عرض البروفيسور بن حركات، رئيس مصلحة الطب الشرعي بمستشفى ابن باديس الجامعي بقسنطينة، تقريرا شاملا لنشاطات مصلحته لسنة 2008 والمشكلات التي يواجهها الطاقم الطبي للمصلحة أمام ضيق هذه الأخيرة. ودق البروفيسور بن حركات ناقوس الخطر حول خطورة استعمال صندوق واحد في نقل الجثث والتداول عليه نظرا لما يحمله الصندوق من مكروبات وفيروسات معدية قد تنتقل إلى الأشخاص الذين يحملونه وحتى إلى عائلة المتوفي. كشف البروفيسور بن حركات حصيلة نشاطات مصلحته لسنة 2008 وقد سجلت المصلحة حوالي 12 ألف حالة عنف، 40 بالمئة منها ناتجة عن الاعتداءات الجسدية بمختلف أشكالها. وقد اعتادت المصلحة على استقبال هذا النوع من حالات خاصة النساء، حيث استقبلت المصلحة 500 امرأة تعرضت للاعتداء الجسدي ناتج عن شجارات زوجية وهي من جملة 1350 امرأة اعتدي عليها. وتأتي الاعتداءات الجنسية في الواجهة حيث سجلت المصلحة 300 حالة اعتداء جنسي. وأوضح البروفيسور بن حركات أن الأطفال هم العنصر الأكثر تضررا لما تخلف هذه الاعتداءات من آثار نفسية وخيمة، بحيث سجلت المصلحة 180 حالة اعتداء جنسي على شريحة البراءة وحدها. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة عرفت انخفاضا نوعا ما مقارنة مع سنة 2007 بتسجيل 270 حالة، وأوضح ذات المتحدث أن الدور الذي يرتكز عليه الطبيب الشرعي في استقبال هذه الفئة المتضررة نفسيا وجسديا هو مراعاة الحالة النفسية التي تكون عليها وكيفية التعامل معها ولهذا وجب على الطبيب الشرعي الاطلاع على كل التخصصات، لاسيما ما تعلق بالجانب النفسي لمرضاه حتى يتمكّن من معرفة أسباب الاعتداء وطريقته، خاصة وأن جل المعتدى عليهم خاصة الفتيات يرفضون إعطاء تفاصيل عن الاعتداء خوفا من الفضيحة وعقاب الأولياء، وهي ظاهرة تدعو الجهات المختصة إلى أخذها بعين الاعتبار ووضعها في برنامجها الوقائي وإيجاد السبل لحماية الأطفال. ومن المهام التي يعتمدها الطب الشرعي تشريح الجثث وكشف الأسباب التي أدت إليها الوفاة، حيث تؤكد الأرقام التي قدمها البروفيسور بن حركات أن مصلحته أجرت 250 عملية تشريح للجثث خلال سنة 2008، بأمر من وكلاء الجمهورية لإبداء رأيه في نتائج الوفاة. ومن القضايا التي ركز عليها البروفيسور بن حركات في الإطار ذاته هو عدم احترام القانون الخاص بنقل الجثة من مكان لآخر أو من مقرها إلى المقبرة وخطورة استعمال صندوق واحد في تحويل الجثث والتداول عليه كونه محملا بالكثير من المكروبات والأمراض المتنقلة عبر اللمس، بحيث قد تنتقل هذه الأخيرة إلى الأشخاص الذين يحملون هذا النعش وحتى إلى عائلة المتوفي دون أن تتفطن هذه العائلات إلى خطورة الوضع أمام الانتشار الكبير للأمراض المستعصي علاجها، كما هو الشأن مع المرض الخبيث "السيد"ا. وأكد البروفيسور بن حركات أنه لابد من تنظيم خاص لصناديق نقل الجثث وعلى السلطات العليا وعلى رأسها وزارة الصحة التكفل بنقل الجثة خاصة إذا كانت من بلد لآخر مع ضرورة حرق الصندوق بعد استعماله مباشرة وذلك تفاديا لانتشار أي مرض معد. وحول مدى تطور القطاع قال البروفيسور بن حركات على هامش هذا التقرير إن الطب الشرعي في الجزائر عرف تطورا كبيرا سواء من ناحية الكم أو النوعية وهذا بفضل البرنامج التكويني التي تباشره الوزارة؛ علما أن عدد الأطباء الشرعيين في الوقت الحالي يصل إلى نحو ال 120 طبيبا شرعيا على المستوى الوطني، وتقوم الوزارة الوصية بتكوين الأطباء الشرعيين وتأهيلهم لأداء هذه المهمة التي وصفها بالنبيلة. وكانت مصلحة الطب الشرعي بمستشفى ابن باديس الجامعي قسنطينة منذ فتحها، قد تكفلت بتكوين حوالي 27 متخصصا في هذا المجال من طرف الوزارة الوصية هم اليوم موزعين على مختلف الولايات (عنابة، بسكرة، الوادي، سكيكدة، باتنة، سوق أهراس، البليدة والعاصمة..) وما تزال تواصل مهمتها هذه بتكوين 14 متخصصا معظمهم من النساء.