إقترحت الفيفا على القنوات الناقلة للمونديال حصريا، الخوض في نقل كواليس المدرجات، في المستقبل القريب، بعد أن اتضح بأن جمهور المدرجات يفوق أحيانا جمهور المستطيل الأخضر. وأفردت مجلات مختصة في روسيا صفحات بالكامل للحديث عن روائع ما يحصل في المدرجات، عندما يلتقي المناصرون من كل بلاد العالم ينقلون ثقافاتهم بين لباس وهندام وتسريحات شعر مختلفة، وما بين تعدد الأجيال من رضع وشيوخ وبنات ونساء، إضافة إلى الحالة النفسية لكل مناصر بين فارح إلى درجة الإغماء، ومحبط إلى درجة النحيب. ففي مقابلة روسيا أمام كرواتيا في الدور ربع النهائي نسي مخرج المقابلة نفسه عندما كان يتحوّل ولدقائق طويلة، نحو المدرجات ولم يجد من ينتقده، بعد أن سلبت المدرجات أنظار الناس، وبقيت صورة طفل أورغواي الباكي أو حسناء روسيا الحزينة أو دهشة اليابانيين بعد إقصاء منتخب بلادهم في خيال الناس، كلها مشاهد جعلت للمدرجات أنصار وقد تصبح مشاهدة ما يجري في المدرجات ضمن الأفلام الحصرية، التي على الفضائيات والمشاهدين، أن يدفعوا من أجل مشاهدة شابة جميلة تشجّع منتخب بلدها أو مناصر يذرف الدموع بعد هزيمة فريقه. من زمن مونديال المكسيك 1970، والفيفا تقوم بالتقاط صور المناصرين وتمكنت من الترويج للعبة في الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال نقل صور تفاعل الناس مع اللعبة الشعبية في كل القارات، بعيدا عن طرق التشجيع والتي تقتصر في الجزائر على الألعاب النارية والتيفو، من دون إيصال الرسالة الحضارية التي تقدم المناصرين كعائلة واحدة، يلتقي فيها الصغير بالكبير، ويعيشون اللحظة المؤثرة مع بعضهم البعض. ما يتابعه الجزائريون في المدرجات في ملاعب روسيا وطوال الموسم الكروي في كل مدرجات أوربا لا علاقة له إطلاقا بما نعيشه طوال الموسم الكروي في ملاعبنا، التي يحرّم دخولها على الأطفال والأفراد من عائلة واحدة، والألعاب النارية التي تحرق الملاعب لا تدل على أي تحضّر كما يظن البعض، فلم تكن النار أبدا ضمن جماليات الحياة، فالابتسامات وحالة الفرح التي تابعها الجزائريون في مونديال روسيا، هي رسالة الشعوب، لأن الكرة لعب وفرح ولم تكن أبدا شتيمة وتشنج …ونار.