تشكل شوربة "الفريك" الطبق الذي لا يغيب من على مائدة إفطار الجزائريين طيلة أيام رمضان، ولا يكاد يختلف اثنين في الجزائر شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، وفي حضرها وأريافها على مفارقة الصيام ب"حساء الفريك" الدافئ، الذي لم يعد مجرد وجبة بل تقليدا تجتمع عليه أكثر من خمسة (5) ملايين عائلة جزائرية. وحسب تقدير احد كبار باعة المادة، تستهلك الأسرة الجزائرية المكونة من متوسط خمسة(5)أفراد، ما معدله مائة( 100)غ يوميا وحوالي اثنين (2) كلغ من طحين "الفريك " طيلة شهر الصيام، بينما ارتفع ثمن الكيلوغرام الواحد للمادة من 180 دينار في سائر أيام السنة إلى ما معدله 220 دينار هذه الأيام الرمضانية في الأرياف والمدن الصغيرة، و250 حتى 300 دينار بالمدن الكبرى، ولاسيما بالأحياء السكنية الراقية، و يباع بمعدل سعر عادة ما يستقر في حدود ال 250 دينار. تبدأ العائلات الجزائرية وخصوصا منها المقيمة داخل التراب الجزائري باقتناء "طحين الفريك" بأيام قبل رمضان، وقليل منها من يدركه الشهر ولا تتزود بهذه المادة التي تغزو سوق المواد الغذائية والآكلات التقليدية أسابيع وحتى بعض متاجر العقاقير قبل حلول شهر الصيام، ويستمر الإقبال عليها طيلة الشهر، وبعده في صيام ستة(6) أيام من شوال . ويصل مقدار استهلاك الجزائريين من "الفريك" ما يربو عن 10 ألاف طن خلال شهر رمضان، بمعدل استهلاك يومي يترواح بين 100 إلى 150 غرام، ما يمكن كل فرد من استهلاك 1,5 لتر من حساء الفريك. ويعد الفريك عند الجزائريين من أنواع الحساء اللذيذة، و من أسباب الإقبال عليه بساطة تحضيره، وعلى اختلاف طرق ومكونات طهيه من عائلة لأخرى، فإن معظم أطباقه عبارة عن مرق دجاج أو لحم و بخليط الطماطم و الملح و الفلفل الأسود و توابل أخرى منها "حشيش القصبر" و"المعدنوس" ثم يضاف ملك الطبق "الفريك". وأخذ "الفريك" اسمه هذا من عملية تحضيره، فهو يبدأ بفرك سنابل القمح الأخضر المشوي على نار خفيفة، وبعد تنقيته من الشوائب يطحن ثم يغربل من سماده، واستخراج الطحين الخشن وهو الذي يطلق عليه "الفريك" لكونه نتاج فرك حبات القمح، ويطلق عليه في دول عربية أخرى اسم "الهريس" لأنه يُهرس أي "يطحن داخل مهراس". ويصنف حساء أو شربة الفريك من المقبلات(فواتح الشهية)، وينصح بتناوله مباشرة بعد الإفطار على شرب الماء و حبات من التمر، لفوائده الصحية المتعددة فهو يحتوي على سعرات حرارية، ومفيد لكل الأعمار لكونه خفيف على المعدة ويهيئها للطبق الرئيسي. ويوصي خبراء الصحة والتغذية بتناول هذا الطبق النشوي الطبيعي الخال من العجائن. وقالت الدكتورة وحيدة الطبيبة المتخصصة في التغذية والجهاز الهضمي ل"الشروق أون لاين" أن "حساء الفريك"من صنف "الشربات" القمحية التي أوصت بتناولها الجمعية الأمريكية، وهي مفيدة خاصة لمرضى السرطان لما تحتويه حبوب القمح من مضادات للأورام السرطانية. ويقبل الجزائريون على تقديم "حساء الفريك" في الأعراس والولائم المختلفة، ويزداد الإقبال عليه بنهم في مناسبة رمضان، وهو اليوم فضلا عن كونه في متناول الأسر الجزائرية ونجم الأطباق الرمضانية، فهو تقليد وعادة راسخة في المجتمع الجزائري، لأنه الطبق الذي يشتهيه و يجتمع عليه كل أفراد العائلة بل كل الجزائريين بمن فيهم المتجمعون على موائد الإفطار الجماعية والفنادق، والجامعات والمعاهد، ومطاعم الرحمة، وغيرها.