قد يغرم كثيرون بتناول الفاكهة في غير موسمها و تشتهيها الأنفس رغم التهاب أسعارها بفعل قانون العرض و الطلب، بل قد يعد ذلك دلالة على الثراء و حب التميز من خلال الحصول على ما يبعد عن الآخرين مناله، و لا تزال "الوحماء" تطلب الثمار قبل حين اقتطافها في فترة "الوحم". لكن الغريب هاته الأيام بوهران أن وحم المرأة الحامل قد أصاب الجميع و لم يرغب عنبا و لا قضبا و لا زيتونا، و إنما مثلجات ، حيث يتهافت الناس بعتبة الخروج من فصل الشتاء على المثلجات و قطع "الاسكيمو" و كأنهم يعجلون بحلول موسم الصيف و حراراته المجففة لريق الفم. الكثير من المارة يبدون اندهاشهم إذا ما رأوا أحد "المتوحمين" يلعق بلسانه "آيس كريم"، حيث عّبر لنا أحدهم أن" الأمور انقلبت رأسا على عقب و لم يعد يفهم شيئا"، في حين لم تخفنا عجوز حيرتها و هي تلاحظ مراهقة تداعب برودة "الآيس كريم"، ولم نشأ أن ننقل من تمتماتها غير "الله يسترنا".." قد يكون الاعتدال الملاحظ في درجات الحرارة نهاية شهر فيفري سببا رئيسا في التعجيل بتناول المثلجات قبل أوانها و اللهث وراء كل ما هو بارد، لكن أحد التجار أسّر لنا "أن التجارة شطارة و الأسبق بالعرض أربح"، حيث لم تتريث كثير من محلات الأكل السريع و المقاهي و المحلات الموسمية في اقتناء معدّات المثلجات و مبّردات "الاسكيمو" ووضعها بالواجهة مصحوبة بصور اشهارية ترغّب الماّر بالمحل و ترشحه لأن يكون زبونا فوريا لقطعة مثلجات. إذ اعتبر أحد محدثينا و هو صاحب محل للأكل السريع أن المثلجات رغم أنها موسمية، إلا أنها تدر مداخيل محترمة نظرا للإقبال الواسع عليها و صارحنا أن أرباحه في كامل السنة لا تقارن بما يجنيه من بيع المثلجات و رغم عدم الاستقرار في حالة الجو خلال هذا الشهر إلا أنه فضل التكيف مع درجات الحرارة حيث يضطر في الأيام الباردة إلى التوقف عن إعداد "الآيس كريم"، و قد لاحظ هو كذلك أن كثيرا من الزبائن يرغبون في المثلجات "ربما اشتياقا لها" أو جنونا إلى باقي جنون التعري و ارتداء الصيفي من اللباس" حسب تعبيره. مقاهي الكورنيش الوهراني و أصحاب قاعات الشاي تتأهب هي الأخرى "لتثليج الصدور" و انتهاز الفرص حيث تداوم هاته المحلات بحلول الصيف ال 24 ساعة، و رغم أن أسعارها ساخنة بقدر برودة المثلجات تصل إلى 300 دج للكوكتال الواحد، إلا أن زبائنها لا يعدّون على الأصابع بما فيهم العائلات و الأصدقاء و كذا الأزواج، حيث تدخل في الحسبان خدمات الاستقبال و المكان المطل على البحر... و لعل الأطفال يظلون زبائن بائعي المثلجات المفضلين، إذ يسارعون إلى شرائها بمجرد لمحها، و كثيرا ما يقع الوالدان في حرج أمام أحد هاته المحلات وسط صراخ الطفل طلبا ل"آيس كريم"." صالح فلاق شبرة