تكرمت أسرة مسجد الفرقان بأولاد يعيش بمدينة البليدة الجميلة، وشعبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بولاية البليدة، فأقامتا حفلا بهيجا تكريما لشخصي الضعيف، فلهم عظيم الشكر وجميل العرفان، فقد جاء من رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قوله: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله". كان الميقات المكاني لهذا التكريم هو "قصر صهيب" الجميل بمنطقة الزاوية، بلدية بني تامو، ولاية البليدة، وقد بذل صاحبه ومساعدوه جهدا كبيرا لإنجاح هذا التكريم، فشكرا لهم على ما قاموا به. وكان التوقيت الزماني هو يوم السبت 4 صفر الخير من عام 1440 ه (13-10-2018م).. وقد شرفني بحضور هذا التكريم بعض أساتذتي، وبعض طلابي، وبعض أصدقائي منذ أيام الدراسة، وبعض زملائي.. واعتذر بعضهم عن الحضور لظروفهم الخاصة. وقد اعتبر كل من حضر الحفل أنه كان متميزا جلالا، وجمالا، وكمالا.. حيث امتلأت القاعة عن آخرها رغم اتساعها.. وكان شاملا، حيث جاءه الإخوة والأخوات من أماكن بعيدة وقريبة، تلمسان، تموشنت، بلعباس، الشلف، بومرداس، تيبازة، المدية، عين صالح، تبسة، سكيكدة، قسنطينة، تيسمسيلت، بوسعادة، عين الدفلى، تيزي وزو وسيدي عيسى.. إن فكرة هذا الحفل هي بنت فكر الدكتور مالك بوعمرة سونة، وآزره فيها الأساتذة محمد غازي بوشامة، ونور الدين طيبي، وعبد الكريم حمادوش، وعبد المجيد سي موسى. زارني هؤلاء الشبان في بيتي، وعرضوا عليّ الفكرة، فشكرتهم على ذلك، واعتذرت لهم عن عدم قبولها، ولكن الدكتور مالك قال: إننا لا نريد تكريما كهذه التكريمات التي نحضرها أو نسمع عنها، ولكننا نريده تكريما متميزا، وذلك بأن نستكتب بعض من علّموك، وبعض من علّمتهم، وبعض من زاملتهم في الدراسة وفي العمل ليسجلوا شهاداتهم، وانطباعاتهم، ونخرج ذلك في كتاب يقرأه الناس حاضرا ومستقبلا.. تحوّل رفضي إلى قبول، وانطلق الشبان فاتصلوا بمن أمكنهم، وجمعوا ما وصلهم من كلمات، ومقالات، وأشعار، وبحوث، ونسقوا، وبوّبوا، وصححوا، وعملوا نهارا وزلفا من الليل.. حتى اكتمل العمل، فوجد من يسّره الله لليسرى، ومن أجرى على يديه خيرا كثيرا، الأخ عبد الله ابن نور: صاحب دار الإمام مالك للنشر، فشمر على ساعديه وشدّ المئزر.. وأخرج الكتاب في زمن قياسي بعدما زيّنه الخطاط الفنان، الإمام الظريف سفيان بزاوية… وعندما علم السيد محمّد عوادي مدير قناة القرآن الكريم، التي أكرمني الله – عز وجل- بأن قدّر لي أن أكون أحد المساهمين فيها منذ أول أيامها، فأمر – حفظه الله- بإنجاز شريط عن بعض المحطات من حياتي، وتسجيل شهادات بعض معارفي، وجنّد لذلك جنوده من إداريين وصحفيين وفنيين ممّن لا يؤودهم إنجاز الأعمال المتميزة.. فلهم شكري وعرفاني. لقد غمرني الإخوة الأفاضل بمشاعرهم الفياضة، وكلماتهم الصادقة وهداياهم القيمة، وقد غالبت عبراتي فغلبتني. وعندما اغتيلت منصة الخطابة تذكرت ما قاله قطب الأئمة امحمد بن يوسف اطفيش الذي استقبل استقبالا كبيرا عندما زار مدينة القرارة، فقال لمستقبليه باللسان الميزابي "ووني إوعزام خاطي امحمد أن يوسف"، ومعنى هذه الكلمة باللسان العربي: "هذه الحفاوة للعلم لا لمحمد بن يوسف"، وإذا كان الإمام اطفيش عالما فما أنا إلا طالب علم.. كما تذكرت كلمة الإمام عبد الحميد ابن باديس في الحفل الكبير الذي أقيم له بمناسبة ختم تفسيره للقرآن الكريم في صيف 1938، حيث قال: "… فإني أشهد الله أنكم بالغتم في التحفي بي، والتنويه بأعمالي، وأشهد أن هذا التحفي عسير عليّ جزاؤه، ثقيل عليّ حمله، فلعلّي إذا ذكرت هذه العناصر (التي ساهمت في تكوينه) ووفيتها حقها من الاعتراف لها بالفضل توزعت حصصها من التنويه وتقاضت حقوقها من الثناء الذي أثقلتم به كاهلي، فأكون بذلك قد أرضيت ضميري، وخففت عن نفسي" (الشهاب جوان/ جويلية 1938، ص 288 و289.. فذكرت كل من كان له فضل عليّ بعد الله – عز وجل- من والدين كريمين، وأشياخ نجب، وإخوة كرام، وأصحاب أبرار.. ثم خصصت بالذكر الأستاذين الكريمين المرحومين محمّد فارح الذي أدخلني إلى عالم الكتابة من منبر جريدة الشعب، وعبد الوهاب حمودة الذين شجعني على اعتلاء منابر الخطابة – ثم شكرت من كان لهما فضل في نشر أفكاري وآرائي، أعني جريدة الشروق اليومي، وقناة القرآن الكريم. وأغتنم هذه الفرصة لأجدد شكري لكل من كان له فضل علي، قل أو أكثر.. ولا يوفيهم أجرهم إلا الذي لا تنفد خزائن فضله ورحمته ورزقه.