البوادر الأولى للبرامج الانتخابية للمترشحين ال6 أخذت في التبلور انطلاقا من التصريحات الصادرة هنا وهناك والتي تترجم الاستراتيجية المعدة لهذا الحدث التاريخي الهام في مسيرة بناء الدولة الوطنية وفق منطلقات ومرجعيات الفعل الثوري وتجارب الآداء السياسي.. هذا الإطار يسعى كل مترشح على إثرائه وإبراز معالمه للجزائريين. أنظار المترشحين ال6 مشدودة لهذا اليوم المشهود الذي سيعرف انطلاق الحملة الانتخابية وفق قواعد المنافسة الشريفة التي تأخذ من الإقناع الأساس الواجب أن يتعامل معه الجميع، كون المسألة ليست بسيطة، كما يحلو للبعض تصورها. لهذا فإن تاريخ 19 مارس هو مدخل لمعرفة ما مدى قدرة أي مترشح في إستمالة أو استقطاب المزيد من الناخبين حوله، هو إختبار حقيقي وإمتحان عملي، قصد إبراز العوامل الإبداعية في الاتصال الجماهيري الذي يعتمد على عنصر التأثير في المجموعة، أي المتلقي. فهل استعان المترشحون بخبراء في الاتصال سواء أساتذة أو إعلاميين؟ هذا أمر مهم جدا، حتى لا يقع المترشح في أخطاء لا يقدرها من قبل، علما أن الخطاب السياسي يخضع في صناعته وتركيباته لتوجهات واضحة في الاتصال، ولا يمكن مخاطبة المجموعة دون معرفة طبيعتها، كي يتسنى إعداد لها ما يتطلبه الأمر ومثل هذا العمل يستدعي جهدا حقا مضنيا وشاقا وإضافيا. المترشح عبد العزيز بوتفليقة له قدرة فائقة في التأثير على المجموعة التي تحضر تجمعاته، قوته في ذلك هو إقناع الآخر بالمحاور المحددة في حملته الانتخابية وقد استطاع بوتفليقة من تقييم شامل وصارم لكل التجارب التي مرت بها الجزائر منذ ,1988 وظل يتابع الوضع عن كثب.. ولم يتخلف في يوم من الأيام عن اجتماعات اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني رفقة كل من محمد الشريف مساعدية ورابح بيطاط رحمهما اللّه وبوعلام بسايح في عهد مهري. كل هذا الزخم أعطى فكرة واضحة لبوتفليقة، سمحت له بتوظيفها في حملته الانتخابية الأولى في ,1999 مشددا على 3 محاور وهي: عودة السلم إلى ربوع الوطن مهما كلف ذلك من ثمن.. بعث الإقتصاد الوطني.. ورفع الحصار غير المعلن عن الجزائر. هذه المنطلقات ظلت سمات أساسية وجوهرية لسياسة المترشح في عهدته الأولى والثانية وقد جسدها ميدانيا.. وهذا من خلال اللجوء إلى آليتي الوئام والمصالحة الوطنية.. وترقية الاقتصاد الوطني بشكل ملحوظ معتمدا على عنصر النموّ الذي وصل إلى حدود 5٪ بالاضافة إلى رفع ورشات إصلاح العدالة والتربية ومهام الدولة، ومشروع المليون سكن والطريق السيار و''الترامواي'' والمطار الدولي، و''الميترو'' و100 محل في كل بلدية، وكذلك مشروع تحلية المياه ونقل المياه من عين صالح إلى تمنراست على مسافة 750 كلم، كلها مناطق وعرة المسالك. ما يقترحه المترشح بوتفليقة خلال عهدته القادمة هو تخصيص ما يقارب 150 مليار دولار لتنمية البلاد وستظهر التفاصيل خلال إشرافه شخصيا على الحملة التي يدشنها من باتنة. وشعار المرحلة المقبلة هو ''الإستمرارية'' و''استكمال'' التنمية بالشكل الذي تم به خلال العهدتين الماضيتين. ❊ المترشحة لويزة حنون.. تطأ قدمها الرئاسيات وهي وفية كذلك لمواقفها السياسية والاقتصادية، شعارها ''السيادة الشعبية ضمانة للسيادة الوطنية''، وهذا الشعار يلخص البرنامج الانتخابي لحنون الذي