وجدت الصحافة الفرنسية نفسها مضطرة للرد على الاتهامات التي تعرض لها منتخب بلادها للتقليل من الإنجاز الذي حققه قبل أيام بتتويجه بلقب كأس العالم التي أقيمت في روسيا بفوزه على كرواتيا بأربعة أهداف لهدفين في المباراة النهائية. وكان تتويج فرنسا بكأس العالم قد تبعته تعليقات ساخرة من قبل مدربين وإعلاميين وسياسيين على غرار الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو والرئيس الأميركي الأسبق باراك اوباما، حيث قللوا من الإنجاز العالمي باعتباره لم يتحقق بالسواعد الفرنسية ولكن بالأقدام الإفريقية، مجمعين على أن إفريقيا هي التي توجت باللقب وليست فرنسا بسبب التواجد الكبير للاعبين من أصحاب الأصول الإفريقية في تشكيلة المنتخب الفرنسي. واستعانت صحيفة "لو باريزيان" المقربة من الإليزيه بلغة الأرقام للتأكيد على فرنسية منتخبها الوطني الفائز بكأس العالم، بعدما كشفت بأن قائمة ال23 لاعباً الذين تم اختيارهم للمشاركة في البطولة، لم تكن تضم سوى لاعبين اثنين فقط ولدا خارج فرنسا، وهما المدافع صامويل أومتيتي المولود بالكاميرون، والحارس ستيف مانداندا المولود بالكونغو، بينما بقية اللاعبين ولدوا في فرنسا حتى وإن كان أباؤهم ولدوا خارجها. وفي مونديال المكسيك 1986 الذي شهد تألق المنتخب الفرنسي، فقد شارك عنصران فقط ضمن صفوفه ممن ولدوا خارج فرنسا، وهما لاعبا الوسط لويس فرنانديز المولود في إسبانيا، وجان تيغانا المولود بمالي، أما مونديال فرنسا 1998، والذي شهد تتويج الفرنسيين بلقبهم العالمي الأول، فقد عرف أيضاً مشاركة عنصرين ضمن تشكيلته الأساسية، وهما المدافع مارسيل ديسايي المولود في غانا، ولاعب الارتكاز باتريك فييرا المولود في السنغال، ورغم ذلك فإن هذه المسألة لم تثر جدلاً كبيراً في البطولتين السابقتين، مثلما تمت إثارته في مونديال روسيا. وذهبت الصحيفة الشهيرة إلى أبعد من ذلك من خلال مقارنة المنتخب الفرنسي بمنتخبات أخرى على غرار البرتغال التي تمتلك في صفوفها سبعة لاعبين ولدوا في الخارج، مثلها مثل سويسرا وأيضاً المغرب التي اشارت الى أنه يضم في صفوفه 19 لاعباً ولدوا خارج البلاد، كما أشارت بأن كرواتيا التي تأهلت للنهائي كانت تضم في صفوفها ثلاثة لاعبين ولدوا خارجها. وتظهر "فرنسية المنتخب" أيضاً في كونه يضم 21 لاعباً أغلبهم تكونوا وترعرعوا في مراكز واندية فرنسية، حيث يتفوق المنتخب الفرنسي في هذا الجانب كثيراً على منتخبات أخرى، خاصة المنتخبات الإفريقية التي تمتلك نسبة كبيرة من اللاعبين الذين تدرجوا في الفئات السنية في الخارج. كما سلط التقرير الباريسي الضوء على قضية الهجرة المعاكسة والتي تخص لاعبين ولدوا في فرنسا، وذلك في معرض الرد على عبارة "إفريقيا هي التي فازت بكأس العالم"، مشيراً إلى أن بعض اللاعبين لعبوا ضمن منتخباتها السنية قبل أن يختاروا اللعب لمنتخبات أخرى، وذلك بموجب قانون بهاماس الذي أقره الاتحاد الدولي لكرة القدم في عام 2009، والذي سمح للعديد من اللاعبين بترك فرنسا واللعب لمنتخبات افريقية. وحسب الأرقام، فإن فرنسا هي من أكثر البلدان التي عرفت ميلاد اكبر عدد من اللاعبين الذين شاركوا مع منتخباتهم الوطنية في مونديال روسيا بواقع 50 لاعباً، والذين اختاروا الانضمام لمنتخبات أخرى غير فرنسا. الجدير ذكره بأن بطولة كأس العالم القادمة يتوقع ان تعرف تفاقماً لقضية الهجرة العكسية بعد إقرار رفع عدد المنتخبات المشاركة في البطولة إلى 48 منتخباً.