مازالت عنابة تنبض بحكايا الحراقة، حيث عاشت منذ بداية السنة الجديدة على قصص أبناء وبنات المدينة الذين بلغ الكثير منهم إيطاليا، ومات البعض منهم في أعماق البحر وتم القبض على الأفواج الأخيرة من بينهم 41 "حراقة" عرضوا زوال أمس الإثنين، أمام محكمة عنابة التي أمرت بوضعهم رهن الحبس المؤقت إلى غاية محاكمتهم. ومن ضمن هؤلاء فتاة دون سن ال 18 تدعى "مريم. ز" تقطن بحي 11 ديسمبر، الذي هو عبارة عن عمارات يعود تاريخ بنائها إلى السبعينيات، مريم التي تم تقديمها نهار أمس، كانت ترتدي قميصا أسودا وسروال جينز أزرق بدت جميلة جدا، فهي شقراء وتبدو البراءة على وجهها وتشتغل متمرنة في الحلاقة، إذ سبق لها أن تخرجت من معهد التكوين المهني بعنابة في شعبة "الحلاقة"، وجاءت مغامرة مريم بعد أن تعرفت على بعض الشباب الطامح للهجرة إلى أوربا، بالرغم من أنها إبنة إمرأة تعيش في فرنسا وأب مقاول تطلقا منذ سنوات عديدة، فوجدت نفسها من دون عائل. وهو ما جعلها تعتمد على نفسها، خاصة أن لها شقيقا صغيرا دون سن ال 13. مريم التي توسطت زوال أمس، أربعين حراقا من الرجال ظل رأسها مطأطأ في محكمة عنابة وكانت قد توقفت عن التعليم في السنة التاسعة متوسط، بسبب ظروف إجتماعية نتيجة طلاق أبويها. ولا تعتبر مريم حالة فريدة لفتاة حراقة من عنابة، لأن العنابيات هن اللائي حملن مشعل الحرقة في عنابة قبل الرجال، حيث تنقلت فتاتان تبلغان على التوالي من العمر "25 و28 سنة" من ساكنات عنابة إلى إيطاليا عبر زورق صيد وكان رفقتهما صياد محترف هرب هو أيضا، إلى إيطاليا. وتقطن الحراقتان بحي سيدي سالم بعنابة وتحترفان مهنة الحلاقة بذات الحي، كما أوقف حراس الشواطئ نهاية الأسبوع الماضي، فتاتين عنابيتين تقطنان بحي سيبوس بعنابة، وتم توقيفهما في منطقة الرأس الحمراء. يذكر أن مريم من مواليد 1989 بعنابة وتم إنقاذها رفقة 18 شابا من طرف وحدات قيادة المجموعة الإقليمية لحرس السواحل بعنابة أول أمس الأحد، حيث كانت في زورق مخصص للنزهة رفقة خمسة شباب تعطل بهم الزورق على بعد 20 ميلا شمال رأس الحمراء بعنابة في الوجهة المؤدية إلى عنابة، بينما تم اكتشاف البقية من طرف سفن أجنبية مغربية ويابانية، مع العلم أن حوالي عشرين حراقا بلغوا، حسب تأكيدات أهاليهم، الأراضي الإيطالية خلال الأيام القليلة الماضية.