طوال سنوات توليه رئاسة جهاز المخابرات العامة، ثم الأيام القليلة التي أصبح فيها نائبًا لرئيس الجمهورية، ظل الغموض يحيط بشخص اللواء عمر سليمان، الذي لم يتحدث إلا قليلاً، واقتصر ظهوره الإعلامي على مجموعة من الصور يظهر فيها بوجه جامد نادرًا ما ارتسمت عليه ابتسامة، واستمر هذا الغموض محيطًا بوفاته المفاجئة في الولاياتالمتحدةالأمريكية. العديد من الملفات الشائكة التي تولاها ذو الوجه الجامد. صور كثيرة، تارةمع قادة الفصائل الفلسطينية في القاهرة أو غزة يدير ملف المصالحة الفلسطينية الذي انفرج بعد غيابه عن المشهد، وأخرى مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، وقد ظهر على الوجه الغامض شبه ابتسامة. بعد محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995، صعد نجم عمر سليمان الذي كان معه في السيارة أثناء إطلاق الرصاص على الموكب الرئاسي. منذ أن ترك صلاح نصر قيادة جهاز المخابرات العامة عام 1967، بعد 10 سنوات قضاها في المنصب، لم يتولَّ أي شخص رئاسة هذا الجهاز لأكثر من سنتين أو ثلاثة، ليتعاقب على المنصب من عام 1967 حتى عام 1993، عندما تولى سليمان مسؤولية الجهاز 12 رئيسًا. تولى عمر سليمان رئاسة جهاز المخابرات العامة عام 1993، وتركه بعد 18 عامًا، عندما استعان به مبارك كنائب له، بعد جمعة الغضب يوم 28 يناير 2011، ليواجها معًا ثورة 25 يناير التي انتهت بنائب الرئيس يلقي على التليفزيون بيانًا مقتضبًا، يعلن فيه تخلي مبارك عن منصبه، وتكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد. وبعد التنحي لم يغب الرجل الغامض عن المشهد تمامًا. لاحقته اتهامات بالفساد، وبلاغات في النيابة، لم تعرف أبدًا طريقها إلى التحقيق. وعلى الجانب الآخر، العشرات من حين لآخر يتجمعون في ميدان العباسية أو في روكسي أو في مدينة نصر، يطالبون «الجنرال» بخوض الانتخابات الرئاسية، مستدعين في ندائهم ما «يتصورونه» عن تاريخه كرجل مخابرات فذ، قادر على الإتيان بالاستقرار المنشود. بالفعل تقدم الرجل بأوراق ترشحه رئيسًا للجمهورية للجنة العليا للانتخابات، في آخر عشر دقائق قبل إغلاق باب الترشح. لكن بعد عدة أيام، استبعد من خوض السباق الرئاسي. وقالت اللجنة العليا للانتخابات: «إن رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، لم يستطع جمع التوقيعات المطلوبة من المواطنين في إحدى المحافظات». بعد استبعاده من السباق الرئاسي، توجه سليمان إلى المملكة العربية السعودية في زيارة قصيرة، أدى فيها فريضة العمرة. تواترت شائعات عن هروبه من مصر، والتحاقه بالعمل مستشارًا أمنيًا هناك، لكنه عاد بعد يومين إلى مصر. في سبتمبر 2010، استيقظ سكان القاهرة على ملصق في الشوارع، يظهر فيه عمر سليمان رافعًا يده، مرتديًا نظارة شمسية تخفي معظم وجهه، وخلفه جملة تقول: «البديل الحقيقي.. عمر سليمان لرئاسة الجمهورية». تسبب هذا الملصق في مصادرة طبعة كاملة من صحيفة «المصري اليوم»، وأثار وقتها تكهنات بوجود محاولات انقلابية على الرئيس المخلوع نفاها سليمان، مؤكدًا على لسان مصدر مطلع، رفض ذكر اسمه للصحف وقتها، على ولائه التام لمبارك، فوقتها، لم يكن مطروحًا على الساحة أي مرشح للرئاسة سوى المباركين، الأب، والابن. وسليمان مولود في قنا، ودرس العلوم العسكرية والسياسية، ,هو أب لثلاث بنات. بعد تركه منصب رئيس جهاز المخابرات، وتوليه نيابة رئيس الجمهورية، تعرض لمحاولة اغتيال في فبراير 2011. وتقول قاعدة بيانات صحيفة «نيويورك تايمز»: «إن عمر سليمان التحق بالكلية الحربية مع بلوغه سن التاسعة عشرة وسافر عقب تخرجه إلى الاتحاد السوفييتي السابق ليتلقى تدريبات عسكرية متقدمة في أكاديمية (فرونز) العسكرية، وكان من ضمن القوات المصرية في سيناء خلال نكسة 1967، وشارك في حرب أكتوبر عام 1973، وإن لم تنشر أي معلومات حول دوره في الحرب ومشاركته فيها». وعاد سليمان من الاتحاد السوفييتي ليدرس العلوم السياسية في جامعتي القاهرة وعين شمس. ومع انتهاء الحرب تولى سليمان رئاسة فرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة. ويفرد الصحفي الأمريكي ستيفن جراي في كتابه «الطائرة الشبح» مساحة لدور سليمان في برنامج التعذيب بالوكالة «رينديشن» لصالح أجهزة الأمن الأمريكية، حيث أشرف سليمان وفقا لكتاب جراي على وضع تفاصيل المشروع منذ عام 1995. وتصف الوثائق الدبلوماسية والعسكرية المسربة عبر «ويكيليكس» سليمان بكونه أحد المفاتيح الرئيسية في هذا البرنامج. نقلا عن: المصري اليوم