لجأت عديد المداشر والأعراش إلى مواجهة المغالاة في تكاليف الأعراس وانتشار العنوسة.. بعقد اتفاقيات جماعية لتسقيف المهور وتشجيع الشباب على إتمام نصف الدين، وهو ما نجح في الكثير من المناطق التي حوّلت الزواج إلى مشروع بسيط في متناول الجميع، بعد تخفيضها تكاليف الأفراح بأزيد من 70 من المائة… الظاهرة ساهمت في تشجيع الشباب على إكمال نصف الدين عروش باتنة يخفضون تكاليف الزواج من 80 إلى 20 مليونا قرّر ممثلو عرش بني بوسليمان بباتنة، تخفيض تكاليف الزواج إلى 20 مليونا، وهذا خلال الاجتماع الذي عقد مؤخرا في مقر دار الشباب ببلدية تكوت، تحت إشراف المنظمة الوطنية لترقية المجتمع المدني لبلدية تكوت، بنية التقليل من تكاليف الأعراس التي ارتفعت إجمالا إلى أكثر من 80 مليونا، بسبب التبذير والمغالاة وكراء القاعات. وقد خلص اجتماع أعيان عرش بني بوسليمان الذين يمثلون سكان مناطق تكوت وشناورة وتاغيت وإينوغيسن ومشونش وغيرها إلى عدة نتائج تمت الموافقة عليها بالإجماع، من ذلك تحديد جهاز العروس ب 5 ملايين سنتيم، أما المهر فقد قدر بمليونيّ سنتيم، في الوقت الذي لا تتعدى قيمة الذهب 6 ملايين، أما الخاتم فحددت قيمته ب 3 ملايين، والشاة المقدمة لأهل العروس يومين قبل موعد العرس فلا تتعدى مبلغ 4 ملايين سنتيم، كما أكد المجتمعون على ضرورة تسديد تكاليف الزواج دفعة واحدة وليس بالتقسيط. وعلى ضوء هذه الخطوة فقد تم تخفيض تكاليف الزواج إلى 20 مليون سنتيم، وهذا بعدما شهدت ارتفاعا في السنوات الأخيرة بسبب المغالاة في المهور، وحسب أعيان عرش بني بوسليمان والهيئة المشرفة على عملية تنظيم هذا اللقاء، فإن القرارات دخلت حيز التطبيق مع حلول هذه الصائفة، وبالضبط منذ شهر رمضان المنصرم. تخوّفات من عدم احترام وثيقة الأعيان بسبب المزايدات وإذا كان أعيان عرس بني بوسليمان بباتنة، على غرار بقية أعراش دائرة آريس المطلة على الوادي الأبيض يسعون في كل مرة إلى تحرير وتحيين وثيقة تحدد شروط وتكاليف الزواج وتنظيم الأعراس، إلا أنها تبقى في نظر الكثير مجرد حبر على ورق، ولا تعرف حسبهم تجسيدا فعليا، بسبب المزايدات والاختلاف الحاصل في وجهات النظر، وهو الأمر الذي يحول دون التوصل إلى إجماع يراعي مصالح شباب المنطقة الذين لم يخفوا استياءهم من ارتفاع شروط الزواج وتكاليف الأعراس، بسبب المغالاة في البذخ والمبالغة في التبذير، فيما انتقد بعضهم الآخر قرارات الأعيان الذين لم يراعوا حسبهم المستوى المعيشي لسكان المنطقة، مثلما ذهب إليه شباب منطقة تكوت الذين كانوا قد طالبوا بتخفيض قيمة المهر والصداق إلى 10 أو 12 مليونا، على غرار ما قام به شيوخ وأئمة عين التوتة العام الماضي، وكذا بعض مناطق ولاية خنشلة، في الوقت الذي دعا بعضهم إلى إشراك ممثلين عن الشرائح الشبانية لطرح انشغالاتهم في هذا الجانب، مادام أن الأمر يعنيهم حسب قولهم أكثر من أي طرف آخر. كراء القاعات والمغالاة يرفعان تكاليف الأعراس إلى أكثر من 80 مليونا أجمع بعض العارفين بسير الأعراس في عرش بني بوسليمان، والتي تخص مناطق تكوت وتاغيت وإينوغيسن بباتنة، وكذا أعراس مناطق الوادي الأبيض بآريس على حدوث ارتفاع في تكاليف الزواج والأعراس، ورغم أن أعيان المنطقة قد حدّدوا سعر المهر والصداق في حدود 20 مليون سنتيم، إلا أن بعض المعطيات الحالية تشير إلى بلوغ التكاليف الإجمالية للزواج إلى أكثر من 80 مليون سنتيم. وأرجع البعض السبب إلى التفاصيل والشروط الجزئية غير المصرح بها في الوثيقة الصادرة عن أعيان المنطقة، ما يزيد من متاعب الشباب الراغب في إتمام نصف دينه، ناهيك تكاليف الوليمة والعرس، وكذا المساعي الرامية إلى توفير منزل مستقل وتجيزه بكافة