أفضت تحقيقات مصالح الأمن في قضية تفجيرات درقانة والرغاية، التي قامت بها الجماعة السلفية للدعوة والقتال عن طريق شاحنات مفخخة خريف السنة الماضية، بعد إعلانها الانضمام لتنظيم القاعدة، إلى أن تلك الشاحنات تم اقتناؤها من المغرب وأدخلت للجزائر عن طريق التهريب وقد تم استخراج وثائق سير لها، بعدما قام أشخاص من شبكات الدعم والإسناد بتسجيلها في النظام المركزي للإعلام الآلي لولاية الجزائر. وذكرت جريدة "لوجور دالجيري" في عددها أمس، أن عمليات تزوير الوثائق تمت بتواطؤ من موظفين في دائرة براقي بالعاصمة مقابل مبلغ 50 مليون سنتيم، وهؤلاء بدورهم حلقة من سلسلة في شبكة دعم تزود تنظيم عبد المالك دروكال المدعو أبو مصعب عبد الودود، الأمير الوطني للجماعة السلفية للدعوة والقتال بالشاحنات اللازمة لتنفيذ العمليات التفجيرية، والخصوصي في هذه العمليات أن عناصر الجماعة المسلحة كانوا يتنقلون في تلك الشاحنات بوثائق سير مسجلة، دون أن يخشوا اكتشاف أمرهم في نقاط التفتيش والمراقبة المنتشرة عبر الطرقات التي كانوا يستعملونها. وجاء في اعترافات هؤلاء العناصر عند مثولها أمام مصالح الأمن، حسب ما ذكرت الصحيفة، أن العربات كانت تستقدم من المغرب وتدخل الجزائر بطرق غير شرعية عن طريق التهريب، لتتكفل عناصر أخرى بتحضير الوثائق اللازمة لها، مقابل مبالغ من المال حددت ب50 مليون سنتيم. وحسب إفادة أحد المتابعين بتهم تمويل وتموين جماعة إرهابية مسلحة، التزوير واستعمال المزور وتقليد أختام رسمية، أمام مصالح الأمن، روى المدعو م.ب المولود ببرج منايل والساكن ببومرداس، تاجر في مواد البناء، تفاصيل اقتناء شاحنة من المغرب لفائدة الجماعة السلفية للدعوة والقتال بغرض استعمالها في عمليات تفجيرية، علما أن عماليات كثيرة مماثلة تمت قبل تفكيك الأمن للشبكة، فقد قرر هو وشريكه ن.ك بمباشرة إجراءات تزويد تلك الشاحنة التي دخلت من المغرب بوثائق سير مزورة، حيث قام هذا الأخير بربط الصلة بينه وبين شخصين من الرويبة فاروق وأرزقي اللذان يكونان متخصصين في تزوير وثائق السيارات، وقد وعدا باستخراج وثائق للشاحنة بعد تسجيلها في النظام المركزي للإعلام الآلي، بتواطؤ موظفين من دائرة براقي. ويكون ذلك ما حصل بعدما سلم المعني الرقم التسلسلي للشاحنة ومبلغ أولي بقيمة 15 مليون سنتيم، وبعد 10 أيام استلم وثيقة بيع الشاحنة وعليها أختام الدولة وتوقيع ضابط الحالة المدنية باسم شخص مجهول، وبها تقدم لمصالح دائرة بئر مراد رايس لاستخراج البطاقة الرمادية وفي انتظارها حصل على وصل باستعمال الشاحنة في نقل البضائع، لكنه أوقف بتاريخ أوت 2006. وكمثال على طريقة اقتناء تلك الشاحنات، قال ن.ك لدى سماعه من طرف مصالح الأمن إنه طلب من شخص يدى رمضان مساعدته للحصول على شاحنة بوثائق مزورة لفائدة شريكه ح.د مقابل 30 مليون سنتيم، وقد تنقل الإثنان إلى مدينة مغنية أقصى الغرب الجزائري لينتقلا منها إلى مدينة وجدة المغربية، وهناك تم اختيار الشاحنة بثمن 208 مليون سنتيم ونقل رقمها التسلسلي، ليضيف ح.د من جهته في تحقيق الشرطة أنه تنقل إلى مغنية ليسأل عن تاريخ وصول الشاحنة، وفي 17 أكتوبر 2006 تلقى اتصالا هاتفيا يخبره بوصول الشاحنة إلى مدينة زهانة، وهناك استلم المفاتيح، لتلقي عليه وحده الشرطة القضائية المتنقلة لبرج منايل القبض بعد 3 أيام، وبعد تغيير مكان إخفاء الشاحنة ألقي القبض على الشركاء. لكن العربات ظلت تدخل من المغرب إلى الجزائر وتسجل بوثائق مزورة لأشخاص وهميين لتنتهي إلى الجماعات المسلحة. لكن التحقيق تقطعه قصة ك.س وهي سيدة متهمة من مواليد عين الدفلى وتقيم بالعاصمة، تعود الوقائع في قضيتها إلى سنة 2004، وقد اتفقت مع المدعو ن.ك على شراء شاحنة بوثائق مزورة و"ثمن معقول"، وعندما تنقلت على وهران رفقة هذا الاخير وجدت عدة شاحنات معروضة للبيع فاختارت واحدة من نوع "رونو" ثمنها 250 مليون سنتيم وقد وعدها البائع بنقله إلى غاية عندها بالعاصمة. لكن جاء في أقوالها حسب ما نقلته "لوجور دالجيري" أن البيع لم يتم لأنها لم تر الشاحنة، وعندما تأخرت عليها تنقلت إلى ميناء وهران لتسأل مصالح الجمارك، وهناك علمت أن الوثائق التي بحوزتها مزورة، وقد حجزت مصالح الأمن عدة بطاقات رمادية مزورة لشاحنات، كما تبين أن الوثائق بأسماء أشخاص وهميين و أن الأمر يتعلق "بشبكة متخصصة في تزوير الشاحنات والوثائق على علاقة مباشرة بالتنظيمات الإرهابية المسلحة، لتميلهم وتزويدهم بالعتاد والشاحنات المخصصة للعمليات التفجيرية". وجاء في التحقيق أيضا حسب الصحيفة ذكر اسم آخر لمزور وثائق المدعو "مصطفى تايوان" وهذا الشخص ينشط بين الرغاية والرويبة يكون وراء استخراج وثائق مزورة لشاحنات مقابل مبلغ 50 مليون سنتيم للبطاقة الرمادية الواحدة، لينتهي عدد من أعضاء شبكة الدعم والإسناد في قبضة الأمن وهم 7 أشخاص بينهم امرأة وقد قدم ملفهم لقاضي التحقيق لدى محكمة برج منايل، وينتظر أن تكون المحاكمة خلال الدورة الجنائية المقبلة، ريثما تنتهي التحقيقات. غنية قمراوي:[email protected]