تتواصل التحقيقات الأمنية في قضايا الفساد الذي تورط فيها رجال الأعمال وأسماء ثقيلة عمرت طويلا في مناصب حساسة في مؤسسات وشركات عمومية، لتفتح الأجندة القضائية هذا الأسبوع بالوزير الأول الأسبق أحمد أويحيى رفقة نجله، ومدير إقامة الدولة سابقا حميد ملزي، وطاهر علاش الرئيس المدير العام لمؤسسة تسيير منشآت ومرافق المطارات. فتحت محكمة سيدي أمحمد تحقيقا قضائيا جديدا ضد الوزير الأول الأسبق أحمد أويحيى رفقة أحد أبنائه، ليصبح بذلك محل متابعة في ملفين، بعد التحقيق معه في قضية تبديد أموال عمومية ومنح مزايا غير قانونية، رفقة محافظ بنك الجزائر الأسبق ووزير المالية الحالي محمد لوكال، حيث تم تحويل ملفيهما إلى النائب العام للمحكمة العليا كجهة مختصة. التحقيق القضائي الثاني مع أحمد أويحيى يخص منح امتيازات وقروض ضخمة لرجال أعمال خارج الأطر القانونية، واستغلال النفوذ ومنح امتيازات غير مشروعة لصالح ابنه لمين، الذي استفاد حسب مصادر مكلفة بالتحقيق من صفقة كبيرة منحت له من طرف القرض الشعبي الجزائري “CPA”، حيث تحصل وشريكه “مهدي .ز” في 6 مارس الماضي، على عقد ضخم باسم الشركة “Unidees”، يتعلق بتوصيل أجهزة ووسائل المعلومات للبنك، إلى جانب الاشتباه في تورط أصحاب الشركة في تحويل أموال من وإلى الخارج بطريقة غير قانونية، فيما فتح ديوان مكافحة الفساد تحقيقا واسعا حول شركة نجل أويحيى بدبي. “معلومات” بن قرينة تورط ملزي أكثر الاسم الثاني المعني بالتحقيق القضائي الجديد هو حميد ملزي، الرئيس المدير العام الأسبق للمؤسسة العمومية للاستثمارات الفندقية، ومدير إقامة الدولة المتواجد رهن الحبس المؤقت للاشتباه في تورطه في قضايا فساد تتعلق بالمساس بالاقتصاد الوطني والجوسسة الاقتصادية، وتورطه في عقد صفقات مشبوهة، مثل إنجاز فندق 5 نجوم على مستوى مطار الجزائر الدولي الجديد بالعاصمة والتي تديرها مجموعة “حياة ريجنسي”. إلى جانب ما كشف عنه وزير السياحة الأسبق، ورئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، بخصوص بيع فيلات موريتي بالدينار الرمزي (سعرها 30 مليارا بيعت ب14 مليون سنتيم فقط)، وكذا منح صفقة إنجاز فندق الشيراطون بالعاصمة بكلفة تقارب 200 مليون دولار مقابل مشروع وهران الذي بلغ 85 مليون دولار، وفندق الدار البيضاء الذي كان هبة من الصين بتكلفة إنجاز قدرت ب45 مليون دولار. ولأول مرة تم فتح تحقيق قضائي ضد الرئيس المدير العام لمؤسسة تسيير منشآت ومرافق المطارات طاهر علاش، وحسب مصادر “الشروق”، فإن التحقيق الأولي باشرته المفتشية العامة للمالية التابعة لوزارة المالية، بخصوص مشروع إنجاز المطار الدولي الجديد الذي كلف الدولة 76 مليار دينار، وحسب المصادر فقد تم الاستماع إلى المشرفين على الإدارة المالية لمؤسسة تسيير منشآت ومرافق المطارات من طرف أربعة أعوان من المفتشية. مشروع مطار الجزائر تحت الأضواء كما يتم التحقيق حاليا في المشروع الذي فازت به الشركة البريطانية Ultra Electroniques، بطرق ملتوية على حساب باقي الشركات المتنافسة، والخاص بتزويد مطار الجزائر الدولي بنظام معلوماتي خاص بالتسيير بتكلفة تتجاوز 700 مليون أورو، وذلك مقابل عمولات تدفعها الشركة البريطانية. ومعلوم، أنه منذ الفاتح أفريل الماضي تحولت الأنظار صوب محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة، أين تم استدعاء وتوقيف العديد من الأسماء الثقيلة فكانت البداية بإيداع رجال الأعمال علي حداد والمدير العام لمجمع سفيتال اسعد ربراب، وأفراد من عائلة كونيناف المالكة لمجمع “كوجي سي”، كما استدعي مدير الأمن الوطني السابق اللواء عبد الغني هامل ونجله أمام محكمة تيبازة، قبل أن تستدعيه محكمة سيدي أمحمد بالعاصمة مرة ثانية في قضية ما يعرف ب”البوشي”، واستدعاء الوزير الأول الأسبق أحمد أويحيى ومحافظ بنك الجزائر والوزير الحالي للمالية محمد لوكال. كما صنعت المحكمة العسكرية، الحدث في 4 ماي الجاري بإعلان النائب العام العسكري لدى مجلس الاستئناف العسكري بالبليدة إيداع الثلاثي السعيد بوتفليقة، المستشار الشخصي للرئيس، ومدير جهاز الاستخبارات الفريق محمد مدين ومنسق المصالح الأمنية الأسبق الجنرال بشير طرطاق الحبس المؤقت بتهم ثقيلة. كما أودع قاضي التحقيق العسكري الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون الحبس المدني بالبليدة، وكان قبلها قد أصدر قاضي التحقيق لمجلس الاستئناف العسكري بالبليدة أمرا بإيداع باي سعيد القائد السابق للناحية العسكرية الثانية الحبس المؤقت وبالقبض على شنتوف حبيب القائد السابق للناحية العسكرية الأولى بتهم تبديد أسلحة وذخيرة حربية ومخالفة التعليمات العامة العسكرية. وبين هذا وذاك يعيش رؤساء ومديرو شركات ومؤسسات عمومية على الأعصاب، خوفا أن تطالهم عملية التطهير، في وقت تم فيه رفع الحصانة عن وزيري التضامن السابقين، جمال ولد عباس وسعيد بركات، للتحقيق معهما في فضيحة فساد بالقطاع تخص الإعانات الموجهة للمعوزين والمعوقين وأطفال المأساة الوطنية.