لا يخرج عن نطاق مناهضة مسار الخوصصة ورفض التدخل الأجنبي في القضايا الوطنية والحفاظ على المكاسب الاجتماعية، مناصب الشغل، صناديق الضمان الاجتماعي، التعويضات، الصحة، التمدرس، هذا كان دائما حصان ''طروادة'' بالنسبة لحنون. ❊ المترشح محمد السعيد، لأول مرة يخوض تجربة الرئاسيات وله تجربة رائدة في كيفية إدارة مثل هذه الأحداث استناءا إلى تجربته فيما سبق، وتوليه مسؤوليات هامة في دواليب الدولة الجزائري، شعاره ''التغيير الآن وليس غدا''، يسعى لأن يكون مرشحا لمكونات وانتماءات ومعتقدات الشعب الجزائري، وبرنامجه الانتخابي يقوم على توجه واضح في التعامل مع الملفات الكبرى سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية من خلال الاعتماد على مبدأ الحسم وقاعدة الفصل في كل المسائل التي ما تزال محل تردد كالاستثمار مثلا وعشية الحملة الانتخابية وجه المترشح محمد السعيد نداءا ''عاجلا'' إلى المتعاطفين معه قصد تقديم الدعم اللازم للجانه الولائية المساندة في الجوانب المادية عبر ال48 ولاية، خاصة التي لم يسعفه الحظ بلوغها بحكم بعد المسافة وغيرها من العوامل الخارجة عن نطاقه. ❊ المترشح جهيد يونسي، يدخل أول مرة تجربة الرئاسيات معتمدا على كونه ''مناضلا'' قديما في الحركة الإسلامية بالجزائر، ونشط في حركة ''النهضة'' إلى جانب جاب اللّه، واستقر في حركة ''الإصلاح'' في هذين التنظيمين عرف أبجديات الترشح للمجلس الشعبي الوطني، وخاض هذا المعترك في الميدان ويدرك خبايا هذا العمل الذي يتطلب فعلا قدرة تحمل لإقناع الآخر بالبرنامج الانتخابي الخاص بهذه المناسبة. والمترشح جهيد يونسي له رأي آخر فيما يتعلق بالسيرورة التنموية والآداء الاقتصادي في الجزائر مسجلا العديد من التحفظات حول كيفية التعامل مع هذه الجوانب، وهذه ترجمة لنزعته المعارضة لما هو قائم في قضايا التكفل ومتابعة الملفات الكبرى. ❊ المترشح موسى تواتي، له باع طويل في الانتخابات وقد ترشح كنائب بالمجلس الشعبي الوطني بالعاصمة، لكن الحظ لم يسعفه، وكان عليه أن يقدم نفسه في مسقط رأسه بالمدية.. والمترشح تواتي له خبرة معتبرة في مثل هذه المواقف والمحطات الخاصة المتعلقة بالإنتخابات، وبإمكانه تنظيم العديد من التجمعات عبر الولايات التي يراها مناسبة له في هذا الموعد، وهذا اعتمادا على قواعده النضالية في الجبهة الوطنية الجزائرية التي تضم أعدادا كبيرة من أبناء الشهداء الذين كانوا ينشطون في تنسيقية أبناء الشهداء في عهد تواتي.. هذا ما يسمح له بآداء حملة انتخابية بارتياح كبير مركزا في برنامجه على عنصر الشباب. ❊ المترشح علي فوزي رباعين، كان دائما شغوفا بالعمل السياسي، ولم يمر عنه أي موعد دون أن يقتحمه رفقة تشكيلة ''عهد ,''54 وفي كل مرة يزده ذلك عزما وإرادة في المشاركة في الحياة السياسية، والنتائج المتحصل عليها لم تثنه من التراجع عن أي نية في دخول معترك الانتخابات، كيف ما كانت طبيعتها (محلية، نيابية، رئاسية) المهم أن يكون موجودا في المشهد السياسي لتبليغ رسالته للرأي العام والتي يراها من زاويته الخاصة التي تقترب من معارضة البرامج الأخرى.. والشغل الشاغل لرباعين هو حرصه المتواصل على أن يكون هذا الموعد الانتخابي متوافقا مع رؤية وطرح تشكيلته المتمثلة في النزاهة والشفافية.