رفضت أغلب المستشفيات استقبال طلبات الأولياء والجمعيات والبلديات الراغبة في تنظيم عمليات الختان الجماعي، بسبب الإضرابات التي أرغمت المصالح الإستشفائية على اعتماد الحد الأدنى من الخدمات وتأجيل كل ما هو غير استعجالي لما بعد رمضان، بما فيها عمليات الختان، ما تسبب في أزمة وطوارئ وسط الجمعيات التي دأبت على تنظيم عمليات الختان الجماعي كل عام ما جعل المحظوظة منها تتوجه نحو العيادات الخاصة فيما ألغت أغلبها عمليات الختان التي عادة ما تستقطب أطفال العائلات البسيطة. الشروق في رحلة البحث عن عمليات الختان في المستشفيات مصالح الجراحة تغلق أبوابها في وجه الأطفال خياطي: الختان في رمضان يستقطب 500 ألف طفل وهروب جماعي للعيادات الخاصة بعد أن كانت مستشفيات العاصمة، تشهد السنوات الماضية، اكتظاظا ملحوظا في مصالح جراحة الأطفال خلال رمضان وخاصة ليلة ال27 من الشهر، بسبب عمليات الختان الجماعي والتي تقوم بها الكثير من الجمعيات الخيرية، وبعض العائلات، رفضت هذه المصالح خلال رمضان الجاري إجراء أي عملية ختان من شأنها أن تهدد صحة الطفل في ظل غياب التكفل التام بعد أن دخل الأطباء المقيمين في إضراب مفتوح ولحقهم الأساتذة الاستشفائيين . وقد تقمصت الشروق، دور إحدى العائلات الجزائرية المهتمة بختان أبنائها في المستشفيات العمومية، ودخلت مصالح جراحة الأطفال في العاصمة، وكانت البداية من مستشفى باشا، حيث أكدت لنا ممرضة أن عمليات الختان مرفوضة تماما لعدم وجود مناوبة من طرف الأطباء المقيمين المتواجدين في حالة إضراب. وللتأكد من صحة المعلومة، قابلت الشروق الأطباء الذين كانوا متواجدين في مصلحة استعجالات جراحة الأطفال، والذين أخبرونا أن المصلحة رفضت تسجيل طلبات عمليات الختان سواء التي هي من طرف الجمعيات الخيرية أو من طرف عائلات الأطفال الذين بلغوا سن الختان. وفي مستشفى نفيسة حمود "بارني" بحسين داي، ومستشفى بلفور بالحراش، تم رفض كل طلبات عمليات الختان وبصفة رسمية، بسبب إضراب الأطباء المقيمين، والذين هم غائبون خلال شهر رمضان عن المناوبة، حيث أكد لنا أطباء المصالح الاستعجالية لجراحة الأطفال، أن رفض إجراء عمليات الختان هو ضمان لصحة الأطفال وتفاديا لكوارث متوقعة. وأكد البروفسور مصطفى خياطي، رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث "فورام"، أن رفض الكثير من المستشفيات العمومية، إجراء عمليات الختان هذا رمضان، سيطرح مشكلا كبيرا وقد يتسبب في كارثة صحية، موضحا أن الأطفال الذين وصلوا إلى سن الختان سيختن أغلبهم في ظروف غامضة تملك الطابع الرسمي، بسبب جهل بعض العائلات والتي يعتقد أنها ستلجأ إلى حلول احتيالية لختان أبنائها حتى لو تطلب الأمر إحضار طبيب أو ممرض للقيام بالعملية في المنزل. وقال خياطي إن إضراب الأطباء المقيمين طرح مشكلا كبيرا، وهو حسبه، يؤكد حاجة قطاع الصحة إلى الأطباء العامين والممرضين القدامى لإجراء عمليات الختان، داعيا وزارة الصحة إلى رفع الحجر عن هؤلاء، شريطة أن تفتح لهم حصص التكوين والرسكلة. وتوقع خياطي، هروب الجمعيات