الضروريات، وهي المتاعب نفسها التي تلاحق شبان بقية المناطق التابعة لدائرة آريس القديمة، مثل غسيرة وتيغانمين وإشمول وفم الطوب وغيرها، كما لم تشذ بقية بلديات باتنة من هذه الظاهرة، خاصة إذا تم إقامة الأعراس في قاعات الأفراح، وهو ما يزيد في مضاعفة التكاليف، بشكل ينعكس سلبا على ذوي الدخل المتوسط والضعيف. وحسب بعض الذين تحدثوا ل "الشروق"، فإن تكاليف الشطر الأول لا تقل عن 35 مليونا، بحكم أن مراسيم الخطوبة لا تقل عن 6 ملايين بين خاتم بنحو مليونيّ وفستان في حدود مليون ونصف المليون، إضافة إلى العطور والحلويات وغيرها من البروتوكولات المصاحبة لعملية الخطوبة، أما المهر والصداق فقد يكلف العريس في حدود 22 مليون سنتيم، مضافا إليه تكلفة الشاة المقدمة لأهل العروس، والتي لا تقل عن 4 ملايين سنتيم، فيما قد تزيد متطلبات العرس عن 40 مليونا، من وليمة وموكب ومائدة عشاء خاصة للأصهار، يضاف إليها مليوني سنتيم تكلفة الفستان الأبيض الخاص بالعروس وتكاليف الحلاقة، خاصة أن كل هذا يكون ميدانيا على عاتق الزوج، يضاف إلى ذلك تكاليف ناجمة عن عادات قديمة، مثل المشي على البرنوس، وتقديم 2000 دينار لأخ العروس عند خروجها من بيتها، وهو ما يجعل التكاليف العامة للأعراس بمناطق آريس وغيرها من بلديات باتنة وولايات الأوراس لا تقل عن 80 مليون سنتيم. لوائح تحدّد مستلزمات العروس وقائمة الطعام وأثاث البيت إقبال كبير للشباب على الزواج بوادي مزاب بعد تسقيف المهور تعرف ولاية غرداية إقبالا كبيرا من طرف الشباب المتراوح أعمارهم ما بين 25 إلى 30 سنة على الزواج المبكر، ويرجع هذا إلى أعراف وتقاليد تسهّل عليهم إقامة الزواج، وأبرزها "تسقيف المهر"، الذي يعد عرفا قديما جارٍ العمل به إلى اليوم، له أساسه من الشريعة الإسلامية، في وقت يشهد تطوّر الحياة المادية للمجتمعات، مما أدى إلى غلاء المهور في كل الدول الإسلامية، فأضحى يثقل كاهل الشباب الراغب في الزواج. وأوضح الدكتور صالح أبوبكر أحد أعيان منطقة غرداية ل "الشروق" أن حلقة العزابة في المجتمع المزابي رأت من باب المصلحة تسقيف وتحديد المهور بدقة، سواء كمية الغرامات من الذهب، أو الفساتين، أو حتى تجهيز غرفة العروس نفسها، ويصل التسقيف أحيانا إلى ضبط فقرات العرس ووجباته، لكي لا يُغالي فيها الناس خاصة الأثرياء، ويقع ضحيتها الفقراء والمساكين، ما ينتج عنه بروز ظاهرة العزوف عن الزواج، التي تفرز انتشار العنوسة في المجتمع، مضيفا أنه يُفتح المجال لأب العروس وأقاربها بعد إقامة العرس تقديم ما يشاؤون من الهدايا لها، فلا دُخل لحلقة العزابة في الحياة الاجتماعية للناس. وأكد نفس المتحدث على أن الناس بقصور وادي مزاب مرتاحون تماما لهذا الإجراء سواء كانوا أغنياء أو فقراء، ويقدّرون أهدافه وفوائده الاجتماعية، مشيرا إلى أنّ هذا التحديد يقع تحيينه بين 5 إلى 10 سنوات، لكي لا تُغبن المرأة، ولا يبقى المهر جامدا أو زهيدا جدا، وحتى لا تُصبح المرأة عُرضة للطلاق والإهانة، فيُرفع مهر الزواج تدريجيا بشكل يناسب جميع طبقات المجتمع، موضحا أنه قد يتأخر الزواج لأسباب عديدة مثل الغربة، أو الدراسة، أو أمور أخرى، ولكن لن يكون الجانب المادي بما فيه المهر وتكاليف العرس عائقا على الزواج. وأبرز الدكتور صالح أبوبكر أنّ هناك الكثير من الجهات في الجزائر تبذل مجهودا كبيرا لتسقيف المهر على غرار الأعراش، القرى، وبعض الزوايا، إلا أنها ينقصها التعميم والتوسع إلى المجتمع الجزائري، وبإمكانها أن ترقى إلى مشروع قانون تتبنّاه وزارة الشؤون الدينية، ويأخذ بعين الاعتبار الواقع الجزائري، مع اختلافاته بين شتى مناطق الوطن، حتى يضمن نجاعة تطبيقه، ويضع حدا لظاهرة