لم يخطئ من قال إن العاصمة كبيرة وتخفي في جنباتها أكثر مما تبدي ،وهذا ما وقفنا عليه ليلة أول أمس خلال مرافقتنا لوحدات الدرك الوطني عبر نقاط مختلفة بالعاصمة، حيث يسهرون على أمن وراحة المواطنين الذين لم تؤثر الهجمات الإرهابية الأخيرة عليهم ولا على تنقلاتهم. وتقوم بهذه المهمة ثلاث كتائب الجديدة للدّرك متواجدة في كل من حي الكثبان ، بوفريزي وسيدي يوسف، و ذلك تعزيزا للجانب الأمني بعاصمة البلاد. أفارقة يتسترون وراء بطاقات لجوء سياسي مزورة انطلاقتنا كانت في حدود 18:10 دقائق من أمام مقر المجموعة الولائية للجزائر بباب جديد مدعمين بفرقة التدخل السريع بحضور العميد "أيوب" ،و رغم جهلنا بحيثيات المداهمة إلا أننا كنا مطمئنين،و الوجهة الأولى كانت الفرقة الإقليمية للشراقة غرب العاصمة، الطريق بدت عادية و سجلنا تواجد المواطنين بكثرة في الأحياء و عبر كامل الطرقات التي مررنا بها مما أعادنا إلى سنوات ما قبل الإرهاب حيث كان السلم و الأمان سيدا الموقف بلا منازع، وصلنا إلى مقر الفرقة الإقليمية للشراقة، وتزامن وصولنا مع عملية تحقيق في هويات ثلاث أفارقة أوقفوا بتهمة الإقامة غير الشرعية بالجزائر ضبطوا بالمنطقة المسماة "جنان عشابو بالشراقة " ،أحدهم كاميروني ، و الثاني كونغولي و الثالث إيفواري ، فضولنا دفعنا للحديث معهم في محاولة للوصول إلى الأسباب التي دفعتهم لولوج الجزائر، و أمام إصرارنا تنازل الرعية الكاميروني (22 سنة)و تحدث إلينا ،فهو يقيم في الجزائر منذ ستة أشهر و يعمل في ورشات البناء بالعاصمة، و عن سؤالنا عن سبب خروجه من بلاده قال أنه لاجئ سياسي و يحق له التوجه إلى أي بلد يريد (...)، هذا شجعنا لنسأله عن طريقة دخوله التراب الوطني فثار و قال لنا بالحرف الواحد"إفريقيا كلها عبارة عن فوضى، و أنا هنا في إفريقيا ولا يحق لأي كان أن يطردني أو يطالبني بوثائقي لأنني أريد الاستقرار و العمل هنا بالجزائر..." وهنا تدخل مرافقنا طالبا منه إظهار وثائقه، والتي أطلعنا عليها العون المحقِّق معهم، و هي عبارة عن وثيقة لجوء سياسي مصورة بجهاز "السكانير" أثبتت التحرّيات و التحاليل بأنّها مزوّرة،أما عن ظروف إلقاء القبض عليه فقد كانت خلال المداهمة التي قام بها أفراد الدرك الوطني يومي 25 و 26 أفريل الجاري لجنان عشابو و دار الضياف بالشراقة – دائما- وكانت الحصيلة النهائية توقيف 14 إفريقيا يقيمون بصفة غير شرعية، يمثلون اليوم أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة الشراقة، إضافة إلى جزائري صدر في حقه أمر بالتوقيف، ويضيف محدثنا أنه بمجرد رؤية الأفارقة الثلاثة فرقة الدّرك فرّوا هاربين و هذا ما أعطى الفرقة الضوء الأخضر لمطاردتهم و إلقاء القبض عليهم. و قال الرائد"عليوط الزاهي "قائد كتيبة للشراقة أن أماكن تواجد الأفارقة مكشوفة للدرك و معروفة بحكم المراقبة المستمرة و التطويق المحكم للإقليم، فهم يتمركزون حيث البيوت القصديرية حتى يتمكّنوا من الاختباء و الإقامة في بيوت مستأجرة، و الملاحظ هو