حرم لاعبو المنتخب الوطني هذه المرة من قضاء عيد الفطر المبارك على وقع الأجواء العالية، وهذا بعدما دخل أبناء المدرب بلماضي في تربص تحضيري تحسبا للتحديات المنتظرة في “كان 2019” بمصر، حيث أدوا صلاة العيد في مسجد سيدي موسى في أجواء تبدو استثنائية، وهذا خلافا لعيد الأضحى المبارك الذي سبق أن تزامن مع مباريات حاسمة للمنتخب الوطني، على غرار نهائيات “كان 2004” بتونس ومباراة زامبيا مطلع سبتمبر 2017 التي جرت خارج القواعد تزامنا مع عيد الأضحى المبارك. من عادة العناصر الوطنية أنها تقضي مناسبة عيد الفطر وسط أهلها وذويها، خاصة وأن ذلك يتزامن مع فترة راحة، سواء مع أنديتها أو مع المنتخب الوطني، لكن عيد هذا العام شكل الاستثناء، بحكم أن المدرب جمال بلماضي برمج تربصا مغلقا في مركز سيدي موسى، في إطار ضبط الساعة مع تحديات الملاعب المصرية، قبل أيام قليلة على موعد “كان 2019” بمصر، وهو الأمر الذي جعل الطاقم الفني يراهن على ربح الوقت والحرص على جاهزية لاعبيه، ما جعله يضحي بفترة قضاء العيد في أجواء العائلية، وهذا حرصا على مصلحة المنتخب الوطني. وكانت العناصر الوطنية قد قضت عيد الأضحى المبارك شهر سبتمبر 2017 في زامبيا، وانهزم “الخضر” بنتيجة 3 أهداف مقابل هداف واحد، وهذا لحساب الجولة الثالثة من تصفيات مونديال روسيا 2018، وهي الخسارة التي زادت في تأزم وضعية المنتخب الوطني حينها، ما مهد للإقصاء من مونديال روسيا قبل الأوان، خاصة بعد البداية المتعثرة ضد الكاميرون التي عجلت بإحداث تغييرات في العارضة الفنية. هكذا صنع أبناء سعدان الفرحة ضد المصريين في “كان 2004” من جانب آخر، تعد دورة “كان 2004” بتونس صورة جميلة للمنتخب الوطني على وقع العيد، وتزامن ذلك مع الفوز المثير الذي حققته تشكيلة المدرب رابح سعدان ضد المنتخب المصري بفضل الهدف الحاسم للمهاجم حسين عشيو، فوز عزز الحظوظ للتأهل إلى الدور الثاني، حيث أن الجماهير الجزائرية لا تزال تتذكر المسيرة التي حققها أبناء المدرب رابح سعدان، على إيقاع الهدف الشهير الذي وقعه اللاعب حسين عشيو في مرمى المنتخب المصري، إضافة إلى قضاء عيد الأضحى المبارك خارج الوطن. وكان شيخ المدربين رابح سعدان قد تعرض لانتقادات سبقت “كان 2004” بعدة أسابيع، بحجة عدم توجيه الدعوة لبعض العناصر البارزة في الساحة الكروية آنذاك، على غرار عمور ودزيري وغيرهما، إلا أن سعدان فضّل الاعتماد على تعداد تشكل من أسماء محلية وأخرى محترفة ممن يرى أنها قادرة على رفع التحدي ومنح الإضافة، على غرار قاواوي وزياني وماموني وبلوفة وزافور وعنتر يحي وعريبي ومنصوري وكراوش وحجاج وشراد وبلماضي وعشيو وبوتابوت وفلاحي وغيرهم. وقد تعادل “الخضر” في مباراة الافتتاح بهدف لمثله أمام أسود الكاميرون بقيادة سامويل إيتو، حيث تقدم الكاميرونيون في النتيجة بفضل هدف باتريك امبوما قبل دقيقتين عن انتهاء الشوط الأول، إلا أن زافور عادل النتيجة في (د52) بقذفة قوية بعد استغلاله ركنية نفذها بلماضي. هدف عشيو صدم الفراعنة في الدقائق الأخيرة وقد كان هذا التعادل في مباراة الافتتاح محفزا مهما لخوض المباراة الثانية أمام مصر، في مباراة محلية مجنونة، حيث افتتح ماموني النتيجة في (د13)، ليعادل الفراعنة النتيجة بعد 