سادت في السنوات الأخيرة ظاهرة ليست دخيلة على مؤسساتنا التربوية بقدر ما هي مهينة للتلاميذ عندما يجدون أنفسهم مضطرين إلى تنظيف مراحيض مؤسساتهم بأنفسهم في ظل غياب عمال النظافة ونقصهم في مواطن كثيرة، في حين فرضت مثل هذه الأجواء تدخل بعض الأساتذة لتنظيف أقسامهم بمساعدة تلامذتهم خوفا من تراكم الأوساخ التي قد تتحول إلى ميكروبات وأمراض طفيلية التي تتكاثر خاصة بالمراحيض، وهي الظروف التي دفعت بالعديد من المؤسسات إلى الاحتجاج لنقص في عمال النظافة. تؤكد شهادات أساتذة وأولياء التلاميذ أن العديد من المؤسسات التربوية تفتقد لعمال النظافة، والموجودون منهم لا يلبون الطلب نظير العدد الهائل من المؤسسات التربوية التي أنشئت مقابل شح أبواب التوظيف في مجال الأسلاك المشتركة التي تضم تخصص التنظيف. وإن كانت البلديات الأكثر تضررا من الإشكال نظير الغياب الكلي لمسابقات التوظيف منذ سنوات إلا أن "اللعنة" امتدت إلى غاية المتوسطات والثانويات، حيث يضطر بعض الأساتذة إلى أخذ حيز من الوقت وتخصيصه لتنظيف الأقسام، تلك الأعمال الإضافية وإن كان مدلولها تربويا حتى يتعلم التلميذ النظافة والحفاظ على قسمه ومحيطه، إلا أن الأمور تطورت بشكل يومي جعلت من دور التلميذ والأستاذ في غير محله حتى أن العديد من المؤسسات انتفضت بعدما أضرب أساتذتها عن التدريس لتفاقم هذه الأوضاع مثلما ما حل بمدرسة احمد خوجة 2 ببراقي ومدرسة ابن رشيق بباب الزوار، في حين تدخلت "الكنابست" في كثير من المواقف لإبراز المشكل الذي امتد إلى غاية المتوسطات والثانويات بمختلف مناطق الوطن. المنظمة الوطنية لأولياء التلاميذ تؤكد وعلى لسان رئيسها علي بن زينة، في تصريح ل"الشروق"، أنها وقفت على ظاهرة مماثلة بالعديد من الولايات، أبرزها حادثة سجلت بولاية سيدي بلعباس أين تم التقاط صور لتلاميذ ينظفون القذارة بمراحيض مؤسساتهم فضلا عن أعمال تنظيف يقوم بها العديد من الأساتذة، وانتقد بن زينة مثل هذه التصرفات التي وصفها بغير المنطقية متسائلا: "كيف لنا أن نرسل أبناءنا للتمدرس ليجدوا أنفسهم منظفين لمراحيض أو ساحة مدرستهم!"، مشيرا أن القضية امتدت إلى غاية المتوسطات والثانويات بسبب سد باب التوظيف وغياب مسابقة المهنيين وفي حالة فتحها تكون بنسبة أو عدد ضئيل كما طرح قضية وجود عامل نظافة واحد داخل مؤسسة بأكملها يقوم على أكثر من 40 قسما، وهو ما اعتبره غير المنطقي مما يجعل دور المنظف اعتباطيا "للترقيع فقط"، متسببا في تراكم الغبار فوق الطاولات، مؤثرا على التلميذ الذي قد يحمل معه الميكروبات والأمراض المعدية ومعها الحساسية، وأضاف أن حتى وإن تمت عملية التنظيف فلم يعُد يستخدم المادة المطهرة. وكشف بن زينة في السياق عن 75 بالمائة من أصل 26 ألف مؤسسة تربوية تعاني العجز في عمال النظافة والصيانة مقابل ارتفاع في عدد السكان والمؤسسات، هذه الأخيرة التي أصبحت مشاهد القذارة تلازم مداخلها لتواجد الحاويات قد تسبب خطرا على صحة التلاميذ يؤكد بن زينة الذي دعا الحكومة إلى النظر في الظاهرة بفتح باب التوظيف في مهنة الأسلاك المشتركة تخصص عمال نظافة لا سيما وأن العديد منهم ذهبوا إلى التقاعد من دون أن يتم استخلافهم.