أكد الدكتور محمد أرزقي فراد، الكاتب والباحث في التاريخ بجامعة الجزائر، أن منطقة القبائل ليست جزيرة مجنونة معادية للوطن، مؤكدا أن تصريحات فرحات مهني زعيم دعاة الانفصال في منطقة القبائل، من لندن، خطيرة، مضيفا ان التصريح قد تجاوز عتبة "حرية التعبير" التي كان المثقفون في المنطقة يقرّونها له من باب الحرص على احترام الثقافة الديمقراطية. وقال فراد، الجمعة، على صفحته الرسمية "فايسبوك"، أن فرحات مهني، قد اختار مدينة لندن للإدلاء بهذا التصريح" الخطير" تيمنًا بموقف الجنرال ديغول الذي دعا منها الفرنسيين – أثناء الحرب العالمية الثانية- إلى محاربة حكم فيشي حليف النازية بالسلاح. وقال الباحث المتخصص في التاريخ الثقافي لبلاد الزواوة، أن منطقة القبائل، لم تكن في ماضيها البعيد والقريب، جزيرة مجنونة تعادي الوحدة الوطنية، التي ساهم أبناؤها بفعالية في بناء صرحها فكريا وسياسيا. مضيفا أن تاريخها من هذه الناحية يدعو إلى الارتياح، وإلى استبعاد احتمال تحوّلها إلى حاضنة للفكر الانفصالي الخطير. غير أن صناعة الواقع -يقول أرزقي فراد- لا يخضع في جميع الحالات للتاريخ والمنطق، ومن هنا وجب الشعور بالقلق إزاء هذا الكابوس المسمّى ب" الفكر الانفصالي". وعرّج الدكتور في منشوره إلى استحضار الحكمة التي مفادها: "معظم النار من مستصغر الشرر"، معتبرا في الوقت نفسه، أنه لا أحد كان يتصوّر إعصار الحروب الأهلية في الوطن العربي من لبنان إلى ليبيا، مضيفا،أنه ما كان مستبعدا صار واقعا معيشا حلّ بين ظهرانينا مُبسطا جناحيه، يزرع الخراب والدمار، بفعل تضافر عاملين اثنين وهم المظالم الداخلية والمطامع الخارجية، يقول الدكتور أرزقي فراد. وقال الكاتب والباحث في التاريخ بجامعة الجزائر، أن دعوة فرحات مهني إلى تشكيل ميلشيات مسلحة في منطقة القبائل تحلّ محل السلطة الجزائرية، هو بمثابة إعلان الحرب على الوطن الموحّد وعلى الدولة الجزائرية. ومن ثمّ فواجب الدولة أن تأخذ هذا الإعلان الخطير مأخذ الجدّ لا الهزل، فتُعدّ له من المواقف الحكيمة ما يناسب هول إعلان الحرب، وما دام فرحات مهني قد تخطى عتبة النضال الديمقراطي، فلم يعد هناك عذرا لتهوين موقفه الصّادم، الذي جعله يدوس على مسار نضاله السلمي في الماضي. واسترسل الدكتور في منشوره في صفحته الرسمية "فايسبوك"، أن كلّ دعوة إلى العنف المسلح كوسيلة للتعبير السياسيّ، تستوجب الشجب والإدانة والاستنكار بالشدّة. بيد أن العنف اللفظي الصادر عن فرحات مهني، لا يجب أن يتحوّل إلى شجرة تغطي مظالم النظام الشمولي القائم، ومن الحكمة -يضيف الدكتور- أن نتساءل عن الأسباب التي جعلت العنف السياسي يلازم حياتنا منذ استرجاع الاستقلال، ونتساءل عن الأسباب التي تجعل أحيانا شريحة من المجتمع، تتبنى العنف كوسيلة للتعبير؟ هل يفسّر ذلك بعامل الخيانة كما يرى البعض؟ هل يفسر ذلك بنظرية لومبروزو التي ترى أن الجريمة تسري أحيانا في عروق البعض؟ أم أن العنف هو الابن الشرعيّ للنظام السياسي المستبد؟