تواطؤ بعض الأشخاص معهم حيث يسمحون لهم بالإقامة مقابل مبالغ مالية تدفع كأجر شهري. ما أراد الرائد عليواط إطلاعنا عليه هو الحيطة والحذر الشديدين اللتين يتحرّاهما هؤلاء، حيث أنّهم يخرجون و يدخلون في مواقيت محدّدة بطريقة تحول دون وقوعهم في قبضة رجال الدرك الوطني ،ويفضلون الاختباء في الأوساط الجامعية، أما عن وسيلة تنقلهم فكثيرا ما يستعملون سيارات "الكلانديستان"، حيث يسلمونهم أرقام هواتفهم النقالة، فيجند أصحاب هذه السيارات أنفسهم لخدمتهم مقابل مبالغ مالية مغرية وينحصر دور هؤلاء في أخذهم عبر الطرقات الجانبية والصعبة حيث لا وجود لنقاط التفتيش و المراقبة، أما عن وثائقهم فهي عموما مزورة ويتفق أغلبهم على اللجوء السياسي كذريعة للفرار من العدالة و تطبيق القانون عليهم، و أشار الرائد هنا إلى بعض الأفارقة الذين دخلوا الجزائر بصفة شرعية واستقدموا معهم أهلهم و أصحابهم، كما شهدنا مصادرة كمية معتبرة من الخضر و الفواكه من بعض الباعة الفوضويين وسلمت لدار العجزة بالشراقة بأمر من وكيل الجمهورية. غادرنا الشراقة وكانت جهتنا الثانية منطقة "الكثبان" حيث توقفنا لدقائق وترجلنا عن سياراتنا في نقطة تفتيش تتوسط منطقتي القرية و سيدي حسان وشاركنا أفراد الدرك مهامهم النظامية في إطار مداهماتهم خلال الأربعة و عشرين ساعة الأخيرة، وهذا بهدف اقتناص أكبر عدد من المقيمين غير الشرعيين المقيمين بالجهة الغربية و الذين يستعملون هذه الطريق كثيرا بحكم أنه ثانوي و غير معبد و غير بعيد عن الطريق الوطني رقم 5، وهنا التقينا بشابين يحملان سيارة معطوبة على متن شاحنة، وقام الأعوان المرابطون بالنقطة بتفتيشها و محاولة إيجاد التطابق بين رقمها التسلسلي على البطاقة الرمادية و ذلك الموجود على المحرك،وأرجع محدثنا هذه الإجراءات لاعتماد لصوص السيارات في الآونة الأخيرة على تحطيم السيارات ونزع المحرك حتى لا يشتبه في أنها مسروقة، علما أن حوادث المرور قلت في الآونة الأخيرة ب 65 حالة . بوشاوي... الوجهة المفضلة للعائلات الجزائرية نقطتنا التالية كانت غابة بوشاوي أين التقينا الرائد "ايبكو" قائد المجموعة 30 للاحتياط والتدخل ،هذه الجنة المتربعة على ما يربو عن 156 هكتار والتي عاد السكون و الهدوء إليها لتظافر الجهود لدى أعوان الأمن بعد أن غادرتها العائلات لسنوات طويلة بسبب الاعتداءات التي كانت تحدث هنا وهناك وبعض الصور غير الأخلاقية للأزواج الذين يلجأون إليها هروبا من أعين الناس، وطئناها مع الغروب و ما أجمله وهو يعانق رقاب الأشجار و يختفي رويدا رويدا خلف الأفق رغم السحاب الكثيف الذي أراد طمس معالمه، وكم ذهلنا أمام العدد الكبير للعائلات التي كانت تتوافد على المكان رغم جنوح الليل على المكان و أرجعت هذا إلى الأمن الذي استتب بالمكان ،وهذا ما يعلل تسجيل أزيد من 10.000 شخص فما أكثر كل نهاية أسبوع ،و في غمرة الأحداث جذبتنا عملية تفتيش لسيارة سياحية من نوع SUPER5 كان على متنها أربعة شبان من المنطقة ذاتها ،شك الأعوان في سوابقهم