الخيرية، إلى الأطباء الخواص، خاصة حسبه، أن 500 ألف طفل تقريبا في الجزائر يبلغون سن الختان سنويا. صدمة وسط الأولياء وجمعيات تلغي حفلات الختان الجماعي عيادات تستثمر في عجز المستشفيات وترفع سعر الختان إلى مليون سنتيم على غير ما جرت عليه العادة خلال شهر رمضان في السنوات الماضية، فقد دخلت العديد من العائلات هذه الأيام في رحلة بحث واسعة لضمان مواعيد ختان لأطفالها في العيادات الخاصة، خلال العشر الأواخر من الشهر الفضيل. حالة الاستنفار التي أعلنتها بعض العائلات بحثا عن أطباء أكفاء يتكفلون بعمليات ختان أطفالها، خلال شهر رمضان المعظّم، كانت بسبب عجز هاته العائلات في ضمان مواعيد لعمليات ختان الأطفال في المستشفيات العمومية، التي تعاني بدورها منذ عدّة أشهر من نقص فادح في الطواقم الطبية والجراحية، بسبب الإضراب المستمر للأطباء المقيمين منذ قرابة نصف عام، وحتى الجمعيات الخيرية التي اعتادت على تسجيل الأطفال الراغبين في إجراء عمليات الختان مع أيام شهر رمضان المعظّم، وجدت نفسها مكتوفة اليدين في أغلب الولايات، بعدما استحال عليها التواصل مع مختلف الجهات المعنية وخاصة منها إدارات المستشفيات العمومية، التي لم يجد مسؤولوها أية وسيلة لضبط برنامج الاحتفالات بمضي النصف الأول من رمضان أو ليلة السابع والعشرين منه، وتحديد مواعيد لمجموعة من الأطفال وبرمجتهم للختان كما جرّت عليه العادة، بسبب إضراب الأطباء المقيمين، وعدم توفر المعلومة الكاملة لدى مسؤولي المستشفيات بشأن ما سيقدم عليه الأطباء المقيمون خلال الأيام القليلة القادمة، ما جعل مدراء المستشفيات يؤجلون قضية الفصل في برمجة بعض عمليات الختان أو ربما إلغاءها نهائيا في ظلّ النقص الفادح في الأطباء، وهو ما أدخل العائلات في دوامة البحث عن مواعيد لدى الأطباء في العيادات الخاصة، لأنه ومخارج المستشفيات أو العيادات الخاصة المجهزّة بقاعات كاملة للجراحة يستحيل إجراء عمليات الختان للأطفال، لأن وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات كانت قد أعلنت قبل سنوات إدراج عمليات ختان الأطفال كعمليات جراحية حساسة، يتطلب إجراؤها في قاعات جراحة مهيأة، وعلى أيدي أطباء جراحين، لتفادي حدوث أية مضاعفات أو أخطاء قد تكلف الأطفال مستقبلهم. وبحسب ما ذكر بعض الأولياء أنهم كانوا يتمنون ختان أطفالهم في المستشفيات العمومية إلاّ أنهم لم يتمكنوا من ذلك، ما دفعهم إلى التوجه إلى عيادة خاصة، أين حجزوا موعدا ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان الحالي، مقابل دفع مبلغ لا يقل عن مليون سنتيم لكل عملية، وهو مبلغ يعتبر جد مرتفع مقارنة مع الظروف المادية للعائلات خلال شهر رمضان المعظّم، والتي كانت تلجأ خلال السنوات الماضية إلى تسجيل أطفالها لدى الجمعيات الخيرية أو حتى البلديات ومصالح النشاط الاجتماعي، للاستفادة من عمليات ختان مجانية لأطفالها، وهو ما لم يعد متوفرا هذه السنة، بسبب الظروف التي تعرفها المستشفيات جرّاء سلسلة الاضطرابات والاضرابات التي تشهدها. لتبقى العائلات الفقيرة والمعوزّة