تزويج الفتيات بالمزاد العلني. المختصة الاجتماعية نبيلة عثماني: المغالون في المهور يعانون من عقد نفسية واجتماعية يؤكد المختصون في علم الاجتماع أنّ ظاهرة المغالاة في المهور وما يصاحبها من بذخ وإسراف في الأعراس "هو سلوك له أثار سلبية في المُجتمع، أهمها عزوف الشباب عن الزواج وعنوسة الفتيات وانتشار الرذيلة في المجتمع"، وهو ما جعل أمر تسقيف المهور أكثر من ضرورة. وترى المختصة الاجتماعية نبيلة عثماني ل "الشروق"، أن نفور الشباب من الزواج، جرّهم نحو الانحراف، ورفع أعداد الأطفال اللقطاء، خصوصاً في ظل سهولة تواصل وتلاقي الجنسين عبر وسائل التواصل الحديثة مثل الأنترنت. وتعتبر المختصة أن الإسراف المادي في الأعراس يؤدي إلى مشكلات اقتصادية واجتماعية، ومنها غرق العائلات في نفق الديون ما يؤثر على مستوى معيشتهم، والتفسير النفسي لظاهرة المغالاة في المهور، تقول عثماني "إن أصحابها أشخاص يعانون من عقدة أو مركب نقص، فيحاولون الظهور بغير صورتهم الحقيقية أمام المجتمع، فيسرفون ببذخ في الأعراس"، وحسبها، ظاهرة تسقيف المهور من أنجح الحلول المجتمعية للمقبلين على الزواج، إضافة لتنظيم الأعراس الجماعية وإنشاء الدولة لصندوق المساعدة على الزواج، يستفيد منه الشباب البطال. الإمام جلول حجيمي: المهر حق شرعي للمرأة ومن السُنة عدم المغالاة فيه وضح الأمين العام للتنسيقية الوطنية للأئمة وموظفي الشؤون الدينية الشيخ جلول حجيمي، أن المهر في الشرع حق من حقوق المرأة منحه المولى عز وجل لها، وهو غير محدد أو مسقف بل يكون وفقا لإمكانيات الزوج والمفاهمة بينهما، وأضاف الشيخ بأن نداءات التسقيف المنتشرة في مجتمعنا جاءت ردا على المغالاة في المهور، فبات من الضروري جعلها في استطاعة ومقدور الراغبين في إكمال نصف دينهم، عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:"أقلهن مهرا أكثرهن بركة"، ودعا الإمام حجيمي العرائس لتسهيل المهور حتى يتم التغلب على بعض الظواهر الاجتماعية كالعنوسة، وثمّن المتحدث مبادرة العروش في بعض ولايات الشرق الجزائري والإباضيين بتحديد المهر والتخلي عن بعض العادات، وإذا كان الزوج ميسور الحال ويريد أن يزيدها المال فله ذلك.
صادقت عليها أعراش مشدالة وأهل القصر وأولاد راشد وثيقة لتحديد مهر العروس في البويرة بسبعة ملايين لجأت الكثير من العروش البويرية لاسيما بالجهة الشرقية للولاية على غرار إلى مراجعة تكاليف زواج أبنائها لاسيما تسقيف المهور تيسيرا لهم على الزواج، خاصة بعد تسجيل ارتفاع نسبة العنوسة وإحجام الكثير من الشباب على الزواج بسبب غلاء تكاليفه . وبحسب وثيقة تحمل عنوان "القيم المشتركة بين عروش دائرة مشدالة"، فإنه إضافة إلى ضرورة تمسك سكان المنطقة بعاداتهم الأصيلة في الأعراس والابتعاد عن جميع ظواهر التفسخ والاختلاط، اشترطت على الزوج المقبل على الزواج تسليم قيمة المهر وتكاليف العرس يوم الفاتحة، وهو مبلغ 7 ملايين يقدم لولي العروسة ليتسنى له اقتناء وشراء متطلبات العرس قبل 3 أشهر من موعده . أما في منطقة أهل القصر وأولاد راشد المجاورتين، فيشترط أهل العروسة مبلغ 5 آلاف دج فقط كمهر لها في حين لا يشترط قيمة "الجهاز" الذي يشتريه حسب مقدوره، هذا فيما تشترط عائلات أخرى مبلغ 1.5 دج فقط كمبلغ رمزي تيسيرا على زواج الشباب والحد من العنوسة التي ازدادت نسبتها السنوات الأخيرة فضلا عن تحقيق البركة والمودة بين الزوجين حسب إمام مسجد أبي بكر الصديق بتاغزوت سعداوي شعبان، الذي أضاف بأن العائلات البويرية باتت أكثر وعيا فيما يتعلق بأمور الزواج لاسيما تيسير التكاليف والمهور، لأن الأصل في الزواج كما قال المودة والتفاهم وليس المباهاة والمغالاة .