كثيرا ما نسمع عن قاصرات يقعن ضحايا عصابات خطيرة، ويلجن، بسبب ضغوط الحياة، عالما يهابه الرجال، من مستنقع المخدرات إلى أوحال الدعارة، مرورا بدوامة العنف والسرقة والاعتداءات.. ولكن، ماذا لو انقلبت الآية وأصبحت الضحية جلادا. هذا ما ستنقله لكم الشروق العربي.. قصص لقاصرات تربعن على عرش الانحراف، وأطحن بسجينات مسلسل الكازا دي بابيل. تقود الكثير من القاصرات شبكات وجماعات أشرار، ينشطون في السرقات الموصوفة والجرح العمدي والسلب والنهب والتهديد بالقتل باستعمال الأسلحة البيضاء… ويأتي دور القاصرات كطعم لجلب الضحايا، وتجريدهم بعد ذلك من كل ما يملكون. وقد تبدو هذه المجرمات للناس وكأنهن ضحايا لجماعات تبتزهن بصور أو شرائط فيديو ليبقين رهن إشارة هؤلاء، لكن، في الكثير من المرات، فالقاصر هي من تقود الجماعة، وتسيطر عليها، وتدير أعمالها بيد من حديد… القصص كثيرة.. ففي زرالدة، قادت قاصر، لا تتعدى سنها السابعة عشرة، جماعة أشرار مكونة من أربعة رجال، كانوا يعيثون في الطريق العام فسادا، لولا تدخل الأمن الوطني وإيقافهم.. وبعد التحقيقات، اتضح أن الفتاة هي رئيسة هذه العصابة. يقول المثل: ”ولد الفار يطلع حفار”.. هذا المثل ينطبق على فتاة قاصر، في السابعة عشرة أيضا، ابنة مجرم، حكم عليه بالمؤبد.. خططت للسطو على العديد من الدور، خاصة منازل العجائز.. وكانت توهم الضحايا بأنها تبحث عن خياطة أو مركز تكوين، للتجسس على الجوار، ومن ثم ترسل عصابتها المكونة من شابين في الثلاثين من عمرهما ينتحلان صفة أعوان سونلغاز… آخر سطو لهذه المجرمة الشابة تعدى 300 مليون سنتيم و53 قطعة ذهبية… وكانت النهاية في سجن النساء بطبيعة الحال. لا تكتفي بعض المجرمات الصغيرات بالعنف والسرقة، بل يتعدين إلى مستوى جديد، كما في ألعاب البلاي ستايشن.. هذه المرة، المجرمة قاصر، في السادسة عشرة والنصف، قادت لمدة سنة عصابة مكونة من ثلاثة شباب، ما بين 25 و28 سنة، تحترف التهديد وخطف القصر والابتزاز في دائرة الونزة بتبسة.. وبعد كمين، سقطت القاصر في شراكها الذي نصبته لقريناتها من بنات سنها. القصص كثيرة والروايات تجعل شعر الرأس ينتصب خوفا، وتجعل الشجاع يتصبب عرقا.. فهناك من تتاجر في المهلوسات والكيف والهيروين والذهب والماس، وغيرها من الجرائم، التي عادة ما تكون ديدن الرجال الناضجين. عندما تصبح الضحية جلادا بتحريض أو إيعاز، تعمل بعض القصر لحسابهن الخاص في عالم الدعارة، فقد تبدأ المغامرة بفقد الشرف، وتنتهي بامتهان أقدم مهنة في التاريخ… هي قصة حياة فتاة، نسميها “فاديا”، 17 سنة، مراهقة، هاربة من بيت أهلها إلى العاصمة.. بعد أن قبض عليها متلبسة بالفعل المشهود، وبدل أن تحتويها العائلة، طردتها فسافرت إلى العاصمة، وباعت نفسها مقابل المال والهدايا.. القصة لا تنتهي هاهنا، بل تفوقت الضحية على الجلاد، وأصبحت فاديا “بروكسو” محترفة، تحرض الفتيات على دخول هذا العالم القذر، مقابل اقتطاع نسبة من مدخولهن. أين الخلل؟ المطلع على أخبار الحوادث، والواقف على قضايا المحاكم، يربط بين القصّر والعصابات الخطيرة، حيث يتم استغلالهن لاستدراج الضحايا بالإغراء، وتقمص دور العشيقات، وغيرها من سبل الإغواء.. لكن، أن تقود قاصر لم يكتمل نضجها الجسماني والعقلي، عصابات من الرجال، فهذا ما لا يتقبله عقل أريب وفكر حصيف. وقد نتفق على أسباب وقوع القاصرات ضحايا الانحراف، كالتفكك الأسري والفقر المدقع وعلاقات الحب ووعود الزواج.. ولكن، ما هي أسباب قيادة هذه القصر لعصابات بأكملها؟ قد يؤوله البعض بأنه كاريزما وروح قيادية، وقد يعلله النفسانيون بأنه اضطراب ال”هو” والأنا، والأنا الأعلى.. وقد يختصره الأئمة في التربية غير السوية والمحيط المتعفن… ومهما قيل وسيقال، فإن المرأة توغلت في عالم الجريمة بشكل ملفت للانتباه، بسبب دوافع عدة، تتعلق بالتغيرات المادية الحادة، التي شهدها المجتمع الجزائري، والصراعات الأسرية، التي ازدادت بعد نمو العلاقات الفردية، وغياب التماسك الاجتماعي.