فصلٌ جديدٌ من التصعيد يرتسم في أفق حزب جبهة التحرير الوطني، بعد إعلان غالبية أعضاء المكتب السياسي الذين أقصاهم الأمين العام للحزب، جمال ولد عباس، عدم اعترافهم بقرار الإقصاء، وتمسكهم بصفة الشرعية في عضوية المكتب. "التمرد" على قرار ولد عباس، ضمّنه أصحابه في بيان يحمل الرقم واحد، في مؤشر يؤكد عزمهم الذهاب بعيدا في رفضهم لقرارات الأمين العام، مستندين إلى نصوص القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب، فضلا عن النظام الداخلي للجنة المركزية، التي تتعارض وقرار ولد عباس. البيان الذي حمل توقيع كل من محمد عليوي، عبد اللطيف بوضياف، بعجي أبو الفضل، عثماني سليمة، رشيد عساس، حساني يحي، مفتالي يمينة ورقيق مختارية، يعلن عدم الالتزام بما وصفوه "القرار غير القانوني"، ويؤكدون تمسكهم بصفة "العضوية الكاملة" في المكتب السياسي، وذلك استنادا إلى نصوص المؤتمر العاشر، معلنين في الوقت ذاته "الاحتفاظ بحقهم في اتخاذ الخطوات السياسية والإجراءات القانونية لإلغاء هذا القرار غير الشرعي وكل آثاره السياسية والقانونية". وينطلق موقعو البيان من "القاعدة الذهبية"، التي مفادها أن اللجنة المركزية هي التي زكت أعضاء المكتب السياسي، ومن ثم فهي التي تنهي مهامهم، كما دعوا أعضاء هذه المؤسسة التي تعتبر أعلى هيئة بين مؤتمرين وكافة هياكل الحزب، إلى التصدي لقرار ولد عباس، الذي رمى بهذه القاعدة عرض الحائط، وذلك انطلاقا من أن الأمين العام لا يملك صلاحية التعيين وإنهاء المهام. بطلان قرار ولد عباس، بحسب الموقعين على البيان، يستند إلى نصوص المادتين 35 فقرة 09، و42 من القانون الأساسي للحزب، وكذا المادتين 63 و71 من النظام الداخلي للحزب، فضلا عن المواد 10، 11، 12، 13، 14 من النظام الداخلي للجنة المركزية، وهو ما اعتبر "سابقة خطيرة في تاريخ الحزب، وتعديا صارخا ومصادرة لصلاحيات اللجنة المركزية". أعضاء المكتب السياسي، الذين أكدوا أنهم في "حالة اجتماع دائم ومفتوح"، لم يتوقفوا عند الدفاع، بل انتقلوا إلى مهاجمة الأمين العام، وطالبوه باحترام منظومة الحزب القانونية، والدعوة إلى عقد دورة اللجنة المركزية المؤجلة منذ ما يناهز العشرين شهرا، في موعد الثلاثين من الشهر الجاري، "وفق ما تم الاتفاق عليه في اجتماع المكتب السياسي المنعقد في 19 أفريل الماضي". كما دعوا وزارة الداخلية إلى تحمّل مسؤولياتها في السهر على احترام تطبيق القانون العضوي للأحزاب: "إن أعضاء المكتب السياسي الشرعيين يأملون من السلطات العمومية أن تسهر على تطبيق واحترام بنود القانون العضوي للأحزاب، التي تلزم جميع الأحزاب بأن تسير أمورها وتدير شؤونها بطريقة ديمقراطية وشفافة وأن تحترم قوانينها الأساسية". وفيما بدا ردا على استغلال ولد عباس لاسم رئيس الحزب، هاجم أعضاء المكتب السياسي الأمين العام: "إن الوفاء لرئيس الحزب والإخلاص له يمر عبر احترام مواثيق الحزب الالتزام بتطبيق قوانينه، لا بالاستقواء باسمه واستغلال مركزه ومكانته للدوس على مؤسسات الحزب وتعطيل حسن سيرها وإفراغها من محتواها".