“الذهب الأسود ليس للبيع.. سوناطراك ملك للشعب.. لا لقانون المحروقات.. لا للمساس بالسيادة الوطنية”، هي الشعارات التي رفعها مئات الجزائريين المتجمهرين في ساعات مبكرة منذ نهار الأحد، مطالبين بإسقاط مشروع قانون المحروقات قبل حتى مناقشته بمجلس الوزراء، ونزوله بأمانة المجلس الشعبي الوطني، بعد تسريب مواد، يقال إن القانون الجديد تضمنها، والتي تمنح امتيازات وصفت ب”غير العادية” لشركاء الأجانب. وسط تطويق أمني مشدد، استجاب مئات المواطنين لنداءات المشاركة في الوقفة الاحتجاجية المنظمة الأحد، أمام الغرفة السفلى للبرلمان، تنديدا ورفضا لمشروع قانون المحروقات، الذي أثار الكثير من الجدل حتى قبل عرضه أمام نواب البرلمان بغرفتيه، بعد الانتقادات اللاذعة الموجهة إليه من طرف الطبقة السياسية وخبراء مختصين في الاقتصاد، بحجة تعارضه مع مبادئ السيادة الوطنية بعد منحه امتيازات غير مسبوقة في تاريخ الجزائر على -حد وصفهم- للأجانب. المحتجون طالبوا بالتخلي عن قانون المحروقات، وإسقاطه في المهد، مؤكدين في شعاراتهم التي تداولها بصوت عال أمام قبة زيغود يوسف “لا لبيع ثروات البلاد بثمن بخس للأجانب.. الذهب الأسود والسلطة ملك للشعب”. وشارك في هذه الوقفة الأولى من نوعها، مواطنون إلى جانب عمال شركة سوناطراك وفروعها من ولايات أخرى الذين تنقلوا إلى العاصمة بغية إسقاط مشروع القانون، رغم أن مضمونه الحقيقي لم يتم عرضه لحد الساعة ولا أحد يعلم بشكل رسمي فحوى المواد التي تضمنها. ورغم ارتفاع درجات الحرارة التي بلغت مستويات قياسية الأحد، غير أن المواطنين فضلوا التنقل إلى مقر الهيئة التشريعية للتعبير عن رفضهم لهذا المشروع المبهم – حسبهم- والذي أعاد إلى الأذهان سيناريوهات احتجاجات الغاز الصخري سنة 2014، فيما طالب آخرون بإجراء الفصل في قانون بهذا الحجم، إلى ما بعد الرئاسيات ومجيء حكومة جديدة تتمتع بشرعية أكبر، كما وصفوا حكومة بدوي “بحكومة تصريف الأعمال” ولا يحق لها الفصل في القرارات الاستراتيجية، داعين السلطة إلى التحاور مع الشعب وتنظيم أبواب مفتوحة لشرح مضمون القانون، مرددين “الجزائري يجب ألا يكون آخر من يعلم، فالحكومة مطالبة بتوضيح الأمور التي تهمه والتي ترتبط بسيادة البلاد قبل تقنينها في مشاريع وإرسالها لنواب الشعب”. ويبدو أن نص مشروع قانون المحروقات لم يثر استهجان المواطنين فقط، حيث سارعت الطبقة السياسية خاصة تلك المحسوبة على المعارضة بانتقاد فحواه، معتبرين أن تمريرا بهذا الحجم في مثل هذا الوقت ليس بالقرار الصائب وخطأ يجب استدراكه قبل حدوث عصيان يصعب احتواؤه. وحسب خبراء في الاقتصاد، فإن القانون يجب أن يرفق ببناء مناخ أعمال صحي، ونموذج اقتصادي جديد، ونموذج طاقوي للاستهلاك المتوازن والمستدام، فضلا عن مراجعة كلية للمنظومة الضريبية والجبائية وبناء نموذج جديد لهياكل الدولة والقطاعات الحكومية والجماعات المحلية وتجديد مهامها وأنماط عملها، وضرورة تجنيد الموارد البشرية وطنيا وتدريبها وتأهيلها والحفاظ عليها وبعث مؤسسات التكوين عالي المستوى في قطاع المحروقات والطاقة، ومراجعة شبكة الأجور الوطنية، وبناء شبكة عادلة للأجور ومتوازنة مع القيمة في الأسواق. وكان القانون في قلب المسيرة 34 من الحراك الشعبي يوم الجمعة الفارط أين تعالت نداءات المشاركة بقوة في وقفة أمس أمام المجلس الشعبي. مواطنون يحتجون ضد قانون المحروقات ببجاية اجتمع العشرات من المواطنين أمام مقر وحدة سوناطراك بمدينة بجاية، تعبيرا عن رفضهم لقانون المحروقات الجديد وطالبوا بسحبه الفوري ووصفوه بالعار بشعار “الجزائر ليست للبيع” و”لا للمساس بالسيادة الوطنية” وأشار المحتجون إلى أن الدستور يسمح بل ويحتم على المواطن الدفاع عن ثروات بلاده، حيث تشير المادة 80 منه في هذا الصدد “يجب على كل مواطن أن يحمي الملكية العامة، ومصالح المجموعة الوطنية، ويحترم ملكية الغير”، فيما تقول المادة 18 منه “الملكية العامة هي ملك المجموعة الوطنية وتشمل باطن الأرض، والمناجم، والمقالع، والموارد الطبيعية للطاقة، والثروات المعدنية الطبيعية والحية، في مختلف مناطق الأملاك الوطنية البحرية، والمياه، والغابات”.