أجمع الخبراء والمشاركون في ورشات عمل الندوة الوطنية لتسيير مخاطر الكوارث الطبيعية، الذي نظمته وزارة الداخلية والجماعات المحلية، يومي الاثنين والثلاثاء، على أن الحرائق والفياضانات والزلازل قدر الجزائريين بسبب الموقع الجغرافي للبلاد، وليس من خيار للتعامل مع هذه الظواهر الطبيعية، سوى الرفع من درجة اليقظة والحذر لرفع قدرة المجابهة. وكشف مدير حماية النباتات والحيوانات في المديرية العامة للغابات عبد القادر بن خيرة أن الحرائق في الجزائر، كل سنة وبصفة دورية أكثر من 34 ألف هكتار من الغابات، مهددة بذلك السلامة البيئية والمحيط خاصة في شمال البلاد، شأنها في ذلك شأن البلدان الأخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط التي تسجل احتراق وإتلاف مساحة وسطية من الغابات تبلغ 34 ألف هكتار عبر كل مناطق البلاد، مشيرا إلى أن الجزائر تسجل سنويا 3000 حريق. وأكد الخبير أن تدهور الثروة الغابية، يهدد سلامة البيئة في الشمال واستقرار المناطق الريفية، ما يؤدي إلى تقليص فرص حماية الأراضي ضد الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية وترسب الطمي من السدود، مشيرا إلى أنه في هذه الحالة ليس من خيار آخر سوى "القيام بعمليات التوعية والوقاية والتدخل للحفاظ على الغطاء الغابي"، مشيرا إلى أن إدارة الغابات تحاول تحسين تسيير أكثر فاعلية لحملات الوقاية والسيطرة من خلال استغلال الخبرات الوطنية والدولية". وأكد على عنصر واحد وهو الحاجة إلى استخدام "الوسائل الحديثة في إدارة حرائق الغابات لا سيما مجال التنبؤ بالمخاطر والحراسة موازاة مع ارتفاع مستمر في عدد الحرائق الناتج أساسا عن التقلبات الجوية"، وإن استعرض الاستراتيجية التي أعدتها مديريته في هذا المجال والتي تقوم على تعزيز آلية الرقابة ومكافحة الحرائق عن طريق إنشاء أعمدة متحركة غابية وتنقيح نظام الحماية والتكيف معه في ظل التغيرات الجديدة التي يعرفها المناخ حاليا، إلا أنه أكد أن هذه الإجراءات غير كافية، الأمر الذي جعل إدارة الغابات بالتعاون مع الديوان الوطني للأرصاد الجوية ووكالة الفضاء الجزائرية تعمل على التخطيط لإنشاء "مؤشر لحالة الطقس والغابات" وإنشاء "خريطة مخاطر حرائق الغابات". لحماية الثورة الغابية بالجزائر التي تغطي مساحة إجمالية تفوق أربعة ملايين هكتار. وفي الشق المتعلق بمخاطر الزلازل، اعتبر خبراء مشاركون أن برنامج تقييم مخاطر الزلازل وتخفيفها في الجزائر"أكثر من ضروري" في الوقت الراهن. وحسب تقديرات مدير الأبحاث في معهد "غلوب" للفيزياء بستراسبورغ بفرنسا مصطفى مغراوي، فإن تقييم المخاطر الزلزالية ومخاطر الكوارث في الجزائر "يعد قضية مهمة من وجهة نظر علمية وسياسية، حيث إن الخطر الزلزالي يظل مرتفعا نسبيا في الجزائر"، مشيرا إلى أن "التسيير المتكامل للمخاطر والتنسيق الجيد بين الجهات المعنية يصبح هدفا حاسما للحد من المخاطر والآثار التي قد تترتب عن وقوع الزلازل". وقال مغراوي، إن تقسيم المناطق الزلزالية وتقييم الخطر الزلزالي كما تم تبنيه في التصميم الزلزالي الحالي له فجوات ولا تزال المخاطر الزلزالية عالية، ما يتطلب دعما أفضل يلائم أولويات الوقاية من هذه الكوارث الطبيعية وفقا لتوصيات مؤتمر سينداي للحد من مخاطر الكوارث الذي عقد في 2015″. وبالنسبة للمختص فهناك حاجة لدراسات المخاطر الزلزالية والمخاطر لفهم الإمكانات المدمرة للزلازل، والتي يمكن أن تؤدي إلى خسائر في الأرواح وتداعيات اجتماعية واقتصادية سلبية كثيرة". من جانبها، دعت آسيا حربي، رئيسة مركز أبحاث الفلك والفيزياء الفلكية والجيوفيزياء بالجزائر، إلى ضرورة تصميم قاعدة بيانات خاصة لتسجيل جميع المناطق الزلزالية في الجزائر، مشيرة إلى أن "أي منطقة تعرضت لزلزال ستستفيد منه إذا ما وقع بها زلزال آخر خلال سنوات قادمة"، مؤكدة على أهمية التحضير النفسي والمادي لآثار الزلازل التي تحدث مستقبلا، مؤكدة أن تسجيل نتائج كل الاستكشافات في قاعدة بيانات وجعلها متاحة لجميع المستخدمين يعد "أمرا بالغ الأهمية"، مقترحة أن تقوم الجهات المعنية بترجمة آثار الزلازل إلى أرقام وخرائط للتقليل من مخاطرها. من جانبه، أوضح ممثل الديوان الوطني للأرصاد الجوية، أن الجزائر وبسبب موقعها الجغرافي "تتأثر بالاضطرابات الجوية التي تتشكل أو تتجدد في البحر الأبيض المتوسط والتي تم تحديدها من قبل العديد من المختصين على أنها المنطقة الأكثر تعرضا للأعاصير في العالم". كما أشار إلى أن الجزائر تتأثر أيضا بأنواع أخرى من الكوارث الطبيعية خاصة ما يسمى بالطقس القاسي كالعواصف الرملية وظهور الهواء المداري ما يتسبب في عواصف رعدية شديدة في منطقة الهقار والتاسيلي والتي تكون أحيانا سببا في الفيضانات المدمرة. وقال الخبير إن الجزائر وضعت بطاقة التأهب والتحذير الرصدي للطقس في عام 2017 بدأت تدخل ضمن ثقافة المجتمع الجزائري لكنها ليست معروفة، بالشكل الكافي لتعوض النشرية الخاصة بحالة الطقس، وقال بشير حمداش، مدير قسم التنبؤ والاتصالات في الديوان في الندوة الوطنية حول تسيير مخاطر الكوارث إن مساعدة وسائل الإعلام أمر حيوي لإعلام الجمهور والسلطات العامة بفائدة هذه الخريطة". وقال إن بطاقة التأهب الجوية، هي نتاج برنامج تحديث مؤسسة الأرصاد الجوية ولإرادة المسؤولين لإنشاء نظام كامل وموضوعي لإبلاغ السلطات العمومية ووسائل الإعلام والجمهور حول مخاطر الأرصاد الجوية المحتملة ووتطورها وعواقبها المتوقعة. كما أكد أن مثل هذه البطاقة الذكية متوفرة على موقع الديوان، الالكتروني وأيضا على الهواتف النقالة وهي تقدم خدمات دقيقة تخص مستوى خطورة ظاهرة طبيعية ما خلال أربع وعشرين ساعة، مشيرا إلى أن خريطة مراقبة الطقس "تم تصميمها على أساس تقسيم إقليمي ولائي المكلف بالتكفل بتسيير مخاطر الكوارث".