العدلية ، وهنا قام عون الأمن بالبحث على ملفاتهم بالاستعانة بالراديو الذي ربطه مباشرة بقسم الأوتاد ،ليطلق فيما بعد سراحهم بعد التأكد التام من حسن سلوكهم كونهم غير مسبوقين قضائيا و غير معروفين لدى أعوان الدرك ، ومن طرائف هذا اليوم أن تمكنت الدورية المرابطة بمدخل الغابة من توقيف أحد اللصوص الذي كان في حالة فرار و أصدرت في حقه مذكرة توقيف منذ ثلاثة أيام بتهمة السرقة الموصوفة. الساعة كانت تقارب السابعة و خمسون دقيقة مساءا ،الظلام حالك و الرجال الخضر متأهبون لأي طارئ ، استمتعنا برفقتهم غير أنه كان لزاما علينا تحديد وجهة أخرى ،فغادرنا بوشاوي باتجاه المدينة السياحية الساحلية "سيدي فرج" ، وكان مرافقنا و دليلنا النقيب "معلم فارس" الذي كان مرفوقا ببعض الأعوان في نقطة التفتيش القريبة من المركب السياحي لسيدي فرج ،و قد حدثنا عن عملية استغلال قاصرتين (16 و 17سنة) من العاصمة ضبطتا تمارسان الرذيلة بالمركب السياحي ،فيما يبقى الفاعلان في حالة فرار، و قد تم التعرّف عليهما و لا تزال القضية في البحث و التحقيق. حاولنا الخروج عن الرسميات وتملصنا من الموقف أين قادنا الفضول إلى عون دركي كان ممسكا بكلب تدريب اسمه "رينغو" و مهمته كشف المخدرات و الممنوعات، حيث جال عبر مختلف السيارات التي شك فيها الأعوان، وقامت الفرقة هناك بحجز عصيتين كانتا بحوزة مواطنين تحججا باستعمالها دفاعا عن النفس إضافة إلى حجز عربة تبريد تابعة لشركة ترافل للمنتجات اللبنية ،صادرها الدرك لأن السائق لم تكن بحوزته فواتير السلعة ولا نسخة عن السجل التجاري، و القانون صريح في هذا المجال. إجراءات جديدة لتأمين العاصمة الليل قارب على الانتصاف و مغامرتنا كانت تعد لحظاتها الأخيرة ،ركبنا سياراتنا وأخذنا اتجاه الجهة الشرقية للعاصمة عبر الطريق السريع الذي كان يشهد حركة غير اعتيادية بالنظر لعطلة نهاية الأسبوع،وكانت آخر محطاتنا مقر الفرقة الإقليمية للرويبة أين وقفنا على نتائج عملية المداهمة بحضور "العميد طايبي" و الرائد "حاميتي" التي أسست على مستوى قيادة الدرك الوطني بالعاصمة و التي تعتبر الثانية من نوعها خلال شهر أفريل ليومي 25 و 26 أفريل بمشاركة جميع الوحدات التابعة للمجموعة الولائية للجزائر العاصمة ،أين تحدث العميد طايبي عن تجنيد 900 دركي للوحدات الإقليمية و مجموعتين جديدتين من الكلاب المدربة ،إضافة إلى 120 سيارة و 140 دراجة نارية لاحتواء و تنظيف جميع الأحياء المعروفة باللصوصية و الإجرام ،وذكر لنا؛ حي الطريق السريع لبلدية السحاولة،حي بويجة ببئر التوتة،حي الشعيبية بأولاد الشبل،حي سيدي حسان،حي عمارة ،و القرية الفلاحية لبلدية الشراقة ،السبالة ،حوش صانتو ،دوار أولاد منديل بالخرايسية ،المنطقة الصناعية لواد السمار و أخيرا حي الكروش بالرغاية و كافة شواطئ إقليمالدارالبيضاء ،وعن نتائج المداهمات فقد تم التعرف على 2580 شخص موقوف ،سرح منهم 2397 ،من بينهم 126 شخص حررت ضدهم محاضر،و 38 شخصا آخرا وضعوا تحت النظر ،15 فردا منهم من