعد ذلك يتنقل عبد المومن خليفة إلى البنوك التي حول لها بنك الجزائر المبالغ ويسحبها لنفسه، دون أن يتفطن بنك الجزائر لذلك، كما هرب البنك 17 مليون أورو و19 مليون دولار من خلال 360 عملية تجارة خارجية غير قانونية قام بها بعد قرار بنك الجزائر القاضي بمنع عمليات التجارة الخارجية التي تمر عبر بنك الخليفة وتجميد عمليات تحويل العملة الصعبة لمراسلي بنك الخليفة في الخارج، وذهب الأستاذ علي مزيان إلى حد القول إن "عبد المومن خليفة ألصق صفقة "اللصوصية" بالجزائريين، فقد كان العالم ينظر للجزائريين على أنهم قتلة بسبب الإرهاب، لكن عبد المومن خليفة ألصق بهم صفة أخرى، هي صفة "اللصوص"، فأصبح العالم ينظر إلى الجزائريين على أنهم "قتلة ولصوص" وليس قتلة فقط. وحسب نفس المحامي، فإن الخلل الموجود بين نسبة الفوائد العالية التي كان البنك يمنحها للمودعين ونسبة الفوائد المنخفضة جدا التي كان البنك يأخذها عن أصحاب القروض كان سببا كافيا لإفلاس البنك. ومن ثم، فإنه كان على بنك الجزائر أن يعلن إفلاس البنك منذ البداية وليس تصفيته. "عبد المومن" كان يتصرف في البنك بعقلية صاحب الدكان وقال دفاع الطرف المدني إن عبد المومن خليفة كان يتصرف في البنك بعقلية صاحب الدكان الذي لا يميز بين مصروف العائلة أو مصروف الجيب وبين رقم أعمال الدكان، وتأسف المحامي، لأن عبد المومن خليفة استغل أكفأ الأدمغة الجزائرية التي رفضت هجرة الوطن واختارت البقاء في الجزائر ووظفها في بنكه ليستفيد من خبرتها وكفاءتها، ثم ورطهم معه جميعا، وتركهم وراء القضبان، وفر هو بجلده إلى الخارج، غير أن هذا لا يمنع - حسبه - من أن هناك متهمين متورطين إلى آذانهم ومنهم من يعلم أين ذهبت حصص هامة من الأموال الضائعة التي لم يعثر عليها إلى يومنا هذا، لكنهم لا يريدون الكلام. ولم يتوقف المحامي عند هذا الحد ليقول إن "بنك الخليفة لم يكن يمارس التجارة، مثلما تفعل البنوك، بل كان يمارس الطراباندو"، مضيفا "الجميع كان يعلم أن رفيق عبد المومن خليفة ابن وزير سابق، ولذلك قدموا له المساعدة وفتحوا له كل الأبواب وسهلوا عليه كل الأمور، وهو استغل مساعدتهم له، عبد المومن خليفة كان يستمد مصداقيته من مسؤولي الدولة الجزائرية الذين كان يحرص على الظهور معهم في الصور وأمام الكاميرات والجلوس قربهم في الصالونات والحفلات الرسمية، ولاسيما مع الوزراء ومع رئيس الجمهورية لكسب الثقة والمصداقية التي تمكنه من الإيقاع بضحاياه، لأن مجرد الظهور مع رئيس الجمهورية يعطي الانطباع أن الشخص نزيه وذو مصداقية ومحل ثقة وأنه مقرب من القيادات العليا للبلاد، وكان ذلك سببا كافيا لجعل الكل يتقرب من عبد المومن خليفة ويودع الأموال في بنكه. ولإقناع محكمة الجنايات بهذه الفكرة استدل المحامي علي مزيان بحادثة وقعت للرئيس الراحل هواري بومدين عندما ذهب في زيارة إلى تلمسان أين التقى بأحد رفاقه في الثورة التحريرية، فسأله "بماذا يمكنني أن أخدمك"، فرد عليه المجاهد "أريد فقط أن يراك الناس معي، يكفيني شرف ذلك، وهذه أكبر خدمة تقدمها لي". جميلة بلقاسم: [email protected]