تكررت جلسات السمر التي جمعت الضحية "سمير" رفقة خليل جلساته "فيصل"، وكانت هذه الجلسات تنتهي في كل مرة بنشوة الخمر التي تذهب بعقولهم إلى عالم يحكمه الشيطان، إلى أن حدث ما لم يكن في الحسبان..جريمة قتل بشعة. وقائع هذه الحادثة التي هزت إحدى القرى الهادئة جنوب ولاية بومرداس تعود إلى الصائفة الماضية، حينما قرر الصديقان سمير وفيصل الاتجاه إلى إحدى المزارع بالقرية التي اعتادوا الذهاب إليها لقضاء ساعات من الليل بأجسادهم دون عقولهم التي تغيب مع نشوة السكر لتتحول جلساتهما في الكثير من الأحيان إلى مناوشات سرعان ما يقضي عليها الإرهاق الذي يشلّ جسدهما فيستسلمان للنوم. لكن هذه المرة كانت نهاية السهرة على غير العادة، بعدما اشتد الخصام بين الجليسين بسبب دين مالي بينهما حسبما إعترف به الجاني عند التحقيق ليتطور الأمر إلى مشادات عنيفة انتهت بتوجيه فيصل طعنة بخنجره على مستوى بطن سمير، أرداه قتيلا. ولم يكتف فيصل بذلك، بل انهال على وجهه بزجاج قارورة الخمر التي حطمها، مشوها وجه، لينهي جريمته بالتنكيل بجثته، قبل أن ينصرف نحو بيته تحت غطاء الليل الدامس، الذي ستر ما اقترفت يداه في حق خليله الذي تركه في أبشع صور التنكيل. لكن شاءت الصدف أن يمر الشقيق الأصغر للجاني بعد حوالي ساعتين من مكان الجريمة للبحث عن شقيقه، قبل أن يلمح جثة سمير ملقاة وهي في حالة مشوهة، فتملكه الرعب والدهشة وراح يصرخ و يجري مسرعا نحو بيته، مما أثار انتباه بعض الجيران الذين سمعوا الصراخ ولمحوا شقيق الجاني يسرع نحو بيته. حلّ الصباح وكشف شعاع نوره ما أخفته ظلمة الليل، لتصل الشرطة إلى مكان الجريمة وتبدأ في التحقيق الذي لم يدم طويلا قبل أن تصلها شهادات الناس الذين لمحوا شقيق فيصل في حالة غير عادية تزامنا مع وقوع الجريمة. فاستدعي هذا الأخير الذي أنكر ضلوعه فيما وُجّه إليه من تهم، مؤكدا أن حالة الهستيريا التي تملكته بالأمس كانت بسبب اكتشافه للجثة. غير أن الشرطة رفضت التفريط في الخيط الوحيد الذي يربطها بالجريمة، فلم يجد فيصل أمامه من حل سوى الاعتراف بما اقترفت يداه لإنقاذ أخيه البريء الذي أراد القدر أن يقحمه في القضية لكشف حقيقة الجاني. حيث أحيل فيصل على القضاء الذي أدانه بجريمة القتل العمدي مع سبق الإصرار و الترصد، تحت تأثير المخدر، لينال عقوبة السجن بخمسة و عشرون سنة نافذة، قد تكون كفيلة لتقنعه أن الخمر لا يجلب سوى المتاعب و المآسي. شفيق. إ