ال 220 مقعد التي تحصلت عليها جبهة التحرير الوطني، في تشريعيات العاشر ماي، منطقيا، تعفي الأمين العام للأفلان، من تقديم الاستقالة من الحزب الواحد سابقا، فعبد العزيز بلخادم كان قد وعد بالاستقالة في حال لم تحقق الجبهة المرتبة الأولى في الانتخابات، أمّا وأنها لم تكتف بالمرتبة الأولى فقط، بل حصدت الأغلبية المطلقة أو الساحقة، فإن هذه المعادلة والرصيد الجديد، سوف لن يزيدا بلخادم إلاّ قوّة في مواجهة خصومه داخل الجبهة. حتى وإن جمع الخصوم عشية التشريعيات، ما لا يقلّ عن 200 توقيعا لأعضاء اللجنة المركزية، وسحبوا الثقة من الأمين العام، إلاّ أن تراجع العديد من هؤلاء وانسحابهم بشرف من "المعركة"، يصبح أقرب إلى الواقع، وليس بالموقف الغريب، طالما أن بلخادم كسب الرهان وأبقى الأفلان في المرتبة الأولى وأبعدها عن خطر "زحف الإسلاميين" الذي توقعه العديد من المراقبين، في إطار استنساخ سيناريو ما حدث في انتخابات المغرب وتونس ومصر. لقد قرّر بلخادم "تعطيل" أو تأجيل اجتماع اللجنة المركزية إلى غاية الأسبوع الثاني من شهر جوان، على نقيض ما اقترحه المناوئون الذين طالبوا ب19 ماي كتاريخ لعقد دورة طارئة للجنة المركزية، وإلى غاية 14 جوان، فإن رئيس الجمهورية سيكون قد عيّن الوزير الأول ودعاه إلى تشكيل حكومة جديدة، وفي حال تم اختيار بلخادم لهذه المهمة الحسّاسة، فإن هذا الأخير سيوجه الضربة القاضية لخصومه، الذين سيستسلمون للأمر الواقع، ويدخلون أفواجا أفواجا تحت العباية التي ارتداها في أول ظهور له بعد إعلان نتائج الاقتراع. لا يُستبعد برأي عارفين بشؤون وخبايا الجبهة، أن يكون بلخادم قد استبق الأحداث، فبتأجيله لدورة اللجنة المركزية، أراد أن ينتظر تعيين رأس الحكومة، وعندها سيذهب إلى اللجنة إمّا محصنا بمنصب الوزير الأول، في حال عيّنه بوتفليقة، وإمّا محميا بال220 مقعد برلماني في حال ما اختار الرئيس شخصية من خارج الأفلان أو الأحزاب! لقد نقل بلخادم الرعب إلى مناوئيه، بتأجيله لدورة اللجنة المركزية، ونقل إليهم الرعب بحصد الجبهة لأغلبية برلمانية لا تنقصها سوى كمشة من المقاعد، حتى تتمكن من سحق كلّ الأحزاب الفائزة وهي مجتمعة، ونقل إليهم الرعب عندما أجبرهم على الشروع في العدّ التنازلي لحسابات واحتمالات رئاسيات 2014، وأرعبهم عندما فهم المواطنون أن الرئيس بوتفليقة دعا ضمنيا إلى التصويت على الأفلان في التشريعيات، عندما قال من سطيف أن حزبه معروف، ورغم أنه قال بالمقابل: جيلي جنانو طاب والحكم بالشرعية الثورية انتهى.. وعاش من عرف قدر نفسه! تعتقد أوساط سياسية، أن خصوم بلخادم داخل الأفلان، سيُفرملون أنفسهم إلى غاية الكشف عن اختيار رئيس الجمهورية للوزير الأول، وبعدها التشكيلة الحكومية، وإن كان رأي آخر يرى أن محاولة عقد دورة طارئة للجنة المركزية، يوم 19 ماي، أي حسابيا ربما قبل تعيين الوزير الأول، هو مؤشر على التخطيط للغداء ببلخادم قبل أن يتعشى هو بهم على مائدة البرلمان والحكومة معا. يُستبعد الآن أن يرمي بلخادم المنشفة، وهو من يقول في قرارة نفسه: جناني ما طابش، ولذلك لن يترك بسهولة "تركة" الأفلان لمناوئيه "ياكلوها طايبة"، وهم ممّن تؤشّر بشأنهم عدة معطيات ومعلومات، أن العديد منهم بدؤوا في مراجعة حساباتهم، وشرعوا في التراجع عن "المواجهة" واستعراض العضلات، من باب أن "خسارة الصوف أفضل من خسارة الخروف"! إلى أن يثبت العكس، لم تنجح ما سماها بلخادم "الأوراق الميتة" المتناثرة من تشكيلة المكتب السياسي، في قطف رأسه، منذ أكثر من سنة، مثلما عجز المتساقطون من غربال الترشيح لعضوية البرلمان، عن إزاحة الأمين العام بتهمة "الإقصاء والشكارة"، بينهم رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، الذي قيّم حصيلة الجبهة في التشريعيات، بالقول أنه لا فضل لبلخادم، لأن الرئيس دعا حسبه للتصويت على الأفلان.