كشف وزير السياحة سابقا عبد القادر بن قرينة، أرقاما وحقائق صادمة عن قضايا فساد تخصّ المدير السابق لإقامة الدولة، حميد ملزي، والذي شغل كذلك رئاسة شركة الاستثمار الفندقي، قبل إنهاء مهامه مؤخرا ثم إيداعه الحبس المؤقت مؤخرا، بتهمة الجوسسة والإضرار بالاقتصادي الوطني. وقال بن قرينة الذي سيّر القطاع (بين جوان 1997 إلى نهاية 1999) إنّه لم يتمكّن من تنحية ملزي من منصبه، موضّحا “عندما أردت إنهاء مهامه في 1999 لأنني كنت مسؤولا عنه، قام بتجريدي من بيت يتبع لمنزلي في نادي الصنوبر”، أكثر من ذلك، أصدر رئيس الحكومة أحمد أويحيى مرسوما أصبح بموجبه نادي الصنوبر و”موريتي” غير تابعين لوزارة السياحة، حيث تمّ إلحاقهما برئاسة الحكومة، ما دفع الوزير إلى كتابة رسالة احتجاج بل إنه رفض وقاطع لهذا السبب اجتماع مجلس مساهمات الدولة. وأضاف بن قرينة في فيديو من مقرّ حركة البناء “لقد باعوا فيلات مورتي بالدينار الرمزي، التي كان سعرها بين 20 و30 مليار سنتيم بيعت ب14 مليون سنتيم فقط”. أمّا الأخطر في قضايا الفساد المرتبطة بموقع ملزي فهي تكلفة فندق شيراطون العاصمة، فقد كشف بن قرينة أن “الفندق المذكور كان من المفروض أن يشرف عليه وزير السياحة، لأنه تابع للخزينة العمومية وليس للخواص، لكنّهم رفضوا وأشرف عليه حميد ملزي الذي أعطاه بالتراضي بما يقارب 200 مليون دولار”، وللاستدلال على قرائن الفساد في المشروع قدّم الوزير السابق مقارنة مع تكلفة فندق الميركير بالدار البيضاء الذي كان هبة من الصّين لم تتجاوز 45 مليون دولار، وهو حسبه لا يختلف كثيرا من حيث التصنيف والمقاييس عن الشيراطون. وأضاف بن قرينة في ذات السياق “أقامت مؤسسة السياحة التي يسيرها ملزي شراكة مع شركة الاستثمارات الخارجية الليبية التي كانت تملكها الحكومة الليبية لتشييد فندق عاصمة الغرب الجزائري، وكان يشرف عليه صديقي، فتكفّلت نفس الشركة الصينية التي بنت الشيراطون ب200 مليون دولار، بشيراطون وهران لكن هذه المرّة ب85 مليون دولار رغم أنه مُنجز بعد سنوات من فندق العاصمة وارتفعت خلالها الأسعار”، مؤكدا أنّ صديقه من ليبيا كشف له أنّ هناك عمولات كثيرة في المشروع وهي ضمن التكلفة المصرّح بها. وبالتالي تساءل بن قرينة كيف ينجز فندقان متناظران بمبلغ أكثر من الضعف (200 مليون دولار مقابل 85 مليون دولار) مع فارق زمني يفرض أن يكون مشروع وهران أكثر تكلفة من شيراطون العاصمة، لكن وجود الشريك الليبي، يضيف المتحدّث، سدّ الطريق أمام الفساد الكبير. وكشف بن قرينة أنّ تلك المعلومات الخطيرة حول فساد ملزي بلغت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فقد قدّم هو بصفته كوزير ملفّا إلى الرئاسة، متوقّعا أنّ بعض الخيّرين في هذا الوطن (لم يحدّد صفتهم) قدموا كذلك ملفا للرئيس بوتفليقة في هذا المشكل، غير أنه لم يبعده من المسؤوليّة، وعاد بن قرينة ليذكّر كيف بثّ التلفزيون العمومي شتم بوتفليقة لحميد ملزي وسبّه أثناء وضع حجر الأساس لفندق بوهران، قائلاً له “ابتعد عني أنتم توزّعون الأموال تحت الطاولة”، قبل أن يعلّق الرّاوي “لكن هناك قاعدة تقول إنّ من يسبّه بوتفليقة يبقى مسؤولا ومن يشكره يرحل سريعًا، لذلك تركه عشرين سنة”. وفي سياق متّصل، أضاف بن قرينة “كلّمت الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني، مسؤول الاستثمارات السياحية في قطر، وقلت له لماذا لا تستثمرون في بلادنا، فجاء بأمر من أمير قطر ومعه غلاف مالي ب10 ملايير دولار، ليستقبله وزير السياحة حينها، لكنه أكد أمامه أنه لا يقرّر أي شيء، وأنّ عليه الاتفاق مع ملزي”، وفي النهاية، يتابع بن قرينة، رجع ضيف الجزائر خائبًا قبل أن يصارحه بأنهم يطلبون رشاوى كبيرة لا يسمح بلده بتقديمها. ونفس الموقف وقع مع الملياردير السعودي الوليد بن طلال، فقد رتّب له بن قرينة، بعد خروجه من الحكومة، لقاء مع رئيس الجمهورية ورئيس ديوانه العربي بلخير ثم وزير السياحة، لأجل بحث ملف الاستثمار السياحي وشراء فنادق عموميّة، لكنهم أحالوه مرة أخرى على حميد ملزي، ليفرّ الرجل من الفساد ويحط رحاله في المغرب. ع. ع