في انتظار من يتكفل بعملية ختان لأحد أبنائها في إحدى المصحات الخاصة، خلال الأيام المباركة من هذا الشهر الفضيل. بعدما رفضت المستشفيات استقبالهم وصدمتهم العيادات بالأسعار جمعيات تلغي عمليات ختان وأخرى تستعين بالمحسنين لجأت عديد الجمعيات والبلديات الى الأطباء الخواص لإنجاح عمليات الختان الجماعي التي برمجتها بعدما رفضت المستشفيات استقبال طلباتها، وفي هذا الإطار تكفل المجلس الشعبي البلدي لحسين داي، بمهمة ختان أطفال العائلات المعوزة، حيث أكد رئيس المجلس السيد عبد القادر بن عبيدة، أن 70 طفلا سيحتفل بختانهم تزامنا مع اليوم العالمي للطفولة المصادف ل1 جوان، في فندق الواحات في حسين داي. وأوضح عبد القادر بن عبيدة، أن كل الضمانات أخذت للحفاظ على صحة الأطفال وسلامتهم خلال عمليات الختان حيث تم اللجوء إلى عيادة خاصة للتكفل الجيد بالعملية الجراحية، بعيدا عن الاكتظاظ الذي ستشهده مصالح الجراحة في المستشفيات العمومية. وقال إن عمليات ختان 70 طفلا وزعت عبر عدة أيام خلال شهر رمضان، بينما الاحتفال سيكون جماعيا. وحسب رئيس المجلس الشعبي البلدي، عبد القادر بن عبيد، فإن العائلات المعوزة التي تقطن في حسين داي، استفادت من وصولات ممضية من طرفه، يمكن من خلالها التوجه للعيادة الخاصة لختان أبنائهم، على أن تتكفل البلدية بدفع مستحقات الطبيب الجراح، وتأتي هذه الخطوة بعد عجز المستشفيات على استقبال طلبات العائلات التي ترغب في ختان أطفالها. من جهته أكد مسؤول الشؤون الاجتماعية لجمعية الإرشاد والإصلاح، محمد بطاط، أن 60 من المائة من الأطفال الذين ستتكفل الجمعية بختانهم، وعددهم 2000 طفل عبر الوطن، سيوجهون للعيادات الخاصة. وأوضح أن الختان الجماعي لهؤلاء الأطفال وهم من أبناء العائلات المعوزة التي درست الجمعية ملفاتها، يتم توزيعهم على أفواج تضم من 10 إلى 12 طفلا يخضعون لعمليات الختان في ليلة واحدة ومن طرف نفس الطبيب الجراح في العيادة الخاصة، مضيفا أن الجمعية تفادت الختان الجماعي لمجموعة كبيرة من الأطفال وخلال ليلة 27 رمضان فقط. وفي السياق، قال مسؤول الإعلام لقدماء الكشافة الإسلامية، منير عربية، إن الكثير من الأطباء ومن ولايات داخلية كبشار تطوّعوا لإجراء عمليات الختان الخيري، مضيفا أن أكثر من 200 طفل ستتكفل الكشافة بختانهم في عيادات خاصة، بينهم 150 طفل من منطقة بن طلحة ببراقي، تابعين لفوج نور الصدى، يختن منهم خلال شهر رمضان، وكل ليلة جمعة، مجموعة في عيادة خاصة. وتقوم جمعية قدماء الكشافة الإسلامية، بإجراء تحاليل طبية مجانا لهؤلاء الأطفال قبل عملية الختان، وهذا بمساعدة أطباء متطوعين. جمعية "جزائر الخير" فرع بوزريعة، هي الأخرى لجأت إلى عيادة خاصة لختان 40 طفلا من عائلات معوزة، بعضها تدفع سعرا رمزيا مقارنة بالسعر الحقيقي لعمليات الختان عند الخواص التي تصل إلى مليون ونصف مليون سنتيم. وأكد رئيس مكتب بوزريعة، حمزة منصور، أن هؤلاء الأطفال وزعوا على أفواج، كل فوج يضم 7 أطفال يتم ختانهم يوميا ابتداء من 15 رمضان، وهذا لتقليل الضغط على الطبيب الجراح.