رهن المنتجون الخواص للحليب السائل العودة إلى ممارسة نشاطهم، بتدخل الدولة لتجاوز ما وصفوها ب "مشكلة" غلاء أسعار الحليب الجاف في الأسواق العالمية، والتي أدت إلى ارتفاع السعر الحقيقي للتر الواحد من هذه المادة الواسعة الاستهلاك، إلى ما لا يقل عن 39.47 دينار، في الوقت الذي تطالبهم الدولة بالإبقاء على سعر ال 25 دينار، وهو سعر إداري، لا يتماشى مع واقع السوق، على حد تعبير زياني عبد الوهاب رئيس الفدرالية الوطنية للصناعة الغذائية، فرع الحليب. رئيس فدرالية منتجي الحليب، أوضح في اتصال هاتفي مع "الشروق اليومي" أن الندرة التي يواجهها المواطن فيما يتعلق بمادة الحليب السائل مردها إلى نفاذ احتياطي المنتجين من "غبرة الحليب"، التي تعتبر المادة الأساسية في إنتاج مادة الحليب السائل، بعدما كانوا قد لجأوا إليها بعد تطمينات كل من وزير التجارة الهاشمي جعبوب ورئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم في وقت سابق، بتدخل الدولة لتسوية القضية، وذلك بتعويض المتضررين عن الخسائر المترتبة عن الزيادات التي مست الأسعار في الأسواق العالمية، من دون أن يصل الأمر إلى الرفع من أسعار هذه المادة الضرورية في الأسواق المحلية، حيث كشف الأول عن اعتزام الدولة إنشاء ديوان وطني للحليب يتمثل دوره في استيراد غبرة الحليب من الخارج وإعادة بيعه للمنتجين المحليين بأسعار تتناسب مع الأسعار الحالية. وأشار المتحدث في هذا السياق، إلى أن المنتجين انتظروا كثيرا ما وعدت به الحكومة، "غير أن الأمر طال، على الرغم من الوعود التي قطعتها الدولة على نفسها"، الأمر الذي دفعهم مجددا إلى دعوة الأطراف المعنية بأزمة الحليب الأسبوع المنصرم، إلى الحوار لتجاوز المشكلة، لكن من دون نتيجة، بحيث لم يف الوزير بوعوده المتمثلة في الجلوس إلى المنتجين، ما جعلهم يعتزمون توجيه رسالة إلى رئيس الجمهورية شخصيا، عل المشكلة تجد حلا نهائيا. وذكر المتحدث أن المنتجين كانوا قد قرروا التوقف عن النشاط قبل مدة للإبقاء على الاحتياط في مستوى معين وبحث المسألة مع المعنيين بالأمر، لكنهم اطمأنوا للوعود وعادوا إلى العمل إلى أن انتهى الاحتياطي نهائيا، وعندها تقرر التوقف عن النشاط، يضيف عبد الوهاب زياني، لأن المنتجين لم يتمكنوا من اللجوء مرة أخرى إلى الأسواق العالمية بسبب ارتفاع سعر الطن الواحد من غبرة الحليب إلى حدود 3000 يورو، بعدما كانت السنة الماضية تتراوح ما بين 1400 يورو و1900 يورو للطن الواحد. ووفق منطق هذه الأرقام، فإن المنتجين يعتبرون سعر اللتر الواحد من الحليب السائل، والمقدر ب 25 دينارا، محدد إداريا ولا يتماشى مع المعطيات الجديدة التي فرضتها بورصة الحليب في الأسواق العالمية، لأن السعر الحقيقي في هذه الحالة حسب المتحدث، يصبح في حدود ما يقارب الأربعين دينارا، وهو ما دفع برئيس فدرالية الصناعات الغذائية، إلى تخيير الحكومة بين أمرين اثنين، إما تحمل الفارق في سعر الحليب، أو تحرير الأسعار، الذي من شأنه أن يقود إلى حصول ارتفاعات مؤقتة في الأسعار، لكنها سرعان ما تعود إلى النزول، تماما مثلما حدث مع مادة السكر، وهو إجراء قد يؤدي على كسر احتكار الاتحاد الأوربي للسوق الجزائرية، وذلك بفتحه أمام منتجين آخرين على غرار الأرجنتين وفنزويلا. وردا على هذه التصريحات التي حملت هيئة الهاشمي جعبوب جانبا من المسؤولية في أزمة الحليب، التزم مصدر مسؤول بوزارة التجارة فضل عدم الكشف عن هويته، بما كان قد قاله رئيس الحكومة في وقت سابق من أن الدولة لا زالت ملتزمة بدعم مادة الحليب، واعتبارها جزء لا يتجزأ من المواد الغذائية المدعومة من قبل الدولة، مؤكدا في الوقت ذاته على أحقية المتضررين في الحصول على تعويضات عن الفارق الحاصل بين الأسعار في الأسواق العالمية ونظيرتها المحلية، غير أنه لم يتمكن من توضيح طبيعة هذا التعويض. محمد مسلم:[email protected]