ماهو موقع البنك المركزي الجزائري من إعراب مراقبة ومحاسبة ومعاقبة البنوك والمؤسسات المالية في الجزائر؟، هل يتحمل هذا البنك نتائج الخروقات القانونية والإفلاس المالي وسلسلة الإختلاسات التي تعرّضت لها بعض البنوك الخاضعة لسلطانه؟، أم أنه ليس مذنب عن تجاوزات غيره وهو بريئ من "الجرائم" المالية التي إستباحت أموال الخزينة العمومية؟. بالعودة إلى قانون القرض والنقد، رقم 90-10، فإن البنك المركزي يمكن له أن يجري جميع العمليات المصرفية مع البنوك والمؤسسات المالية العاملة في الجزائر، ومع جميع البنوك المركزية الأجنبية، كما يحدد البنك المركزي "الشروط العامة" التي يرخص ضمنها تأسيس البنوك والمؤسسات المالية في الجزائر، ويضبط أيضا الشروط التي يمكن في ظلها تعديل أو إلغاء هذا الترخيص. البنك المركزي الجزائري، هو كذلك المكلف بوضع جميع المعايير التي يجب على كل بنك إحترامها بشكل دائم، سيما النسب بين الأموال الخاصة والتعهدات ونسب السيولة وإستعمال الأموال الخاصة وكذا النسب بين الودائع والتوظيفات، كما يحق للبنك المركزي، أن يفرض على البنوك أن تودع لديه في حساب مجمد ينتج فوائده أو لا ينتجها، إحتياطيا، يحسب على مجموع ودائعها أو على بعض أنواع هذه الودائع، ويسمى هذا الإحتياط ب الإحتياط الإلزامي. ويمنح القانون الساري المفعول، للبنك المركزي، فضلا عن طلب الحسابات السنوية، أن يطلب من البنوك تزويده ببيانات شهرية مفصلة، تظهر جميع أبواب الأصول والخصوم، وكل الأبواب الخارجة من الميزانية وأعباء ونتائج الإستغال، كما يزود البنك المركزي، بحسابات وميزانيات الإستغلال نصف سنوية(6 أشهر)، وكذا بجميع المعلومات الإحصائية. الصلاحيات والمسؤوليات القانونية، تسمح من جهة أخرى للبنك المركزي، بتحديد الشروط الواجب توفرها في مديري البنوك والمؤسسات المالية ومؤطريها، إلى جانب إمكانية تحديده لنظم تسييرها، كما يمكن للبنك المركزي، أن يتدخل في تنظيم عمليات المصارف والمؤسسات المالية مع زبائنها، خاصة ما هو متعلق بفتح الحسابات الدائنة والضمانات المقبولة للتسليفات والقروض، علما أن القانون يؤكد من جهة أخرى، بأنه يجب على البنك العامل بالجزائر أن يكون له حساب دائن مع البنك المركزي لحاجات عمليات المقاصة. هذا، وتتكفل اللجنة المصرفية التابعة لهيئات البنك المركزي، بإجراء الرقابة على أساس القيود والمستندات، وكذا إجراء الرقابة في مراكز البنوك والمؤسسات المالية، وتنص القوانين المعمول بها، على أنه عندما تخل إحدى المؤسسات الخاضعة لرقابة اللجنة المصرفية، بقواعد حسن سلوك المهنة، يمكن للجنة أن توجه للمسؤولين عنها، لوما بعد الإنذار بالإدلاء بتفسيراتها، كما يمكنها أن تدعو أي بنك أو مؤسسة مالية، من أجل إتخاذ، خلال مهلة معينة، التدابير التي من شأنها أن تعيد أو تدعم توازنه المالي أو تصحيح أساليبه الإدارية. ويؤكد قانون القرض والنقد، أنه إذا أظهرت نتائج الحسابات الموقوفة في 31 ديسمبر، خسائر، يتم تسديدها بتخصيص مبالغ من الإحتياط الخاص أو العام، في حين يسلم محافظ البنك المركزي، لرئيس الجمهورية، خلال الشهر الذي يلي إختتام كل سنة مالية، الميزانية وحساب الأرباح والخسائر، مع تقرير يبين أعمال البنك المركزي، كما يحق للبنك المركزي، في حالى حدوث مخالفات قانونية من طرف البنوك، أن يصدر عقوبات، من بينه التنبيه واللوم والمنع من ممارسة بعض الأعمال وإلغاء الترخيص ببمارسة العمل. مهام وصلاحيات البنك المركزي، في مجال المراقبة-المحاسبة-المعاقبة، تدفع مراقبين إلى رسم علامات إستفهام وتعجب، أمام الفضائح المالية التي هزت القطاع البنكي والمصرفي في الجزائر خلال الآونة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق أساسا ب "فضيحة القرن" أو فضيحة بنك الخليفة، والتجاوزات التي حصلت بكل من البنك الوطني الجزائري وبنك الفلاحة والتنمية الريفية والبنك الصناعي والتجاري ويونين بنك وبنك الريان وآركو بنك. الإعتداءات المتكرّرة والإستعراضية على المال العام، التي قرأتها عمليات النهب والإختلاس والقروض "العشوائية" ومنح الإعتمادات للبنوك الخاصة، دفعت أوساطا متابعة، إلى التساؤل عن "مسؤولية" البنك المركزي، وعن حقيقة إكتشاف الفضائح بعد وقوع فأسها على رأس الخزينة العمومية، وماهي حدود لجوء البنك إلى آليات العقاب والحساب، ومن المسؤول عن عدم تنفيذ القرارات المتضمنة العقوبات؟ جمال لعلامي:[email protected]