احتفظت ولاية تمنراست خلال التشريعيات المزمع إجراؤها نهاية الأسبوع المقبل على نفس التقاليد التي عهدها خلال كل موعد انتخابي، جميع المترشحين يسوقون سياساتهم على أنغام "التيندي" الهادئة أو على أوتار الڤيثارة الكهربائية التي وحدها تجيد عزف لحن "الأهڤار". كل سيارة رباعية تطوف أرجاء المدينة إلا وعليها لافتة لأحد المترشحين، ساحة اول نوفمبر بوسط المدينة خرجت من سباتها، فهي المكان المفضل لممثلي القوائم السبع عشرة المتنافسة على المقاعد الأربع المخصصة للولاية، يتناوبون بانتظام على منصتها لعرض أفضل ما لديهم.. هذا المشهد بالنسبة لسكان الشمال المقيمين بالولاية منذ سنوات أصبح مألوفا، لكن بالرغم من قدم الديكور العرضُ هذه المرة جاء مخالفا لسابقيه، فالمعطيات السياسية تغيرت بحيث دخلت المعترك قائمتان حرتان لأول مرة لتنافس الأحزاب التقليدية بالمنطقة، وكذلك الخارطة الانتخابية بالولاية هي الأخرى تغيرت بحيث أصبح سكان الشمال الجزائري يشكلون أغلبية سيكون لها كلمتها في الاستحقاقات المقبلة. القائمتان الحرتان فضلتا دخول المنافسة بوعد إحداث التجديد، الأمر الذي أوضح ايدى بوشة رئيس قائمة السعادة الحرة بأنه جاء تلبية لرغبة الاغلبية "التي فقدت الثقة في ممثليهم السابقين التي نسعى لاسترجاعها" في حين اعتبر بوجمعة زناني رئيس قائمة الوفاء أن التغيير أضحى ضرورة تفرضه التغيرات التي عرفتها الولاية، لكن ما هي هذه المطالب التي لم تتحقق الى غاية اليوم؟ رئيسا القائمتان الحرتان يريان أن النواب السابقين لم يفوا بوعودهم، خاصة ما تعلق منها بالصحة حيث تتوفر الولاية على مستشفى واحد يفتقر الى الأطباء الأخصائيين، وهذا ما يستوجب على المريض الانتقال الى ولايات الشمال، بالاضافة الى ذلك يقول المترشحون إن الولاية تشتكي من سوء في توزيع السكن الاجتماعي، الأمر الذي يركز عليه كافة المترشحين، خاصة بعد الأحداث التي عرفها حي تاهقارت شومارا الذي هدم به 67 مسكنا خلال الأشهر القليلة الماضية، الأمر الذي دفع بالسكان الى الاعتصام. بوشة رئيس قائمة السعادة وبوجمعة زناني رئيس قائمة الوفاء كلاهما بدأ النشاط السياسي في صفوف جبهة التحرير الوطني، ومن ثم وصلا إلى مناصب قيادية مثلما هو الحال مع بوجمعة زناني الذي شغل منصب نائب رئيس المجلس الولائي إلى غاية عشية إيداع ملفات الترشح. ويرجع المترشحان خروجهما عن الحزب إلى إحساسهما ب "التهميش" دون الإفصاح عن طبيعته أو عن الأطراف التي تسيطر على الحزب بالولاية، لكن شهورا قبل انطلاق التشريعيات أسفرت الانتخابات داخل المجلس الولائي من أجل العضوية بمجلس الأمة عن فوز مسعود قمامة شقيق محمود قمامة رئيس قائمة الافلان في التشريعيات للمرة الثالثة والأمين العام لمحافظة الحزب بالولاية. بالمقابل تسعى الأحزاب الممثلة سابقا في الولاية الى الحفاظ على قواعدها الانتخابية، فالأفانا تهدف الى الحفاظ على موقعها بدائرة عين صالح بينما تلقى قائمة الارندي الدعم من طرف أحمد أدابير. وأمام التنافس الخاص الذي طبع المنطقة خلال هذه التشريعيات، انتشرت مكاتب المساندة خاصة بالنسبة للقائمتين الحرتين في كل أحياء الولاية، الأمر الذي يدفع بالاستفسار عن حجم الغلاف المالي المخصص لهذه الحملة، لكن كافة المترشحين يؤكدون أن كل المكاتب هي عمل تطوعي، بحيث "يفتح كل من اقتنع أبواب بيته" لكن كافة المترشحين يحرصون على إبقاء أجواء الحملة نظيفة. بالإضافة الى ذلك استحدث المترشحون قوائم التزكية لمراقبة الانتخابات، ففي كل المكاتب يسعى القائمون على المداومة الى استقطاب أكبر قدر ممكن من الإمضاءات، الأمر الذي يفسره المترشحون بأنه يهدف الى استطلاع الرأي قبل الخوض في الانتخابات، لكن كافة المترشحين يرفضون الإفصاح عن عدد التزكيات التي حصلوا عليها ويقولون عن حظوظهم في الانتخابات "نحن نعمل والباقي على الله". مبعوث "الشروق" إلى تمنراست: حمزة بحري