إختار "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"(الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، آخر يوم من الحملة الإنتخابية، ليعلن "موقفه" من تشريعيات 17 ماي، حيث دعا أمير التنظيم المسلح، المدعو أبو مصعب عبد الودود، في تسجيل صوتي بثته، أمس، قناة "الجزيرة"، إلى "مقاطعة" الإنتخابات التشريعية التي ستنظم بعد غد الخميس. وقال المدعو عبد المالك دوردكال، عبر "الجزيرة"، أن "هذه الإنتخابات تبقى مجرد مهزلة لا تختلف في شيء عن باقي المهازل التي عرفتها الجزائر"، مضيفا: "إنكم اليوم أيها الجزائريون أن تشاركوا في هذه الإنتخابات فإنكم إنما تشاركون هؤلاء المرتدين في هذا المنكر العظيم"(..)، وتابع "أبو مصعب عبد الودود" يقول: "عبّروا عن رأيكم في هذه الإنتخابات وعن تبرّئكم منها والأمر لا يتطلب منكم إلا المقاطعة أو الإمتناع عن التصويت"(..) !. تحريض "القاعدة" على مقاطعة الإنتخابات البرلمانية، وظهور رقمها الأول في الجزائر، عبر قناة "الجزيرة"، هو ثاني "نشاط إعلامي" من نوعه في أقل من أسبوع، على مستوى هذه القناة، فقد ظهر الأربعاء الماضي، "عبد الودود"، وهو يحث أتباعه على العمل المسلح، قائلا: "هذه حرب صليبية على الإسلام ومعركة مصيرية بين الكفر والإيمان، فمن فاتته هذه الحرب فاتته فرصة العمر وحرم الأجر"(..) !، وكان هذا "التدخل" بمناسبة بث "الجزيرة" لشريط مصور من إنتاج وإخراج "القاعدة" حول تفجيرات 11 أفريل بالعاصمة. دعوة "القاعدة"، يومين قبل موعد الإقتراع، إلى "المقاطعة أو الإمتناع"، يأتي من جهة أخرى، بعد نجاح قوات الأمن بضواحي بغلية بولاية بومرداس، في تفجير قنبلة وتفكيك أخرى بمدرسة من المفروض أنها ستكون أحد مراكز التصويت، وهو ما يدفع مراقبين، إلى التساؤل حول ما إذا كانت "القاعدة" تحاول تخويف الناخبين والمترشحين بهدف التشويش على الإنتخابات، وهل التحريض على "المقاطعة"، سيتوقف عند التسجيل الذي بثته أمس "الجزيرة"، أم أن التنظيم الإرهابي سيحاول "الضغط" على الجزائريين بوسائل أخرى من الترويع والترهيب؟. وتعتقد أوساط مراقبة، بأن "القاعدة" تحضر لعملية الإستثمار في نتائج الإقتراع، وتحديدا فيما يتعلق بنسبة المشاركة، من أجل تبييض صورتها والإدعاء بأن "أغلبية الشعب" متعاطفين ومتضامنين معها(..) ! ، ردا على المسيرات الشعبية المنظمة عبر ولايات الجمهورية تنديدا بإعتداءات 11 أفريل الماضي، وكذا "طمأنة" العناصر الراغبة في التوبة والرافضة لمنطق العمليات الإنتحارية، غير أن الحقيقة ستكون عكس هذا الإدعاء الباطل، لأنه بحسب متابعين، فإنه حتى إذا إنخفضت نسبة المشاركة، فإن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال، أن المواطنين الذين لم يتوجهوا إلى مكاتب التصويت، هم مع "القاعدة" أو غيرها، أو إستجابوا ل "ندائها" أو إمتثلوا لتهديداتها !. حتى وإن إمتنع أو قاطع جزائريون المشاركة في إقتراع هذا الخميس، فإن من بين هؤلاء-وقد حصل ذلك في المواعيد السابقة- أطراف سياسية مازالت تكفر بإنتخابات ليست على مقاسها، وآخرون سياسيون يشعرون بالتهميش ونهاية تأثيرهم ونفوذهم، والأغلبية المطلقة من الممتنعين أو المقاطعين، هم زوالية وغلابى كرهوا الإنتخابات والأحزاب والمترشحين، نظرا للوعود الكاذبة والتجارب الفاشلة، ولأسباب ودفاع إجتماعية ومعيشية أخرى. وإنطلاقا من هذه الوقائع، يؤكد ملاحظون بأن لا مجال لمتاجرة "القاعدة" مستقبلا بنتائج الإنتخابات، ومحاولتها "تقسيم" الجزائريين إلى "مساندين" لندائها، و"مؤيدين" لمن تسميهم ب "المرتدين"(..)، ويتذكّر مراقبون، الرسالة السياسية التي وجّهها الجزائريون للجماعات الإرهابية، في العام 1995، من خلال المشاركة القوية في أول إنتخابات رئاسية، فاز بها أنذاك، اليامين زروال، وقد فضل حينها الإرهابيون "الصمت" والإستسلام للأمر الواقع، رغم تدهور الوضع الأمني، بعدما شعروا بهبّة المواطنين نحو صناديق الإقتراع، ولتكرار هذه الرسالة، تسعى العديد من الأطراف الآن، لتحويل تشريعيات 17 ماي، إلى "إستفتاء" ضدّ "القاعدة" والإرهاب. ج/ لعلامي:[email protected]