12 دقيقة عن طريق أحمد بلال، ليحسم المدرب سعدان خياراته في الشوط الثاني، بإقحام البديل عشيو الذي صنع الفارق، بعدما سجل هدفا تاريخيا قهر به “الفراعنة” في (د86)، اثر هجوم معاكس وعمل فردي انطلاقا من وسط الميدان، حيث راوغ الجميع قبل أن يسكن الكرة بذكاء في مرمى نادر السيد، محدثا أجواء مميزة في ملعب سوسة الدولي، وسط حضور قياسي للجماهير الجزائرية، حدث ذلك رغم النقص العددي طيلة اغلب فترات النصف الثاني من المباراة، بعد طرد ماموني في (د58)، وهو الفوز الذي لم يعجب القنوات المصرية التي شنت حربا شرسة ضد الجزائر، في سيناريو مشابه للذي ساد ملحمة أم درمان 2009. خسارة زيمبابوي لم تفسد فرحة العيد وغياب التركيز تسبب في الإقصاء أمام المغرب وإذا كانت العناصر الوطنية قد انهزمت في المباراة الثالثة أمام زيمبابوي بهدفين مقابل واحد، إلا أن ذلك لم يفسد فرحة التأهل إلى الدور الثاني رفقة الكاميرون، كما لم يفسد أجواء عيد الأضحى الذي قضاه رفقاء عريبي في مقر إقامتهم بسوسة، وهي المناسبة التي تمت في أجواء استثنائية، حيث لم يكن سهلا قضاء يوم العيد خارج الوطن، وقد تم أداء صلاة العيد في مسجد أكودة الذي يبعد عن مقر إقامة “الخضر” ب 3 كلم بسوسة، في الوقت الذي صنع العديد اللاعبين أجواء مميزة، بالنظر إلى أجواء المرح والحيوية التي صنعوها، وكذا مكانتهم بين زملائهم، حيث وصفوا عريبي بأنه إمام اللاعبين، فيما تولى زافور مهمة ذبح الأضحية، قبل أن يساعده زاوي وعريبي وماموني وسعدان وقاواوي وغيرهم في بقية الأشغال، فيما أعفى عنتر يحي نفسه من المهمة واكتفى عشيو بإعطاء الأوامر بالنظر إلى حق الفيتو الذي اكتسبه بعد الهدف التاريخي في مرمى المصريين. وعلى إيقاع أجواء العيد، والمسيرة المسجلة في الدور الأول، التي تصدرها الفوز أمام مصر، خاضت العناصر الوطنية مباراة الدور ربع النهائي أمام المغرب، في أجواء محلية ساخنة، ورغم أن “الخضر” كانوا في موقع جيد لكسب ورقة التأهل بعد هدف شراد في (د83)، إلا أن المغاربة عادوا في الوقت بدل الضائع، بعدما عادل اللاعب شماخ النتيجة في (د90+4)، ما حتم اللجوء إلى الشوطين الإضافيين اللذان عرفا توقيع المنتخب المغربي لهدفين آخرين حسما بهما ورقة المرور إلى المربع الذهبي. تحضيرات ما بعد عيد الفطر تفتح الشهية لتحديات الملاعب المصرية والواضح أن معطيات “كان 2004” تختلف عن مجريات هذا العام، ولو أن القاسم المشترك فيهما هو المدرب الوطني جمال بلماضي الذي كان قبل 15 سنة بثوب اللاعب والآن بثوب المدرب، وهو الأمر الذي يجعله يراهن على فتح شهية التحضيرات تحسبا لتحديات الملاعب المصرية، خاصة وأنه يعول كثيرا على جاهزية لاعبيه، بعدما قام بضبط قائمة ال23 ، وهذا وفق الخيارات التي يرى أنها تتماشى مع متطلبات التشكيلة الوطنية، ويرى بعض المتتبعين أن الفرصة مواتية لتجسيد البرنامج المسطر في هذا الجانب، والذ سيكون مطعما ببعض المباريات الودية لتعزيز اللياقة التنافسية، ليبقى طموح الجماهير الجزائرية هو أن يكون الجميع في الموعد بغية أداء مشوار مشرف في دورة مصر، وبالمرة الذهاب بعيدا في هذه المنافسة، خاصة وأن طموح التتويج أو الوصول إلى ادوار متقدمة يراود الجماهير والمسيرين والطاقم الفني وكذا اللاعبين.