تحرص أغلب العائلات على عدم ترك الفتيات يبتعدن عن المنزل العائلي، واللعب في أماكن بعيدة عن أعين الأولياء، وهذا نتيجة الخوف الشديد من اختطافهن واغتصابهن، ولا تبالي عائلات جزائرية تماما بحراسة الأطفال الذكور، اعتقادا منها أن الاعتداءات الجنسية تطال فقط الإناث.. لكن مصالح الطب الشرعي تكشف المستور بتسجيلها سنويا ما يقارب 150 اعتداء جنسي على الأطفال في كل مصلحة، نسبة 80 بالمائة حسب رؤساء هذه المصالح، هم ذكور. ودق هؤلاء ناقوس الخطر حول الظاهرة التي باتت تنخر المجتمع الجزائري، والغريب حسبهم، أن الأطفال يتعرضون لهذه الاعتداءات الوحشية، حتى داخل الأسرة ومن طرف أقرب أفرادها!.. وأكدت في السياق، رئيسة مصلحة الطب الشرعي بمستشفى البليدة، البروفسور كلثوم ميساحلي، أن الأفعال المخلة بالحياء والاعتداءات الجنسية على الأطفال، مهمة صعبة يواجهها الأطباء في الآونة الأخيرة مشيرة إلى أن مصلحتها استقبلت خلال سنة واحدة 150 اعتداء جنسي ضد الأطفال، والنسبة الأكبر تتعلق بالذكور. وترى أن نقص الوعي لدى الأولياء وتركهم دون أي مسؤولية، أبناءهم الذكور يلعبون في الشارع، أو إهمالهم تماما ودفعهم إلى التسول والتشرد، جعلهم عرضة للانتهاكات الجنسية، وفريسة سهلة للمنحرفين. ومن جهته، قال رئيس مصلحة الطب الشرعي لمستشفى زميرلي بالعاصمة، الدكتور عز الدين مصطفاوي، إن الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال الذكور تكثر في فصل الصيف وتزامنا مع العطلة، حيث يكون الإهمال شبه واضح في حق هذه الفئة، من طرف العائلات، مؤكدا أن المصلحة تستقبل خلال هذه الفترة، 23 طفلا في الأسبوع تم الاعتداء عليهم جنسيا من طرف منحرفين أو أبناء الحي، أو أشخاص غرباء. كما أوضح الدكتور مصطفاوي أن العقلية التي يفكر بها الأولياء باعتقادهم أن الفتاة هي من يتعدى عليها جنسيا وبالتالي الخوف عليها ووضعها تحت الملاحظة، جعل هؤلاء المعتدين على الأطفال يلجؤون إلى الذكور الذين يجدونهم في كل مكان وبعيدا عن الأعين أحيانا، مشيرا إلى أن مصلحة مستشفى زميرلي تستقبل سنويا 120 اعتداء جنسي ضد الأطفال، أكثرهم ذكور. وأكد رئيس مصلحة الطب الشرعي للمستشفى الجامعي بعنابة، الدكتور عبد الحميد ميرة، أن الاعتداءات الجنسية في حق الأطفال، أصبحت ظاهرة مؤسفة لا يمكن السكوت عنها في الجزائر، وأن ما تسجله المصلحة بعيد جدا عن الواقع، بالنظر إلى بعض الحالات المسكوت عنها، ولا يقل حسبه عدد الحالات التي يتم فحصها في مصلحته عن 160 طفل سنويا. الاعتداءات الجنسية في الوسط العائلي تظهر في سلوكيات التلاميذ عبر رؤساء مصالح الطب الشرعي الذين تحدثوا حول موضوع الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال، عن تأسفهم الشديد تجاه ما سموهم بضحايا مسكوت عنهم، وهم أطفال يعانون في صمت من اعتداء جنسي وقع غالبا داخل العائلة، أو من أحد الأقارب، أو في المدرسة، لكن لا يصل أمرهم إلى الطب الشرعي. وأوضحت رئيسة مصلحة مستشفى البليدة، البروفسور كلثوم ميساحلي، أن تشخيصهم للاعتداء الجنسي لا يكون إلا بتسخير من مصالح الأمن، لأن أي تشخيص يكون خارج هذا الإطار القانوني يعرضهم للخطر خاصة إذا ما تعلق الأمر بالفتيات، اللواتي تعطى لذويهن شهادة تؤكد تعرضهن للاغتصاب. وقالت إن الطب الشرعي يعتبر حلقة واحدة من الحلقات التي يتم من خلالها اكتشاف أن الطفل معنف جنسيا، حيث دعت مديري المؤسسات التربوية والأساتذة إلى إبلاغ طبيب المدرسة في حال ملاحظة تصرفات غير طبيعية في سلوكيات التلاميذ، وفي حال اعتراف أحد التلاميذ بتعرضه لاعتداء جنسي، على هذا الطبيب أن يبلغ مصالح الأمن. وحسب البروفسور ميساحلي، فإن التراجع الدراسي لدى أحد التلاميذ، أو عزلته وانطواءه، وشروده، كلها سلوكات قد تكون ناتجة عن تعرضه لاعتداء جنسي.