جنسيات إفريقية مختلفة ،كما تم إيداع 199 شخص الحبس الاحتياطي ، وفيما يتعلق بقضايا الحجز في إطار مداهمات الشرطة القضائية فقد حجزت هذه الأخيرة 480غرام من الكيف المعالج و16 خنجرا أغلبها تم حجزها بمنطقة عين الكحلة و37 عصا ،و ثلاث قارورات غاز مسيل للدموع ،مع سيفين من الحجم الكبير. حجز 312 نعال جلدية صينية تحمل لفظة الجلالة و سجلت هذه العملية حجز 312 زوج من الأحذية الجلدية صينية الصنع بسبب انعدام فواتيرها ،ليتفاجأ الأعوان بأنها كانت محل بحث على أساس أنه مكتوب عليها لفظ الجلالة "الله"، ضبطت و سوقت انطلاقا من مدينة وهران ،مع 1176 من النعال الرجالية الأخرى و قدرت قيمة المحجوزات ب195 مليون سنتيم، واسترجعت وحدات الدرك سيارتين كانتا محل بحث من قبل مصالحها الأولى من نوع "داسيا" مسروقة منذ 24 أفريل 2007 أين أوقف الفاعل ومثُل أمام وكيل الجمهورية للحراش ، وعثرت في الفترة ذاتها على قاصر فارة من المنزل العائلي أين قاموا بالإجراءات القانونية لتسليمها لذويها . و بالتطرق لجهود سرايا أمن الطرقات فقد حجزت سرية أمن الطرقات للرغاية 13 دراجة نارية من نوع vespa و التحقيق لا يزال جاريا للتأكد من قانونية دخولها السوق الجزائرية ، وبالموازاة حجزت سرية أمن الطرقات لبئر توتة شاحنة من نوع "بيجو" مرقمة بترقيم 15 أي تيزي وزو ،ستعاد إلى مالكها بعد استكمال التحقيق. و أثناء مراقبة أحد مخازن التبريد ضبطت وحدات الدرك بإقليمالدارالبيضاء 1974 علبة من المثلجات ذات منتج أجنبي جاهز للاستهلاك بسعة 5لتر انتهت مدة صلاحيتها ،وقد شُمّع المخزن بعد هذه العملية. نعرّج لمخالفات قانون المرور أين سحبت 185 رخصة سياقة و بلغت قيمة الغرامات الجزافية على السائقين المخالفين 5731 غرامة ،وبالنسبة لتنسيق النقل فقد سجلت 766 مخالفة و تم السحب الفوري ل 157رخصة ،مع عملية للتعرف على المركبات و وضع بعضها في المحجر منها 1043 سيارة معرّفة أودعت 65 منها الحجز، وفي الوزن الخفيف تم سحب 866 رخصة اضافة الى رخص سحبت بالتماس والي العاصمة بلغت 56 رخصة بمجموع 922 حالة لأسباب مختلفة و متعددة. كما تم خلال عملية المداهمة حجز 25 قنطارا من التبغ التقليدي لانعدام الفواتير ،و1500 كلغ من لحم البقر المجمد لنفس الأسباب،مع 33 علبة من الجعة ،و 885 كلغ من الخضر و الفواكه و 2400 بطارية بالإضافة إلى 900 سماعة من نوع "Sony"و 63 رأسا من الغنم كانت منقولة في وسائل غير ملائمة و 100 "كارتونة" من علب العصير . ولعل أبرز معلومة أعطاها العميد "طايبي" قائد المجموعة الولائية للجزائر العاصمة تمثلت في الإعلان عن ميلاد ثلاث كتائب جديدة للدرك الوطني في مناطق اتسعت حضريا منها كتيبتان بحي الكثبان بالشراقة إحداهما إقليمية والأخرى تابعة لسرايا أمن الطرقات، و كتيبة أخرى ببوفريزي ببوزريعة التي بدأت تشتغل منذ ثلاثة أشهر، مع كتيبة سيدي يوسف التي عادت للنشاط مع عودة الأمن إلى غابة باينام (560هكتار) لاستقبال الزوار ابتداء من شهر جويلية القادم. روبورتاج:حجاب راضية